لماذا نرفض أن نكون أحراراً

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0



لماذا نرفض أن نكون أحراراً
رشيد أخريبيش 
في المجتمعات المتخلّفة كالتي نعيش فيها ،وفي المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة الجهل، ويكثر فيها الإيمان بالأشخاص وتقديسهم ، لا شكّ أنّك تجد المواطن  الذي  يعيش في هذه المجتمعات يرفض رفضا باتّاً أن يكون مستقلا في قراراته،  ويرفض أن يكون  حرّاً في اختياراته ، بل حتّى التّفكير يرفض الاحتفاظ به لنفسه، ربّما لأنّه يعتقد أنّه لا يمكن أن يفكّر بشكل صحيح ،ولا يمكنه أن يتّخذ القرارات  الصائبة، ومادام أنّه عاجز عن ذلك كله، فهو يتيح المجال لظهور  مستبد سيكون بمثابة المهدي المنتظر ،وبمثابة المخلّص الوحيد له من آزماته، وهكذا يسقط في المحظور،  ويكون  بذلك قد منح الشّرعية للصوص الأحلام   ويكون بذلك قد تنازل عن كرامته من أجل أن يحيا عبدا لهؤلاء .
في مجتمعنا المتخلّف المريض غالبا ما تُصدق أغلبيتنا أسطورة السيّاسي المخلّص من الأزمات  الذي يعني في الواقع  القاهر الذي يكذب على المقهورين دون توقّف ، فيصدقونه  ويمنحونه  تفويضا للبقاء في السلطة إلى أن يشاء الله.
السيّاسي المستبد مع مرور الأيام قد يظهر على حقيقته، وقد تنكشف مسرحياته وقد يسقط مهما علا شأنه ، غير أنّ المقهور الذي استُبد به والذي تنازل عن كرامته من أجل أن يحيا هؤلاء، ربّما يرفض أن يتعلّم الدّروس ويرفض أن يستيقظ من سباته ويصرّ  دائماً على إعادة سيناريو التّنازل لانتاج استبداد أكبر .
لا نعرف لماذا يتناسى المقهور ظلم القاهر واستعباده وتجاوزاته؟ ولماذا يتسامح معه مع أن هذا القاهر قد ضيع عليه وعلى بلده فرصة التغيير وفرصة بناء الوطن؟ ولماذا يُصرّ على التّمهيد لعودة قاهر جديد بعد أفول القاهر الأول ؟
مشكلتنا في هذه المجتمعات أنّ نصفنا يخاف التّغيير ونصفنا الآخر يرفضه بحجة أنه لا يستطيع عليه صبرا ،وأنّ هناك من سيغيّر نيابة عنه ، وبين هذين الصنفين يضيع التّغيير ويضيع الأمل وتغيب الحرية ويسود الاستبداد.
في المجتمعات المريضة العاجزة المشلولة كالتي نعيش فيها  تكاد تجزم بأنّ المنطق السّائد هو منطق التّنازل عن كل شيء  والرضوخ لأي كان، لأنّ الشّعب الذي يتنازل عن كل شيء  ببساطة هو شعب لا يجيد التّفكير ،ولا يعتمد  على نفسه ولا يتصوّر أن يُغيّر خارج منطق من رسموا له حدود التغيير .
 بما أنّ  المواطن في هذه  المجتمعات لا  يعتمد بتاتاً على نفسه ويرفض أن يكون هو من يقود التّغيير ،وبما أنّه يتنازل عن حقوقه  طواعية لمن يعتبره  مخلصا فإنه سينتظر دائماً الخلاص على يد الآخر الجديد، وهذا الآخر  غالبا ما يكون قاهرآ جديداً مثل سابقه، وهكذا تتسع دائرة الاستبداد ويكون الأمر كله للمستبد ، والضحايا دائما أبناء الشعب الذين رفضوا أن يكونوا أحرارا .
#كل عام وأنتم إلى الحرية أقرب 

0 تعليق على موضوع "لماذا نرفض أن نكون أحراراً"


الإبتساماتإخفاء