العذر أكبر من الزلة سيدي الوزير

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


23/10/2017
رشيد أخريبيش
قبل أيام قليلة ،سارعت وزارة التربية الوطنية إلى نشر لوائح الأساتذة المتغيبين، وقد بررت ذلك بكون ما نشر هدفه إخبار آباء وأولياء التلاميذ بأسماء الأساتذة المتغيبين لا غير .

جميل جدا أن نراقب غياب الأساتذة ، وجميل أيضا أن يكون لدى الوزارة كل هذا الحرص على مصلحة أبناء الوطن، لكن أن نجعل من ذلك فزاعة ، وأن يتم نشر أسماء لأساتذة منهم من تغيب لأسباب صحية أمام أنظار الرأي العام، فهذا أكبر زلة سقطت فيها وزارة السيد حصاد.

بما أن الوزارة حريصة على مصلحة التلميذ، وبما أنها في خدمة أبناء الشعب ،كان عليها قبل أن تقدم على هذه الخطوة أن تتأكد أولا مما هو معمول به في شأن تغيبات الأساتذة، فالمعروف في كل المؤسسات التعليمية أنها تنشر لوائح الأساتذة المتغيبين في سبورة الغياب ،ألا يكفي هذا لإبلاغ التلاميذ وأولياء أمورهم ؟أم أن مصلحة التلميذ تقتضي نشر أسماء الأساتذة في مواقع إلكترونية وجرائد وطنية ودولية والتشهير بهم 
نشر لوائح لأساتذة استفادوا من رخص مرضية ليس له أي مبرر على الإطلاق، والتشهير بهم يمكن اعتباره إساءة مقصودة إلى أسرة التعليم، وضرب لحقوقهم التي يضمنها لهم القانون، وخرق لمقتضيات المذكرة الوزارية التي أصدرتها الوزارة في شأن الحفاظ على السر المهني.

كنا ننتظر من سعادة الوزير أن يبدأ في إصلاح المنظومة عبر القضاء على الفساد المستشري في القطاع ، كما كنا ننتظر منه أن يعلن الحرب على الأشباح

الذين لا وجود سوى لأرقام تأجيرهم في قطاع التعليم ، لنفاجأ بمن هم على رأس القطاع يغيرون الأنظار صوب الأستاذ الذي هو الحائط القصير الذي يقفز عليه الكل من أجل تبرير فشله.

قبل تغيبات الأساتذة وقبل نشر أسماء هؤلاء للعموم، وقبل اتهام الأستاذ بتقصيره في حق أبناء الشعب ،قبل كل هذا كان على السيد الوزير أن يخبر الرأي العام عن أبناء الشعب المغربي الذين لم يسمعوا بالمدرسة ولم يحلموا أبدا أن يكونوا داخل أسوارها ، وكان عليه أن يعلن عن أسماء المؤسسات التعليمية في العالم القروي التي هي عبارة عن بنايات لا تصلح حتى للمواشي ومابالك بتدريس أبناء الشعب . كما كان عليه أن يخبرنا بحجم الأموال التي تخصص لإصلاح المؤسسات التعليمية ولا نرى لها أثرا في الواقع، كما كان عليه أن يطلعنا على أصحاب التعويضات الخيالية الذين أهلكوا قطاع التعليم فسادا ، كما نريد من سيادة الوزير أن يخبر المغاربة عن أولئك الذين أفسدوا في قطاع التعليم وعن عدد الذين تمت محاكمتهم جراء ما اقترفته أيديهم من فساد في حق أبناء الوطن.
مشكلتنا نحن المغاربة أن من يأتي على رأس قطاع التربية والتعليم يحاول أن يترك بصمته على حساب الأستاذ، ويحاول أن يبرر فشله بواسطة الإساءة إليه، وهذا ليس بجديد فكل من تعاقب على هذا القطاع، كانت سهامه موجهة إلى صدور الأساتذة دون غيرهم.
 اعذرني سيدي الوزير فالفساد في المغرب أصبح ثقافة، وهذا لا يقتصر فقط على قطاع التعليم، وإنما في جميع القطاعات، وهذا راجع إلى غياب المحاسبة الشيء الذي جعل البيئة المغربية أنسب لنمو الفساد وتمادي المفسدين .فما قيمة نشر اللوائح إذا لم تتبعه المحاسبة؟ وما قيمة التشهير إذا كان القانون في البلد لا يأخذ مجراه لمعاقبة المفسدين.

رجاء ارحموا عقول المغاربة ولا تحاولوا أن تصنعوا من الهزائم نصرا عظيما، فقطاع التعليم يحتاج إلى أكثر من المذكرات ومن المخططات، ويحتاج كذلك إلى أكثر من لوائح التشهير بالأساتذة، فالإصلاح يحتاج إلى إرادة سياسية قوية من

أجل النهوض بقطاع التعليم ،أما الاستمرار في توجيه سهام النقد إلى الأستاذ وتحميله ما لا يستطيع ،فهذا لن يؤدي سوى إلى مزيد من الهزائم

0 تعليق على موضوع "العذر أكبر من الزلة سيدي الوزير "


الإبتساماتإخفاء