الوطن ليس على ما يرام

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


رشيد أخريبيش
26/08/2017 
دائما ما نحاول أن ننظر إلى بلادنا بنظرة تفاؤلية ، ودائما ما نحاول أن نقنع أنفسنا بأنّ الوطن في تحسّن، وربما في تغيير مستمر حسب ما يشاع في إعلامنا الذي يصوّر لنا أنّ المغرب قطع أشواطاً في مجال الممارسة الدّيمقراطية، و أصبح يضاهي عدداً من الدّول الغربية التي تضرب لنا مثلا في الديمقراطية وحقوق الإنسان ،لكن من ينظر من النّاحية الواقعية، ومن يتابع ما يحدث في البلد سيعتقد أنّه لم يحصل أي تغيير يذكر، اللّهم إذا كانت الشّعارات الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
لم يعد في وطننا ما يبعث على التفاؤل، ولم يعد فيه ما يجعلنا نأمل فيه خيرا خصوصاً بعد أن توالت النكسات على الشعب من كل حدب وصوب.
من شاهد عملية اغتصاب فتاة داخل حافلة أمام أعين الراكبين والسائق، سيتأكّد أنّ البلد يسير نحو المجهول و يمر بانعطافة خطيرة ، بل هي الأخطر من نوعها لأنّه على أعتاب الفوضى التي بدأت تعمّ أرجاء البلاد، والتي ربما ستحصد الأخضر واليابس في الأيام القادمة إن هي تفاقمت، وهذه ليست نظرة تشاؤمية أو سوداوية للواقع المغربي، وإنما نظرة واقعية لما يحدث، دون تحليل سياسي أنيق كما يفعل الكثير منا، ودون أصباغ أو تزييف للواقع .
أن يتمّ تجريد فتاة من ملابسها فهذا يعني أن الوطن دخل مرحلة الانفلات الأمني، وكل ما يقال عن أنّ الوطن يعيش حالة من الأمن والاستقرار، مجرد أسطوانة مشروخة يتمّ تقديمها على مسامع المغاربة ليل نهار.
قصّة الفتاة التي تمت تعريتها وسط الحافلة من طرف مجموعة من المكبوتين ليست حالة عرضية، وإنّما استمرار لمسلسل الانفلات الأمني الذي تعاني منه كل المدن المغربية. 
المواطن مهدّد في سلامته الجسدية في كل مكان، في الشارع ،في المنزل ،في الحافلات ،وفي الإدارات ،الكلّ مهدد بالاغتصاب ،والكل مهدّد بالاعتداء عليه ومع ذلك هناك أصوات لازالت تردّد أسطوانة الاستثناء.

هل عجز بلد الاستثناء الذي صدّعوا به رؤوسنا على حماية المواطنين داخل الحافلات العمومية ؟هل وصل بنا الحال إلى أن نشاهد فتياتنا يُغتصبن أمام الكاميرات وعلى المباشر دون أن يجدن من يحميهن؟
لا نعرف ما هو دور الدولة إذا كانت قد تخلّت عن حماية المواطنين ؟ماهو دورها إذا كانت قد أطلقت العنان للمشرملين ولقطاع الطرق ليعيثوا في البلاد إجراماً دون حسيب أو رقيب؟
لا نستغرب إن تزايد عدد ضحايا الاعتداءات وكذلك الاغتصابات، فالدولة التي من المفروض أن توفر الأمن غائبة عن المشهد تماماً،ومن الطبيعي أن يصل الانفلات الأمني إلى هذا الحدّ الذي شاهدناه لأنّ هناك من يتسامح مع هذا الإجرام وهناك من يفتح المجال لهؤلاء المجرمين لارتكاب جرائم أكبر وأخطر.

قد يقول قائل إنّنا نصور المغرب بصورة قاتمة، وهذا ليس عدلاً وقد يقول البعض إنّنا محظوظون في هذا البلد السّعيد بوجود قوات الأمن تسهر على حماية المواطنين، قد يكون هذا صحيحاً، لكن لا أحد يستطيع أن يقنعنا بأنّ المغاربة يعيشون في أمن واستقرار، خصوصا بعد تكرار حوادث الاعتداءات على المواطنين دون أي حماية تذكر.
الدّولة فقدت البوصلة وهي الآن غارقة في التناقضات ،ومع ذلك تحاول الهروب من الواقع، وتحاول أن تصوّر البلد جنّة الفردوس التي لا يزول نعيمها، وهي لا تريد بذلك أن تواجه واقعها، وهذا في اعتقادنا سيزيد الوضع تعقيدا. 
البلد ليس على ما يرام، والدّولة بدأت تفقد هيبتها ،والمواطن يعيش المآسي ،و الوطن على وشك الانهيار ،والدروس تُلقن لنا يوميا فهل من معتبر ؟

0 تعليق على موضوع "الوطن ليس على ما يرام "


الإبتساماتإخفاء