حتّى لا يُنسينا الحمير قضيّة التغيير.

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


 رشيد أخريبيش
13/08/2017
أعتقد أنّنا بالغنا كثيراً في خبر اغتصاب الحمير، وأخذ منّا هذا الموضوع أكثر من اللازم مع أنّنا نعرف أنّ هذا الموضوع ليس بجديد في وطننا ، فأغلب المغاربة يركبون الحمير وينامون مع الحمير ولا يجدون حرجاً في اغتصاب الحمير تلك هي قصص المغاربة مع الحمير . لكن يجب ألا يُنسينا موضوع الحمير قضايا هذا الشعب الأسير .

هم يُريدون أن يُحوّروا النّقاش عن قضايا الشّعب المركزية، يُريدون أن يُقنعوا المغاربة بأنّهم بهائم لا تصلح للديمقراطيّة، يريدون أن يجعلوا من قضيّة الديمقراطية قضيّة ثانوية ، وهم بذلك يُعدُّون شعباً لا يُفكّر سوى في النوم والأكل والجنس إن استطاع إليه سبيلا .
نحن لا يهمنا الحمير أيّها السادة بقدرما ما يهمنا التغيير ، فعندما نجد أنّ هناك أصواتاً حرّة تطالب بالحرية والكرامة، وتطالب بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، يحاولون التشويش عليها بفضائح جنسيّة ، ويحاولون بثّ الفُرقة بين عموم الشعب الذي يجمعه الظلم ويجمعه القهر .
لو أنّ الشعب تحدّث عن معاناته مثلما يتحدث عن حوادث الاغتصاب لربما أَسمع صوته إلى من يهمهم الأمر ، ولو أنّه ناقش قضاياه بمثل هذه الجُرأة التي ناقش بها قضية اغتصاب أنثى الحمار لربما أرغم ساسته ومن يديرون شؤون بلده بالنزول من أبراجهم العاجية لسماع اهات هذا الشعب الذي يُغتصب في اليوم عشرات المرات .

الشّعب المغربي اغتصب في كل شيء في الحقوق في الأموال في الديمقراطية وهم بصدد اغتصابه في كل ما تبقى لديه كرامة ومع ذلك لا يثير كل هذا الاغتصاب
حفيظة الكثير من أبناء الشعب الذين يثيرهم اغتصاب "حمارة "
من المخجل جداً أن يُثيرنا اغتصاب الحمير ولا يثيرنا اغتصاب الشعب، من العيب جداً أن تجد شعبا يتألم لاغتصاب حيوان ولا يتألم لاغتصاب إنسان، وكأنّ الإنسان المغربي قدر له أن يصبر على الظلم وعلى القهر وعلى الاغتصاب 
لماذا ينتفض الشعب من أجل الحمير وفي المقابل يتنكر للمواطن الأسير؟ لماذا نتعاطف مع قضايا الكبت والجنس وما جاورهما مع العلم أنّنا نعرف أسبابها وفي المقابل نتخلى عن تعطافنا مع قضايا إنسانية كان من الواجب علينا أن تكون من أولوياتنا؟ 
الآن الرّيف على شفا الانفجار والمواطن الريفي محاصر من كل الجوانب جوا وبرا وبحرا، ليس لشيء سوى أنّه يطالب بالمستشفى وبالجامعة ويطالب بالكرامة، ولم نر من الشعب كل هذا التعاطف الذي رأيناه مع "الحمارة المسعورة" التي تم اغتصابها بشكل جماعي .
قُتل في الريف من قتل، واعتقل من اعتقل وهناك مطالبات بإعدام المعتقلين السياسيين على خلفية الحراك، لم يحرك ذلك فينا شعرة ولم يحرك فينا أي تعاطف يُذكر، ولم ننبس ببنت شفة ،ولم يصدر منّا ما يندّد بذلك، بل ولم تظهر طيلة عمر الحراك تلك الجمعيات الحقوقية على غرار جمعيات ما تقيش حمارتي التي ظهرت فجأة تطالب برأس المغتصبين. 
أي مفارقة تلك التي نشاهدها في المغرب؟ أي تناقض هذا الذي نعيشه داخل وطننا؟أي منطق هذا الذي يحكمنا؟ وأي شعب هذا الذي ينتفض من أجل الحمير وينسى في المقابل شعبا بأكمله يعيش الويلات.
يوما بعد يوم نتأكد أنّنا شعب مكبوت لا تثيره سوى مواضيع الجنس وما دون ذلك من ديمقراطية ومن كرامة ومن عدالة اجتماعية فلا أعتقد أن ذلك يثير فينا شيئا.
نعم نريد التغيير ولا نريد أخبار الحمير ،نريد تغييرا يقطع مع الفساد والمفسدين ، تغييرا يُخرجنا من ظلمات الظلم ،تغييراً يحفظ لهذا الشّعب كرامته. لكن هل نحن حقا نمتلك مقوّمات هذا التغيير ؟وهل لدينا القدرة على هذا التغيير ؟
الجواب بالتأكيد لا ،نريد التغيير لكن ليست لنا الشجاعة الكافية لمواجهة هذا التغيير، وهذا مؤلم للغاية وهو يؤكد بما بما لا يدع مجالا للشك أنّ دم المغاربة لا يغلي إلا على الأمور التافهة التي لا تتجاوز الحيض والنكاح أما أن يغلي دمنا على الفساد وعلى المفسدين ،وأن يغلي على الديكتاتورية وعلى القمع وعلى الظُّلم فهذا مستبعد على الأقل في وقتنا الراهن .
كل عام والحمير في قلب التغيير

0 تعليق على موضوع "حتّى لا يُنسينا الحمير قضيّة التغيير."


الإبتساماتإخفاء