الكاتب رشيد أخريبيش: وإذا عزفت فاعزف من وراء حجاب

وإذا عزفت فاعزف من وراء حجاب 
رشيد أخريبيش 

تجنّبا للوقوع في الحرام، ودرءاً للاختلاط المنهي عليه في الدين،  اختارت مستشارات من البيجيدي في  الحفل الذي تم تنظيمه بمناسبة تخليد اليوم العالمي للمرأة بأكادير، أن تبعد كومانجي  ينتمي إلى فرقة موسيقية نسائية، عبر وضعه في عازل من الثوب الأبيض فوق منصّة الحفل، وذلك امتثالا لأوامر الله عزّ وجلّ الذي منع المرأة من الاختلاط  بالرجال، وهذا من الأشياء التي تثلج الصدر، وتؤكّد بما لا يدع مجالا للشّك أنّه لا خوف على الدّين، ولا عن تعاليمه، خصوصا إذا كان حماة هذا الدّين من آل العدالة والتنمية.

الأخوات المستشارات السيّدات العفيفات اخترن أن يحتفلن باليوم العالمي للمرأة على أنغام "الكمنجة" وفضّلن أن يحتفلن بعيدا عن الرجال بإستثناء الكومنجي الذي احتفظن به في الداخل، وقررن  أن يضعنه في عازل من الثوب ،ليعزف من وراء حجاب، وليطرب من في قلبه شغف على الموسيقى وعلى الأنغام التي يبدو أن السيّدات المحترمات يفضّلن سماعها من وراء حجاب. 

الطرب حلال والسماع إلى الموسيقى جائز شرعا فهي ترويح عن النفس خصوصا للنساء السيّاسيّات اللواتي يتعبن كثيرا في عالم السياسة، أما الاختلاط فهو حرام بنصّ الكتاب والسنة والكومنجي الذي تمّ الاحتفاظ به وراء الحجاب ضرورة فرضها اليوم العالمي للمرأة  والضرورات كما يعلم الجميع تبيح المحظورات، لذلك لا بأس أن يستمتعن بعزفه العذب دون رؤية وجهه الذي يعتبر فتنة بالنسبة للأنيسات الفضليات. 

الملاحظ أن آل العدالة والتنمية الذين يصنِّفون أنفسهم ضمن التيار المحافظ، أو ضمن التيّارات الإسلامية، يعيشون حالة انفصام قصوى خصوصا عندما يواجهون واقع المغرب الذي يسعى فيه الكل إلى الالتزام بقيم الحداثة والديمقراطية، فتجد هؤلاء يتغنّون بالحداثة وفي المقابل يعملون ضدها، فكيف بمن انخرط في مسلسل الإصلاح الذي بدأ فيه المغرب أن يسير عكس ذلك ويخشى الاختلاط ؟ وكيف بمن قبل بدستور تنصّ فصوله عن المناصفة وعن المساواة بين الرجل والمرأة، أن يغرّد خارج السرب، ويتنصل من كل تلك الالتزامات ويفكّر بعقلية تتنافى والمرحلة الجديدة . 

لم نعد نفهم هؤلاء ولم نعد نفهم بأي عقلية يفكرون ، ولا نعرف ماذا يريدون ؟هل يريدون الحداثة أم يريدون غيرها؟ هل يريدون الانفتاح أم يريدون التشبث بالدين وبتعاليمه؟ أم أنهم يريدون أن يجمعوا بين الانفتاح والدين، وبين الحداثة واللاّحداثة؟

المرجو من الذين يقررون العزف أمام الانيسات الفضليات من آل العدالة والتنمية، أن يلتزموا بالقوانين وبما جاء في نظام هؤلاء، خاصة أن يلتزموا بالعزف من وراء حجاب، وأن يعملوا كل ما في وسعهم من أجل ألاّ تقع أعينهم في أعين الأخوات، وأن يتجنبوا الرقص أمام أعينهن مخافة السقوط في المحظور ،وعليهم أن يطربوهن من وراء حجاب، فالأخوات المؤمنات حريصات على ألاّ يقعن في الاختلاط .