يوم أن داس الجرار على أحلامنا

الكاتب بتاريخ


 رشيد أخريبيش 14 /8/2015 

لمدة كنت من المقاطعين للإنتخابات لم أكن يوما أؤمن بشيء إسمه الإنتخابات خصوصا في بلد كالمغرب الذي استشرت فيه أمراض التزوير وشراء الذمم وكل أنواع الممارسات اللاشرعية ولكن رغم كل ذلك قررت بعد تفكير طويل دخول معترك السياسة كان أملي الكبير أن أغير أحوال القرية مسقط رأسي وأدافع عن مصالح أبنائها،وأسمع صوتها إلى المسؤولين لإخراجها من ذلك التهميش الذي طالها . 
بدأت التفكير في الحزب الذي سأتقدم به للإنتخابات، بعد تفكير طويل قررت أن أدخل غمار المنافسة  بحزب الأصالة والمعاصرة برغم  سمعته السيئة لأنني كنت أعتقد أن هذا الحزب مثله مثل أي حزب آخر الكل يسبح في فلك المخزن والكل يضع مصلحته الشخصية فوق كل اعتبار وليس هناك حزب في الساحة المغربية يستحق أن ننضم
إليه. 
قررت أنا ومجموعة من الأصدقاء من الذين كان لديهم حلم مثلي، أن نتصل بالمنسق الجهوي  للحزب طلبنا منه التزكية ،وبما أن الحزب كان يحاول أن يغطي أكبر عدد من الدوائر الانتخابية وبما أن منطقتنا لم يكن للإصالة والمعاصرة فيها مكانا وبما أنهم كانوا يبحثون عن أصوات الناخبين في الجهة  قبلوا بلا تردد ومنحونا رزمة من التزكيات "ببلاش " 
بعد أن حصلت على التزكية توجهت إلى السلطة المحلية لوضع ملفي للترشح للإنتخابات كان هناك عدد هائل من المواطنين ينتظرون الحصول على الوصل المؤقت ،دخلت كغيري استقبلني القائد الجديد سألني عن الحزب الذي أنوي الترشح به أجبته "حزب الأصالة والمعاصرة " كان من بين الحاضرين رجل ربما ينوي الترشح  سأله القائد عن إسم الحزب فأجابه "الكتاب" فصرخ في وجهه "أنا لم أطلب منك  رمز الحزب بل إسم الحزب فأعاد المسكين ترديد الكتاب أشفقت لحاله ولأحوال ثلة من الأميين الذين يتدافعون من أجل الترشح للإنتخابات دون أن يعرفوا حتى أسماء أحزابهم وهنا تذكرت أحدهم قال لي هل أنت مع "العصارة والمعاصرة  " 
خرجت من القائد وبوادر الانتكاسات ظاهرة لي ،قصدت مقهى سعيد حيث يجتمع الشباب فلا صوت يعلو فوق صوت الإنتخابات ولا حديث إلا على شراء الذمم ومظاهر الإطعام الجماعي التي أصبحت عادة في المنطقة التي أعلنت فيها ترشحي. 
وأنا جالس في المقهى اتصل بي صديق عزيز الملقب "بالشخص" سألني عن أحوالي وعن الحزب الذي اخترته أجبته إنني حصلت على التزكية من الأصالة "أخبرني بأنه ينوي الترشح باسم البام شجعته على ذلك بالرغم من معرفتي بالخطأ الجسيم الذي ارتكبته حين اخترت حزب الأصالة والمعاصرة .
انقطع الاتصال، توجهت إلى مقهى الهبوب، المكان المفضل لساكنة أيت الراية، حيث هناك التقيت مع بعض رؤوس الحربة من الذين يعدون العدة لجمع الأصوات لمرشحهم ، طلبوا مني أن أجلس معهم ،استجبت لدعوتهم وقلت ربما أستطيع إقناع هؤلاء بالتصويت لصالحي جلست معهم لما يقرب ساعتين، بدا لي كلام بعضهم غير منطقي وأنهم لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء وظهر لي أن بحثهم كله عن الزرقة وكذلك المرقة .
بعد حديث مطول فهمت منه أن هؤلاء لن يقتنعوا حتى لو أتينا لهم بحجج الأرض كلها وحتى لو أحضرنا لهم أفضل السياسيين لأنهم يفهمون أن الانتخابات تساوي الزرقة وكل كلام يخالف ذلك هراء ما بعده هراء، قررت أن أتخلص منهم بطريقة ما لم أجد أفضل من أن أضبط منبه الهاتف ،لكي أتخلص بطريقة حضارية من جمعهم هذا  بحجة أن شخصا ينتظرني أمام المنزل، اعتذرت منهم تنفست الصعداء خرجت من المقهى وعيني على المنزل كي ارتاح قليلا من عبث السياسة ومن أخبارها، في الطريق إلى المنزل التقيت صديقي الحسن المناضل المعطل الذي سلب منه حقه في وضح النهار بدا وكأنه ساخط على الوضع من ألفه إلى ياءه ،قال لي  واقيلا  توغت "اكدرهوط" واقيلا كنتي مع دوك الرهوط "
أجبته نعم قال لي نصيحة أقلقتني بعض الشيء لكنها كانت الحقيقة التي سأقف عندها بعد انتهاء الإقتراع. راك غير كتحرق فدمك أما دوك الناس راه بغاو ليشريليهوم الطحين.
أجبته  بهدوء المنكسر ين الذين اصابتهم الخيبات "على الله " حنا عوالين على الشباب " هؤلاء الشباب الذين كنت أرى فيهم مستقبل القرية فإذا بهم يثبتون لنا أن ظننا بهم قد خاب وخسر، ودعت سي الحسن عدت إلى المنزل، وجدت أمي جالسة أمام التلفاز ،قبلت لها رأسها قالت لي الله ارضي عليك "إوا ميتكيت " إوا أشدرتي " أجبتها ضاحكا "أودي السياسة كولها خواص ههههه" غير الله يستر وصافي، 
سألتها عن شيء  من الطعام يمكن أن أسد به جوعي، قالت حقك من الدواز باقي ،سعدت   بالدواز الذي سأرسله إلى معدتي التي تتضور جوعا ولم أسعد بالناخبين الذين سأرسلهم إلى مكاتب التصويت ،خاصة عندما أشم فيهم رائحة  الغدر تنبعث منهم كلما تكلمت معهم وكلما وعدوني وعد الكذب الصادق. 
جلست مع أمي نتذاكر حول السياسة وحول أخبارها وحول بعض الشفارة كما يحلو لأمي تسميتهم، أخبرتني أن أبي أوصاها بأن أمكث في البيت ليلا وأن ابتعد عما يمكنه أن يسبب لي الأذى خصوصا في مجتمع لا يعرف إلا لغة العنف. بقيت معها حتى حان وقت النوم ،دخلت البيت أطفأت الأضواء استلقيت على فراشي وتمنيت أن أنام مطمئنا دون أن أتذكر السياسة التي من فرط سماعها والاحتكاك بها لم أعد أحتمل  سماعها. 

  

0 تعليق على موضوع "يوم أن داس الجرار على أحلامنا"