صيحة الإنتخابات

الكاتب بتاريخ

 24/08/2015 
أعلنت وزارة الداخلية عن موعد
الانتخابات بدأنا نحن أيضا في التسابق للظفر بأصوات الناخبين قررنا أن نتصل بالحزب فيما يتعلق بطباعة أوراق الإنتخابات  لتقديمها للناخبين وكذلك سيرنا الذاتية التي كنا نعتقد أن الناخبين سيمنحونها اهتماما كبيرا خصوصا وأننا في عهد الدستور الجديد وعهد الإصلاحات
التي وعد بها من حملوا لواء التغيير ،لم نجد جوابا من لدن الحزب ولا من أنصاره المنعمين الذين وعدوا فأخلفوا وعدهم في بداية الطريق. 
بعد إحساسنا بالجفاء من حزب كنا نعرفه سابقا قصدنا إحدى المكتبات لإعداد ما يكفينا من الأوراق لتوزيعها على المواطنين، وجدنا المكتبة 
تعج بالمغرر بهم من أمثالنا، انتظرنا قليلا حتى انتهت الفتاة الجميلة من عملها مع الضحايا الذين سبقونا ،تحدثت معنا بلغة المرحب بالضيوف وعينها على ما نحمله من أموال، لا ما نحمله من صور ومن مهن كان أغلب من تقدموا للإنتخابات يكذب فيها أملا في الظهور بقوة أمام الجمهور الذي لا يكترث إلا بالزرقة والمرقة كما سنفهم  ذلك لاحقا .
طلبت منا أن نمدها بمعلوماتنا ثم طلبت منا أن نغادر حتى نعود في المساء، كلفنا صديقنا عادل بالرجوع إليها، وعدنا أدراجنا إلى حيث أعلنا ترشحنا وكان صديقنا المرشح برمز الزيتونة كما يحلو له أن يقول لنا قد أعادنا إلى عين المكان نحن الثلاثة بسيارته  آمنين غير مطمئنين على مستقبلنا السياسي آملين أن يحالفنا الحظ مع ثلة من الفاسدين، الذين لهم باع طويل في نهب المال العام، وهذا التخوف طبيعي في ظل وجود مثل هذه الكائنات التي لا تتورع في استعمال العنف والمال العام في الحملات الانتخابية. 
قصدت المنزل وجدت أبي وأمي ينتظراني على أحر من الجمر،  وكأن بهما خوف على مستقبلي لأنهما يعرفان أن الدخول في معترك السياسة أمر خطير خصوصا في تلك المناطق التي أعلنا فيها ترشحنا .
خاطبني أبي بلغة من في قلبه سخط على االسياسة وأهلها، قال لي بالحرف الواحد "نيخاك بعد الخواض " حاولت إقناعه أن البلد تغير وأن الشباب سيغيرون الواقع المزري الذي كنت تعرفه أنت في السابق، كانت أمي من حين لآخر تشفق علي وتحاول إقناع أبي بتجربتي السياسية  لكن كل المحاولات باءت بالفشل فقناعة أبي بالجو الذي تمر فيه الإنتخابات في منطقتنا جعلته عصيا  على الاقتناع مهما حدث ،وإلحاحه على اعتبار الإنتخابات من الموبقات السبع جعلني أعتقد أن الواقع صعب وأنه لا يمكن لنا أن نخرج سالمين غانمين كما كنا نعتقد،فكرت مليا في التراجع عن ذلك الخطأ الذي ارتكبته خطأ الترشح لكن دائما كنت أخشى من كلام المجتمع الذي لا يرحم نقيا  إذا أراد أن يتراجع عن لعبة أبطالها كلهم  احترفوا الغش والتدليس .
غادرت المنزل متوجها إلى مقهى "أيت الرايس" حيث هناك يجتمع المواطنون والمرشحون وفيها يتبادل الناس أطراف الحديث حول الانتخابات،قبل الدخول إلى المقهى سمعت صوتا يناديني فإذا به  مدير حملة مرشح التقدم والاشتراكية الذي  سيكون منافسي في الدائرة التي ترشحت فيها، بعد أن ألقى علي التحية، قال لي بثقة عالية إن النجاح سيكون حليفنا وأن المرشحين الأربعة بما فيهم أنت لا يملكون من أصوات الناخبين  سوى ما يمكن أن يعد على رؤوس  الأصابع، قلت له أهلا وسهلا بمرشحك، إن هو استطاع أن يفوز بأصوات الناخبين، وأهلا وسهلا بكل شخص يرى في الديمقراطية طريقا للوصول إلى مركز القرار. 
انتظرت في المقهى حتى جاءني اتصال هاتفي من  صديقي عادل يخبرني بأن ما اتفقنا عليه هو موجود عنده، وأنه في انتظاري ليمدني به، ذهبت عند صديقنا  ياسين صاحب المخدع الهاتفي وجدت عادل حاملا للعديد من الأوراق التي تحمل سير المرشحين الذاتية وكذلك صورهم التي غالبا ما تكون صورا بربطة عنق مزيفة تم إعدادها بالفوتوشوب.
أخذت ذلك منه  شكرته شكرا جزيلا، عدت إلى المنزل استلقيت على فراشي، وخلدت إلى النوم آملا بيوم جديد يحمل معه الأمل الذي يجعلنا نجدد ثقتنا في تجربتنا السياسية التي أصابتنا بسببها الخيبات. 

0 تعليق على موضوع "صيحة الإنتخابات"