دلالات إعدام الشيخ النمر وآفاعيل آل سعود

الكاتب بتاريخ
دلالات إعدام الشيخ النمر وآفاعيل آل سعود 
رشيدأخريبيش
أكثر ما يقلق الأنظمة الاستبدادية في أوطاننا هم الأشخاص المعارضين، الذين يرفضون العيش تحت الإستبداد، والذين لا يخافون في الدين ولا في الديمقراطية لومة لائم، والذين يشهرون في وجه النظام سلاحا فتاكا ،ألا وهو دعوة الشعوب إلى الثورة ضد هؤلاء الحكام الذين عاثوا في البلاد خرابا.
ما أقدمت عليه المملكة العربية السعودية هذه الأيام من سلسلة إعدامات، يظهر حقيقة هذه الأنظمة التي تحكم البلدان العربية وفي دول المغرب الكبير   ، ويظهر بشكل كبير خوف تلك الأنظمة  من التغيير،  الذي تقاومه بكل الوسائل التي تصل في بعض الأحيان إلى حد   إزهاق أرواح الناس بغير حق. 
مشكلة الأنظمة الاستبدادية في أوطاننا،  أنها لا تقبل من يعارضها، ولا تقبل حتى من يقدم لها النصح، أو حتى من يرشدها إلى الطريق الصحيح، فكل من خرج عن البيعة الشرعية حسب منطق هؤلاء الحكام  يستحق الموت،  ويستحق اللعنة إلى يوم الدين، لذلك تراهم يتضايقون من الديمقراطية ومن الذين يدعون إليها، 
ويحاولون شيطنتهم بكل ما يملكون من قوة .
الكل يعرف أن إعدام الشيخ النمر  هو صورة مصغرة لسلسلة من الإعدامات و الإختطافات التي تقدم عليها السلطات السعودية ضد كل من يعارض حكم آل سعود .والشيخ النمر كان من الذين يدعون  الشعب السعودي إلى الإنتفاض ، والثورة ضد هؤلاء الذين يحكمون الشعب إلى ما لا نهاية ، لذلك وجدت السلطات في تهمة إثارة الفتنة الطائفية ذريعة للتخلص من الشيخ ومن المعارضين الذين يبدو أنهم يؤرقون آل سعود، ويفسدون عليهم فرحة الإجهاز على الثورات، التي كان من الممكن أن تشتعل في المملكة ،لولا أن آل سعود تصدوا لها تارة بقمع المعارضين، وتارة أخرى بالعوائد التي كان النظام السعودي غالبا ما يوزعها على المحيطين به  من أجل تمديد حكمه  .
 الخطوة التي أقدمت عليها السعودية  أثارت جدلا واسعا في الأوساط السعودية ،وخارج الحدود ،وخصوصاً في إيران العدو اللدود الذي هو في حرب غير مباشرة مع آل سعود. سواء في العراق أو في سوريا أو في اليمن الذي يعرف حربا طاحنة بين التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبين  الحوثيين، والتي لم تضع أوزارها إلى حدود كتابة هذه السطور برغم كل ما أزهقته من أرواح ،وبرغم ما أحدثته من خراب في اليمن .
إعدام الشيخ النمر ومجموعة من المعارضين  يحمل في طياته أكثر من دلالة. أول هذه الدلالات، أن هذه الإعدامات جاءت بعد أيام من دعوة زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي الشعب السعودي إلى الخروج على حكام آل سعود، والانتفاضة ضدهم، الشيء الذي ردت عليه السعودية بهذا الشكل ،حيث أرادت أن تقول للشعب السعودي، ولكل من يفكر في إشعال الثورة في السعودية أن مجرد التفكير في ذلك خطيئة كبرى ، وأنه لا خيار للشعب السعودي سوى طاعة  السلطان حتى لو صلى سكران،و حتى لو أجرم أو خان وحتى لو باع الأوطان كما قال أحمد مطر، فالسعودية تعرف أن الشعب لم يعد يتحمل أن يعيش تحت سطوة حكام آل سعود، وأنه ينتظر الفرصة السانحة لإعلان البراءة منهم  ،لذلك كانت شديدة في التعامل مع الأصوات الحرة ،حيث بدأت بالزج بهم في غياهب السجون، وانتهت بوضع حد  لحياتهم عبر سلسلة الإعدامات التي ما أنزل الله بها من سلطان. 
الدلالة الثانية التي ربما كانت وراء إعدام الشيخ النمر الرجل الشيعي السعودي المثير للجدل،  هو أن المملكة السعودية أصبحت في وضع لا تحسد عليه، خاصة بعد عجزها عن تحقيق أهدافها  بسبب الدعم الإيراني للحوثيين  في اليمن السعيد الذي حولوه إلى يمن مشؤوم،  وكذلك دعم إيران للنظام السوري الذي كانت أنظمة خليجية تراهن على سقوطه. الشيء الذي أقلق حكام آل سعود وجعلهم يتخذون مثل هذه الخطوات ،فالسعودية بعد أن عجزت عن مواجهة الدعم الإيراني الغير المباشر الذي أرهقها، اختارت أن تواجه إيران أو ما تسميه بالمد الشيعي، وتجعل من ذلك الصراع الخفي صراعا ظاهريا، لتحشد وراءها كل الحاقدين على إيران وعلى مخططاتها الرامية إلى دعم الشيعة في كل الدول، وها نحن قد رأينا كيف سارعت السعودية إلى قطع العلاقات مع إيران وطرد دبلوماسييها بعد المظاهرات الحاشدة أمام سفارة السعودية في إيران. 
مسلسل إعدام المعارضين لن يزيد سوى من تعقيد الوضع في الداخل  السعودي وخارجه، والدخول في حرب طائفية مع إيران سيؤدي إلى  المزيد من إراقة  الدماء في صفوف الشعوب  التي تؤدي ثمن تلك النعرات الطائفية التي أهلكت الحرث والنسل .
القتل تحت أي ذريعة لا يجوز، ولا يمكن تبريره، وتصفية المعارضين ليس حلا لتجنب الثورات ،فالشعوب مهما طال خنوعها ومهما طال صمتها فإنه سيأتي اليوم الذي تقول فيه لهؤلاء الحكام ارحلوا وعاركم في أيديكم، بسبب القمع الذي مارسوه  عليها، وبسبب الدماء التي علقت في أيدي حكامه الأخيار. يكفي أن تعود هذه الأنظمة إلى التاريخ وتقرأ قليلا لتعرف أن القتل لم يكن أبدا سبيلا نحو النجاة من شر الثورات، وأن القضاء على المعارضين هو مسألة صعبة خاصة إذا كان كل الشعب يعارض هذه النظام ويسعى جاهدا للإطاحة به. كل عام والطغاة يستعبدون الشعوب.

0 تعليق على موضوع "دلالات إعدام الشيخ النمر وآفاعيل آل سعود"