خطاب السيسي في الهند : عندما تحاضرالعاهرة في الشرف .

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

‫‏رشيد أخريبيش‬
رئيس الإنقلاب في مصر خرج على العالم من جديد وأعلن عن خطة جديدة في الدورة الثالثة لقمة (الهند-الإفريقية ) حيث أكد الزعيم الملهم الذي جاء عبر انقلاب دموي قتل فيه الآلاف من المواطنين الذين رفضوا التصفيق له والذين رفضوا أن يقادوا مثل القطعان، أكد عن خطة للتعاون والشراكة بين الهند والدول الإفريقية من أجل مواجهة التحديات.

من تابع كلام الزعيم أو القائد المبجل في نظر من صفقوا له، سيعتقد أن كلامه كان منطقيا وكان جديا لأن الشراكة هي أساس تقدم البلدان و هي السبيل نحو تحقيق الازدهار، لكن لا يجب أن يقرأ هذا الكلام على عواهنه ولا يجب أن نحلله تحليلا سطحيا كما يفعل الكثير من الكتاب، وخاصة كلام المتسلطين الذي غالبا ما يحمل في عمقه سما زعافا يقدمونه إلى شعوبهم في مثل هذه القمم المشؤومة .
إذا كان الرئيس المصري الغير الشرعي قد تحدث عن الشراكة، وإذا كان قد أكد على ضرورة التعاون، فإنه لا يقصد بذلك الشراكة الإقتصادية ولا يقصد بذلك الشراكة في مجالات التنمية التي تعود على بلدان المنطقة بالخير، وإنما ما يقصده الرجل بالشراكة هو التعاون بين الأنظمة الديكتاتورية من أجل قمع الشعوب، ومن أجل تحقيق التنمية للحكام ولأبنائهم الذين أعاد لهم السيسي إمكانية التربع على عروش آبائهم بعد أن كانوا على وشك أن يفقدوا آمالهم بعد ثورات الربيع الديمقراطي التي أجهضت من طرف حكام الخليج الذين كانوا يخشون هذه الثورات فأوقفوها في بدايتها وشيطنوا كل من كان وراءها، كل ذلك من أجل أن تستمر الديكتاتورية ومن أجل أن تتكاثر وتتناسل في أوطاننا ويصبح الاستبداد هو القاعدة وتصبح الديمقراطية هي الاستثناء .
نقول للرئيس المصري الذي جاء عبر انقلاب دموي ليتربع على عرش أسلافه من المتسلطين وليكون الآن بين إخوانه من الزعماء في قمة الهند ، نم قرير العين أيها الزعيم الأبدي تمهل أيها الرسول الملهم كما يلقبك أزهرك الشريف فإخوانك في الديكتاتورية والذين وجهت لهم الكلام والذين أرسلت لهم الرسالة، هم أدرى بمن يهدد عروشهم وهم يعملون منذ سنين على التعاون من أجل إفشال كل المحاولات لإزاحتهم عن السلطة ،دون الحاجة إلا أن يستمعوا إلى خطابك أيها القائد الأعلى ،ولا تنسى أن هؤلاء الزعماء الذين تنصحهم هم من قدموا لك النصح وهم من دعموك لقتل الشعب، وهم من ساعدوك ونجوك ببدنك من ثورة شعبية لتكون مثالا للحاكم المستبد الذي يسبح بحمده الشعب ويهابه .
نحن نعرف جيدا أن حكامنا العظام لا يعقدون شراكات لتنمية البلدان ولا يسارعون إلى نقل تجارب الدول المتقدمة في مجال الديمقراطية ولا في انتقال الحكم بشكل ديمقراطي، ولا يناقشون خططا من أجل تحقيق أحلام الشعوب التي تتوق إلى معانقة الحرية والكرامة، وإنما على العكس من ذلك فهذا كله يرهب أصحاب القصور ويرعب عشاق مص دماء الشعوب ،لذلك تأخذهم العزة بالتسلط كلما شاهدوا شعبا ينتفض من أجل إسقاط الصنم الذي يحكمه بل ويستعملون كل الوسائل من أجل أن يتراجع هذا الشعب ويبقى الصنم صامدا، ويبقى له من يعبده من هذا الشعب من دون الله، تلك هي آماني الحكام المتسلطين. 
التعاون الذي يقصده السيسي والذي أكد عليه في قمة نيودلهي هو تعاون شبيه بالتعاون الذي قامت به الأنظمة الديكتاتورية فيما بينها إبان الثورة المصرية ، وشبيه بالتعاون الذي عقده هؤلاء الزعماء عندما قرر الشعب الليبي أن ينتفض ضد القذافي وهو نفس التعاون الذي أجمعوا عليه عندما ثارت تونس الخضراء وأزالت البساط من تحت أرجل اللص بنعلي الذي هرب بأموال الشعب، وفي إطار التعاون الذي تحدث عنه السيسي في قمة الهند استفاد بنعلي من إقامة مريحة في مملكة الديمقراطية عند آل سعود، وفي إطارها أظهروا للعالم حرصهم الكبير على التعاون فيما بينهم في مجال حماية الديكتاتورية والتسلط وحماية اللصوص الذين يسرقون شعوبهم عبر استقبالهم في الإقامات الفخمة من طرف إخوانهم في التسلط من الذين مازال الشعب لم يزلزل بهم الأرض .
إلى كل الشعوب المظلومة في أوطاننا إلى الذين أهلكتهم سياسة الطغاة في هذه البلدان لا تحلموا كثيرا بكلام هؤلاء الزعماء الذين يتحدثون من أبراجهم العاجية، ولا تثقوا في كلامهم المنمق والذي يراد من خلاله إرغامكم على الإعتقاد بأن هؤلاء الزعماء أهل بالحكم وبتحمل المسؤولية فلا تنتظروا الدروس من السيسي ولا من أمثاله الذين صفقوا له منذ أن قرر الاستيلاء على السلطة، والذين أجازوا له قتل آلاف النفوس بغير حق، والذين تراهم يطبلون له في هذه القمة ويشيدون بكلامه عن الديمقراطية وعن التنمية. 
مثل كلام السيسي عن التنمية وعن التعاون و عن الشراكة كمثل العاهرة التي تحاضر في الشرف مع اعتذاري للعاهرة التي هي أشرف من سيادة الزعيم وأشرف من سعادة إخوانه من المتسلطين الذين أجهضوا حلم الشعوب ،وأشرف من المتملقين الذين يصفقون للباطل والذين يسبحون بحمد الأنظمة الديكتاتورية آناء الليل وأطراف النهار.

0 تعليق على موضوع "خطاب السيسي في الهند : عندما تحاضرالعاهرة في الشرف ."


الإبتساماتإخفاء