‏أمازيغ الجزائر وحق تقرير المصير

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

‏رشيدأخريبيش‬
قبل أيام سمعنا عن خبر مطالبة المغرب في ذكرى السبعين لتأسيس الأمم المتحدة ،بمنح الأمازيغ في الجزائر حق تقرير المصير من أجل الاستقلال وتكوين دولة على أرض تامزغا وفك الارتباط بالنظام الجزائري، وهذا ما أطلعتنا به وسائل الإعلام المغربية و العالمية والتي أعطت اهتماما واسعا لهذا الموضوع الذي يعتبر سابقة في تاريخ الصراع المغربي الجزائري حول الصحراء التي مازالت قضيتها حبيسة رفوف الأمم المتحدة لم تعرف حلا إلى حدود كتابة هذه السطور، وهي التي عمرت طويلا حيث الصراع قد بدأ منذ سنة 1975 عندما صدرت محكمة العدل الدولية رأيا إستشاريا فيما يخص الوضع القانوني لمنطقة الصحراء، وها نحن على أبواب سنة 2016 والحال مازال على ماهو عليه حيث الأمور تتطور وتزداد تعقيدا بسبب بعض الأنظمة التي لا تريد حلا لهذه القضية والتي تذكي الصراع من أجل تغييب الشعوب عن المطالبة بالديمقراطية .

جميل جدا أن نطالب الأمم المتحدة بأن تعيد النظر في مطالب الأمازيغ الذين يحلمون بتكوين دولتهم، وجميل أيضا أن نكون من الذين يساندون الشعوب من أجل تقرير مصيرها ، وذلك تماشيا مع المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، والمادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة الأولى من الميثاقين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبالحقوق المدنية والسياسية، والمادتين الأولى والرابعة من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية كل هذا جميل ومن الأشياء التي تشرفنا كمفاربة جميعا، خاصة أن نقف جنبا إلى جنب مع كل المظلومين في كل أنحاء العالم، وأن نكون عونا لهم في نضالهم من أجل تحقيق أحلامهم. لكن مع ذلك هناك سؤال يطرح لماذا لا يكون الحديث عن الأمازيغ إلا عندما نكون أمام صراعات من هذا النوع؟ ولماذا نعترف بحق الأمازيغ في تقرير مصيرهم في الجزائر بينما نحن نهمشهم في وطننا ونهمش لغتهم وثقافتهم ونحاول طمس هويتهم التي تضرب في العمق؟ ثم لماذا لم يتم الإعلان عن هذا الموقف إلا في هذا الوقت بالذات؟
الأمازيغ يعرفون جيدا أن منطقة تامزغا هي أرض أجدادهم وهي الوطن الذي يستطيعون بناء أحلامهم فيه، كما يعرفون أن على هذه الأرض وقعت تجاوزات في حقهم ، وحيكت ضدهم كل أنواع المؤامرات حتى أوصلتهم إلى ما هم عليه الآن، كما يعرفون أيضا أن نضالهم من أجل استعادة الأمجاد ضرورة لا بد منها، بالرغم من وجود أنظمة ديكتاتورية تتصدى لأحلام هؤلاء وتحاول الوقوف في طريقهم. كل هذا معروف ونضالاتهم ضد التسلط والقمع تظهر بشكل كبير إرادة هؤلاء نحو تصحيح الأخطاء التي ارتكبها الأجداد في حق الأرض وفي حق الهوية وفي حق الوطن أيضا. 
لكن ما لا يعرفه بعض الأمازيغ الآن وخاصة الذين ينساقون وراء تلك المواقف، والذين يصدقون مثل هذه المسرحيات التي تظهر زورا وبهتانا حرص هؤلاء على الأمازيغ وعلى حقهم في تقرير مصيرهم. 
فما لا يعرفه الأمازيغ أن هؤلاء يستعملون الأمازيغ كورقة للضغط على الطرف الآخر ،وكأسلوب لجعل الخصوم يستسلمون ولا تهمهم مصلحة الأمازيغ، ولا يهمهم حق تقرير المصير كما يدعون ،بل هو حق أريد به باطل كما يقال، ولدينا من المبررات ما يكفي من أجل أن نثبت لك أيها القارئ الكريم صحة ما نقول وصحة تخوفنا من مثل هذه الدعوات المغرضة، التي يراد من خلالها استعمال الأمازيغ في كل الصراعات الدائرة واستعمال لغتهم للاسترزاق عليها، والضغط بها وكأنهم كراكيز يحركونهم متى شاءوا وفي أي وقت شاءوا. 
عندما كنا نكتب عن الأمازيغية وعندما كنا نعتقد أن هناك مخططات ترمي إلى تهميش الأمازيغية ،كنا نواجه هجوماً شرسا من البعض الذين كانوا دائما ما يتهموننا بأننا دعاة فتنة ومن المروجين للصراع العرقي، وبأننا أعداء للأخوة التي تجمع المغاربة وبقدرة قادر تجدهم الآن يهتفون بالموقف المغربي وتراهم يشيدون به ويهتفون بحياة "القبايل" في الجزائر وبحقهم في الإنفصال بالرغم من أن هؤلاء كانوا عما قريب من أشد الناس عداوة للذين آمنوا بالأمازيغية وبحقوقهم المشروعة في هذا الوطن .
من كان يناهض المشروع الأمازيغي ككل أصبح الآن يعترف للأمازيغ في الجزائر بحق تقرير المصير، ومن كان يعتبر الأمازيغ خطرا محدقا بالوحدة أصبح الآن يعتبرهم أصحاب حضارة تضرب في التاريخ وأصحاب حق يعود لقرون من أجل بناء وطن وإعادة تكوين أنفسهم على أرضهم. 
لا أحد يستطيع أن يصدق هذا الكلام وهذا الحرص الكبير الذي أظهره دبلوماسيو بلدنا على الشعب الأمازيغي، ومن يصدقه إما أنه من الذين تعودوا على على أن يصفقوا للباطل، أو من الذين ينساقون وراء تلك الدعوات دون علم مسبق بما يدور في الكواليس وفي الغرف المظلمة .
يجب أن نعرف جيدا أن من يريد أن ينصف الأمازيغ لا يهمش الأمازيغ في بلده، ومن يحاول أن يساعدهم على تقرير مصيرهم في الجزائر، لا يعتبرهم دعاة فتنة في المغرب، ولا يتهمهم بالتعصب لمجرد أنهم ينادون بحقوقهم المشروعة، ومن ينتصر للأمازيغ ويدعو المنتظم الدولي لإعادة الإعتبار لهم لا يهمش لغتهم بالرغم من دسترتها والكل يعرف قصة تدريس اللغة الأمازيغية وما تبعها من كلام حول تعميمها في أرجاء الوطن .
من يريد أن يدعم الطرح الأمازيغي أيها السادة لا يتغاضى الطرف على الممارسات العشوائية التي تقوم بها بعض النيابات وبعض الأكاديميات فيما يتعلق بتدريس الأمازيغية حيث بدأت موجة إسناد مهمة اللغة العربية للأساتذة المتخصصين في اللغة الأمازيغية ،وهذا يعلمه الجميع كما تعلمه وزارة السيد بلمختار التي تشرف على قطاع التربية والتعليم أيضا . 
من يريد أن يدعم الشعب الأمازيغي هو نفسه من يتلذذ بعذاباته في الجبال دون أي شروط للحياة الكريمة، وهو نفسه من يجعل من هؤلاء مجرد أرقام تحتاجهم الدولة في أوقات الإنتخابات لا غير. 
من يحرص على مصلحة الشعب الأمازيغي، لا يتبع منهجا إقصائيا للأمازيغ حتى عندما يريدون ممارسة حقوقهم المشروعة التي تضمنها لهم قوانين البلاد يكفيك أن تقرأ عن الكثير من الأمازيغ الذين تم رفض تسجيل أبنائهم في الحالة المدنية لمجرد أن أسماء هؤلاء أمازيغية لا تستقيم والمنهج التعريبي الذي سلكته الدولة منذ خروج المستعمر. 
من يريد الخير للأمازيغ لا يقدم الأمازيغ كأقلية في المغرب من خلال نتائج الإحصاء التي خرجت بها علينا وزارة الداخلية والتي حددت فيها نسبة الأمازيغ في المغرب ب 28% في صورة بشعة أظهرت فبركة هؤلاء لكل ما يحدث في البلاد ولكل ما يتعلق بكل ما هو أمازيغي 
لسنا ضد موقف المغرب الداعم لانفصال القبائل الأمازيغية في الجزائر ،ولسنا من الذين يقفون في طريق الشعوب كحجرة تعثر، على العكس من ذلك فنحن سنبارك أي خطوة من شأنها ان تعترف للشعوب بمصيرها كيفما كانت هذه الشعوب وفي أي أرض كانت ولكن فقط نريد أن نكون منطقيين بعض الشيء لأن الواقع يظهر أن قضية الأمازيغ ما استعملت إلا في مثل هذه الصراعات وما اهتم بها أصحاب القرار إلا لجعلها كورقة ضغط ،وهذا لن يشرف الأمازيغ، ولن يقبلوا به مادام انه يخدم مصالح البعض على حساب قضاياهم المصيرية .
قضية الصحراء تحتاج إلى دبلوماسيين لهم من الحنكة ومن التجربة ومن الكفاءة ما يكفي للدفاع عن الوحدة الترابية، وليس إلى أمثال هؤلاء الذين يحاولون اللعب بقضايا لن تخدم مصالح الشعب ولن تعطي سوى مزيدا من الفشل لقضايا المغاربة جميعا ونحن قد رأينا كيف كان فشل الدبلوماسية المغربية مخزيا إلى أبعد الحدود عندما قررت السويد الإعتراف بجبهة البوليساريو، حيث وجدنا أن الدبلوماسية المغربية التي تكلف الشعب أموالا طائلة لم تستطع أن تقنع دولة السويد بالعدول عن موقفها الداعم لجبهة المرتزقة وراحت تهرول بين إعلان الحرب على الشركات، وبين تحريض الشعب على الخروج إلى الشارع للوقوف ضد رغبة السويد الرامية إلى الإعتراف بجبهة البوليساريو. هل هذه هي الدبلوماسية التي نعول عليها كمفاربة لتدافع عن قضايانا وهل هذه هي الدبلوماسية التي ستقنع الأمم المتحدة بحق الشعب الأمازيغي في تقرير مصيره؟ لا نعتقد ذلك على الإطلاق والأيام بيننا.

0 تعليق على موضوع "‏أمازيغ الجزائر وحق تقرير المصير"


الإبتساماتإخفاء