ألم أقل لكم إن مشاركتنا في عاصفة الحزم كانت خطأ؟

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

رشيد أخريبيش
عندما قررت السعودية إعلان الحرب على اليمن ،كنا قد انتقدنا ذلك وقلنا بالحرف الواحد ، إن الحرب دعم للطائفية وإذكاء لنار الفتنة التي ستحرق اليابس والاخضر ، لكننا واجهنا نقدا لاذعا من المتحمسين لهذه الحرب ، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث اتهموننا بانتمائنا للشيعة ، لكن بعد أيام من تلك العمليات التي تقودها قوات التحالف ضد الحوثيين، وبعد سقوط المئات من الضحايا من اليمنيين ،وبعد أن تم إسقاط طائرة مغربية من طراز إف 16 واختفاء الطيار، عدنا لنسمع عن انتقادات موجهة إلى هذه الحرب التي أعلنتها المملكة العربية السعودية، وإلى مشاركة المغرب فيها ، والتي كلفته الكثير ،خاصة مصير الطيار الذي ما يزال مجهولا حسب ما أعلنه المتحدث باسم عاصفة الحزم .

الحرب على اليمن سببت في أزمة كبيرة ،والوضع كارثي بامتياز وذلك بشهادة الجميع ، وعدد الضحايا لا يحصى ، والبنية التحتية في أرجاء اليمن دمرت بالكامل، وهذا ما حصل بسبب الحرب التي أعلنتها السعودية بدافع إعادة الشرعية كما تسميها إلى اليمن، بعد انقلاب الحوثيين على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي ، 
فالإعلام الموالي للمملكة السعودية اختار أن يقلب الحقائق في اليمن ،وتعود أن يظهر فقط صور الضحايا من الحوثيين ،دون أن يظهر ولو صورة للمدنيين الذين يقتلون يوميا في هذه الحرب ، وكأن عاصفة الحزم وطائراتها عند قصفها للمدن اليمنية تميز بين الحوثي وغير الحوثي .
المغرب تم إقحامه في هذه الحرب دون أن يضع في الحسبان تكاليفها ، والمغاربة جميعا يتساءلون الآن عن مصير الطيار ويتمنون ألا يتكرر معه مشهد معاذ الكساسبة الذي أحرقه تنظيم الدولة الاسلامية في العراق، بعد أن تم إسقاط طائرته أثناء مشاركته في الحرب على التنظيم .
إسقاط الطائرة المغربية واختفاء الطيار، هو بداية الحرب التي ستستمر طويلا وهي حرب استنزاف لدول التحالف ، فإذا كانت المملكة العربية السعودية تؤكد اقتراب عاصفة الحزم من تحقيق اهدافها في اليمن ودحر الحوثيين الانقلابيين كما يسمونهم ، فإن الواقع ينذر بعكس ذلك تماما ويظهر بما لا يدع مجالا للشك أن اليمن على صفيح ساخن ، خاصة بعد تكثيف الحوثيين لهجماتهم بدعم من قوات الرئيس المخلوع عبد الله صالح،على مدن عديدة في اليمن وعلى مدن سعودية على الحدود مع اليمن، وخاصة مدينة نجران التي لم تعد آمنة بسبب الصواريخ التي تسقط عليها في كل وقت وحين .
صحيح أن هناك حديثا عن الهدنة الانسانية في اليمن بعد أن ساءت أحوال اليمننين وبعد تحميل المنظمات الدولية المسؤولية لقوات التحالف ، لكن هذا لا يعني أن الحرب قد انتهت، وأن دول التحالف ستعيد طائراتها إلى قواعدها ، بل الحرب لن تضع أوزارها لعدة اعتبارات، منها أن السعودية أصبحت تحت رحمة صواريخ الكاتيوشا التي يطلقها الحوثيون على مدن بالجنوب السعودي، وهو ما كلف السعودية إرسال أرتال من القوات البرية والمعبأة بالعدة والعتاد العسكري، كذلك من الأشياء التي تنذر باستمرار هذه الحرب، هو فشل قوات التحالف في تحقيق الأهداف وخاصة عودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي ما يزال في السعودية منتظرا ما ستأتي به نتائج عاصفة الحزم بالإضافة إلى الانتكاسة الأخيرة التي سببت حرجا كبيرا لقوات التحالف ، وخاصة سقوط الطائرة المغربية التي قلبت الموازين حيث من شأن ذلك أن يرفع من معنويات الحوثيين للاستمرار في القتال ، وسيجعل من استسلامهم أمرا مستبعدا .
مخطئ من يعتقد أن الصراع في اليمن سينتهي قريبا بعد أن تحقق عاصفة الحزم أهدافها كما يروج لذلك من طرف السعودية ، ومخطئ من يعتقد أن القضاء على الحوثيين سيكون بعد أيام من القصف سيجبرون فيه على رفع الرايات البيضاء ، لأن الحرب لا تحسم جوا ، ولنا في تنظيم الدولة في العراق وسوريا خير مثال على ذلك فبالرغم من أن أمريكا وحلفاؤها من الدول الغربية والعربية قد دخلت في حرب ضد التنظيم جوا، إلا ان ذلك لم يحسم الحرب ، بل التنظيم ما يزال ينفذ هجماته إلى حدود الآن ،وهذا غير مستبعد في اليمن .
المغرب بلد افريقي لا علاقة له بما يجري في اليمن من صراع على السلطة ، ولا علاقة له بالحوثيين الذين تقول السعودية إنهم يهددون أمنها وأمن دول الخليج ، وهو بعيد عن الحرب الطائفية الدائرة في المنطقة بين ايران والسعودية ، لذلك لم يكن من المنطقي أن يشارك المغرب بطائراته في هذه الحرب ، ولا أن يدفع بأبناء المغاربة في مثل هذه المغامرات التي ستكون تداعياتها خطيرة على امن البلاد واستقراره ، خاصة وأن حدة العداء من طرف اليمنيين للدول المشاركة في تزايد مستمر .
علينا جميعا أن نعرف أن الدخول في مثل هذه الحروب الطائفية، لن يزيد إلا تعقيدا للوضع ،بل وسيضع حدا للتعايش بين الدول الإسلامية التي كانت تربطها علاقات الود والاحترام منذ قرون ، وهذا ما نتخوف منه، ونتمنى ألا يحدث ذلك ، فنحن في أمس الحاجة إلى بناء هذه العلاقات وتجنب الصراعات الطائفية، التي ما دخلت بلدانا إلا وخربتها عن بكرة أبيها .

0 تعليق على موضوع "ألم أقل لكم إن مشاركتنا في عاصفة الحزم كانت خطأ؟"


الإبتساماتإخفاء