القناة الثانية نموذج واضح للإعلام المضلل‬

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

‏بقلم رشيد أخريبيش‬
عادة في أغلب الأنظمة ‫الديكتاتورية‬ التي تصل إلى السلطة بطريقة غير شرعية ، نجد أن الإعلام يتحدث بلسان الحاكم الديكتاتور، ويحاول تصويره على أنه الإله المعظم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،كما أنه يسعى جاهدا إلى تضليل الشعوب والتعتيم على كل الحقائق التي من الممكن أن تجعل هذا الشعب يفقد ثقته في هذا الحاكم ، ولنا في عالمنا أمثلة كثيرة على هذا الإعلام الذي لا يمت بصلة إلى الإعلام الهادف الذي يسعى إلى تنوير الرأي العام .

كلنا شاهدنا ذلك الاعتذار الذي قدمته القناة الثانية إلى مشاهديها 'الكثر"، على اثر التقرير الذي اعتبر عاصفة الحزم التي شارك فيها المغرب، مع دول التحالف الخليجي على الحوثيين في اليمن بالعدوان ،حيث عادت القناة في نشرة لاحقة واعتبرت أن ما قدمته الصحفية في التقرير كان خطأ، وأن المفردات التي استعملت كانت في غير محلها لتلقي اللوم على الصحفية لوحدها دون غيرها .
من شاهد ذلك الاعتذار سيظهر له جليا قمة التضليل الذي تمارسه القناة الثانية على الشعب المغربي ، وسيفهم جيدا أن ما تقدمه هذه القناة ،لا علاقة له بالإعلام الهادف الذي يساهم في إظهار الحقائق ، فإذا كانت القناة الثانية تعتبر ما جاء في التقرير من وصف عاصفة الحزم وبعدها عاصفة الأمل بالعدوان على اليمن كان تقصيرا من الصحفية نادية أوحتى ، فماذا عن أولئك الذين ظهروا في التقرير من الحوثيين الذين استنكروا تلك العمليات التي تقوم بها قوات التحالف ضد اليمنيين ؟ وماذا عن رئاسة التحرير التي سمحت بإدراج هذا التقرير بعد إعداده ؟ولماذا لم يأت ذلك الخطأ إلا بعد أكثر من شهر على عاصفة الحزم ؟
الزميلة نادية أوحتى التي أعدت التقرير نعرفها جيدا ونعرف كفاءتها، ولا نعتقد أنها في إعدادها للتقرير سيختلط عليها الأمر بين عاصفة الأمل كما يحلو للبعض تسميتها، وبين العدوان الذي لا تريد الدول المشاركة في الحرب سماعه، حتى لو كان ذلك يستهدف المدنيين العزل، كما هو حاصل الآن في اليمن ، فتقرير القناة الثانية ليس خطأ والصحفية التي أعدت التقرير كانت تعرف جيدا ماذا يعنيه هذا التقرير، والذين قاموا بإدراجه لابد وأنهم قاموا بمراجعته قبل إدراجه ضمن النشرة ، لذلك ليس هناك ما يؤكد ما ادعته القناة الثانية من أن الخطأ كله من نصيب الصحفية التي أعدت التقرير ،فهذه الأخيرة إن اتخذ في حقها أي قرار فإنها ستكون ضحية للخط التحريري المضلل الذي اتبعته القناة منذ عقود ،والشعب المغربي يعرف جيدا ما نقول ويعرف ماذا قدمت القناة الثانية منذ أن خرجت إلى الوجود عام 1989.
كل المؤشرات تؤكد أن ذلك التقرير لم يكن خطأ من الصحفية التي أعدته ، وإنما كان فعلا مقصودا بعد أن توترت العلاقات بين الرباط والرياض بعد مقتل الطيار الطيار المغربي الذي كان قد شارك في الحملة العسكرية على الحوثيين، خاصة بعدما راجت أخبار عن تقصير السعودية في جهودها لإعادة جثة الطيار، حيث التقرير تزامن مع اليوم الذي شيع فيه جثمان الراحل بحتي ، كذلك من الأشياء التي قد تكون ساهمت في ظهور مثل هذه التقارير هو زيارة "الأمير مولاي هشام " إلى المملكة العربية السعودية وهو ما قد يقلق الرباط كون مولاي هشام غالبا ما ينتقد السلطة بالمغرب ويتهجم عليها، لذلك من الممكن جدا أن نعتبر استقباله من طرف السعودية هو من الأشياء التي جعلت مثل هذه التقارير تخرج للعلن، وليس أخطاء الصحفيين كما يحاولون إقناع المغاربة .
إن المتتبع لكرنولوجية التقارير في القناة الثانية سيفهم جيدا ماذا يعنيه التقرير الآخير، الذي اعتبر التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين بمثابة عدوان على الشعب اليمني ، بل وسيتأكد أن هذه القناة سبق وأن استعملت نفس الأسلوب المضلل قبل أشهر،خاصة بعد أن توترت العلاقات بين المغرب ومصر بسبب الخرجات الإعلامية المصرية التي كانت تسيء دائما للمغرب ، حيث سبق للقناة أن أعدت تقريرا مماثلا يصف السيسي بالانقلابي أسوة بزميلتها القناة الأولى التي كانت هي الأخرى قد ذهبت في نفس الاتجاه .
قنواتنا الإعدامية لم يعد لديها ما تقدمه للشعب المغربي سوى الكذب ، ولم يعد لديها ما تنتجه سوى المسرحيات التي تضحك بها على ذقون المغاربة جميعا ، فالشعب المغربي أصبح في نظر هذه القنوات الإعدامية مجرد قطعان من الأغنام يمكن قيادتها ويمكن استئجار رعاة لها ، فكيف تسمح هذه القنوات لنفسها أن تبث تقريرا يصف ما وقع في مصر بانقلاب على الشرعية ،وتعود بعد ذلك لتصف ذلك الانقلاب بالثورة وتضفي عليه طابع الشرعية ؟ بل وكيف لبعضها أن تصف ما يقع في اليمن من تحالف تقوده السعودية بالعدوان ، ثم تتراجع عن ذلك وتعتبره خطأ من الصحفية أليس ذلك استخفافا بعقول المغاربة الذين يدعمون هذا الإعلام من عرق جبينهم ؟؟
صراحة زيف الإعلام أصبح واضحا وضوح الشمس ، وتضليله لم يعد بإمكانهم إخفاءه ، فكيف يريدون منا أن نتابع هذا الإعلام ونكون مخلصين له وهو لا يقدم لنا سوى المهزلات ، وكيف يريدون أن نضع ثقتنا فيه وهو الذي يكذب علينا حتى في أحوال الطقس يا للاسف .

0 تعليق على موضوع "القناة الثانية نموذج واضح للإعلام المضلل‬"


الإبتساماتإخفاء