سئمنا البكاء يا سعادة الرئيس

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

رشيد أخريبيش‬ 
على الدوام يخرج علينا رئيس حكومتنا ويجهش بالبكاء أمام عدسات الكاميرات، معلنا تعاطفه مع الفقراء من أبناء الوطن ،وهذا حاله مع الدموع أينما حل وارتحل، ونحن لن نشكك في مشاعر الرجل التي نقلها معه إلى قبة البرلمان، عندما تحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة، وعن معاناتهم التي لا تنتهي، ولكن هناك علامات استفهام كبيرة على دموع الرجل، خاصة وأن عمل حكومته على أرض الواقع لا تظهر صحة تلك المشاعر التي طالما خرج بها علينا رئيس الحكومة هو وإخوانه من الذين يسبحون في فلكه.
من يرى دموع السيد بنكيران سيعتقد أن سعادة رئيس الحكومة يحاول أن يقدم لنا مسرحيات جديدة، في إطار مسلسل المسرحيات المفضوحة التي غالبا ما يخرج بها علينا، والتي تسعى إلى استغباء الشعب المغربي، خاصة وأننا على أبواب انتخابات جماعية يحاول حزب العدالة والتنمية أن يتصدرها لذلك تجده يبكي على الشعب ويقدم نفسه على أنه الرجل الذي يحب الخير لأبنائه ولوطنه، والذي يحرص على مصلحتهم والذي يتألم عندما يرى معاناتهم. 
حكومة السيد عبد الإله بنكيران بعد سنوات من الفشل الذي طبع عملها، وبعد سنوات من الانجازات المزيفة التي يحاول أنصاره تقديمها للمغاربة ،عادوا فقرروا أن يواجهوا الشعب بوجه جديد، انه وجه استغباء الشعب ومعنى ذلك أن الحكومة تحاول استغباء كل المغاربة لتجعلهم أغبياء يصدقون رواية رئيس الحكومة، حتى لو كانت هذه الرواية غير صحيحة وتصب في اتجاه تركيع الشعب، 
عندما نشاهد دموع رئيس الحكومة تتناقلها وسائل الإعلام وعندما نشاهد تأثره بمعاناة الشعب الذي يئن من الألم سنعتقد في الوهلة الآولى أن الحكومة سائرة في طريق الإصلاحات وتحقيق التنمية المرجوة، لكن عندما تحاول أن تضع هذه الدموع في الميزان مقابل واقع المغاربة الذي يندى له الجبين، ستعتقد وبكل أسف أن نظرية الاستغباء حاضرة هنا بقوة مهما حاول البعض إنكارها .
حتى لو ذهبنا بعيدا في كون ما صدر عن بنكيران من دموع تعبر عن مشاعر صادقة عن تعاطف بنكيران مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، فإننا في المقابل لا نرى أي فعل من هؤلاء على أرض الواقع يؤكد حقيقة هذه المشاعر ﻷن أوضاع المغاربة ومآسيهم تكذب ما يعبر عنه هؤلاء ،
مالم نفهمه نحن كمتتبعين من خلال كلام السيد بنكيران حول المغاربة من ذوي الحاجات الخاصة هو حديثه بكل تعاطف مع هذه الفئة ،في حين أن هذه الفئة هي نفسها التي تأخذ قسطا من "زروطة" الحكومة أمام البرلمان دون أن تجد من يرأف لحالها علما أنها لا تريد سوى حقها المشروع المتمثل في التشغيل الذي يضمنه الدستور الذي صوت عليه الشعب المغربي بالأغلبية المطلقة، فمن يحرص على هؤلاء ومن يتألم لحالهم لا يعطي الأوامر لسحلهم أمام قبة البرلمان، ومن يبكي انتصارا للفقراء لا يتجاهلهم نهائيا لمجرد أنه وصل إلى سدة الحكومة .
رئيس الحكومة تحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة وأسماهم "بالمعاقين" في حين أن هذا الإسم متجاوز يسيء إلى بلدنا ويسيء إلى العهد الجديد وعهد الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعهد الدستور الذي يفرض احترام الآخر كيفما كان لونه أو جنسه أو شكله ،وهذا لو صدر من شخص ليس له وزن لربما قبلنا به، ولكن وبما أن الكلام صادر عن الرجل الثاني في الدولة وهو عن رئيس الحكومة الذي من المفروض أن يكون قدوة للشعب بدل أن يسقط في مثل هذه المهزلات فإنه من الواجب علينا أن نتوقف لنعيد النظر في هؤلاء الذين فوضنا لهم أمرنا والذين لم يستطيعوا أن يكونوا في مستوى تطلعات هذا الشعب الذي اختارهم. 
هؤلاء يا سعادة الرئيس ليسوا معاقين كما فضلت أن تسميهم، وليسوا عاجزين كما يظهر لك ،فحكومتك هي العاجزة عن فعل أي شيء لهؤلاء ولغيرهم، وحكومتك هي التي أصيبت بإعاقة أفقدتها القدرة على الاستجابة لمطالب الشعب المغربي فماذا يعني البكاء على أوضاع الفقراء من هذا الشعب وأنت لا تستطيع أن تغير شيئا من واقعهم؟؟
قد نحترم مشاعر الرجل ودموعه حول أوضاع الفقراء، لو كان شجاعا وأعلن عن مسلسل الإصلاح الحقيقي الذي يستهدف هؤلاء الفقراء من أبناء الشعب ،وقد نصدق تلك الدموع لوكان الغرض منها هو الانخراط الفعلي في محاربة الفقر ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وتحقيق التنمية، التي وعدنا بها قبل أن يصل إلى السلطة، اما دون ذلك فلا نعتقد أن أحدا سيحاول إقناع نفسه بأن مشاعر الرجل صادقة إلا إذا كان من الذين يزورون الحقائق أو من الذين صدقوا روايات الحكومة ولم يستيقظوا من سباتهم العميق.

0 تعليق على موضوع "سئمنا البكاء يا سعادة الرئيس"


الإبتساماتإخفاء