صور من الرق القديم أثناء زيارة الوزير

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

رشيد أخريبيش
كنا نعتقد أن مظاهر الرق والعبودية قد انتهت منذ زمن بعيد في بلدنا ولم تعد موجودة في وقتنا الحالي ، لكن على ما يبدو فالمظاهر ما تزال حاضرة بشكل كبير خاصة عند زيارة الزعماء والوزراء ، حيث نجد أن هذه الاستقبالات فيها من الاستعباد ما يعيد بنا إلى الوراء لآلاف السنين ،فالفرق بين ما كان يمارس من طقوس العبودية في السابق هو نفسه الذي يمارس الآن مع فارق بسيط في الزمن الذي تمارس فيه هذه العبودية. 
كانت للسيد الرباح وزير التجهيز والنقل واللوجستيك زيارة إلى جماعة أيت يدين باقليم الخميسات لاعطاء الانطلاقة لبدء الأشغال في الطريق الرابطة بين جماعة أيت يدين وجماعة أيت سيبرن ، فقبل هذه الزيارة بيوم واحد كانت السلطات المحلية تعمل على قدم وساق للترتيب لزيارة الوزير حيث بدأت بارسال جملة من الاستدعاءات الرسمية لمجموعة من المواطنين ولفعاليات المجتمع المدني تدعو فيها هؤلاء للحضور لاستقبال الوزير ،واعتبرت حضور هؤلاء ضروري ومؤكد ما يعني أن حضور هؤلاء المواطنين وهذه الفعاليات ليس فيه نقاش، وقد يترتب عنه إجراء ربما تتخذه السلطات في حق كل من تخلف عن الركب وعن زيارة السيد الوزير .
أن يأتي بعضهم بالمواطنين من دواوير في "التراكتورات " لحضور هذه الزيارة فهذا من مظاهر الديكتاتورية التي تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن شعارات الإصلاح والتغيير هو مجرد حلم في واقع تسود فيه العبودية بامتياز 
قد يكون الاستقبال حارا وربما يرحب بالضيف بشكل يليق بمنصبه كوزير لكل المغاربة ،وهذا ليس عيبا ، لكن العيب أن يطلب من المواطنين لا حول ولا قوة لهم الهتاف والتصفيق للسيد الوزير واستقباله بالزغاريد فهذا مظهر يحز في النفس ويجعل من عهد التغيير الذي طالما صدعوا به رؤوسنا مجرد شعارات جوفاء أثبتت الأيام زيفها .
زيارة السيد الوزير إلى الجماعة أقاموا على إثرها الدنيا ولم يقعدوها ، جندوا الدرك والقوات المساعدة و"المقدمين" وجاءوا بالمواطنين في "التراكتورات" والشاحنات من مناطق نائية لا تتوفر على طرق معبدة قطعواالكيلومترات من أجل أن يأتوا لينظروامن بعيد في شخص الوزير ، وطالبوا من بعض هؤلاء التصفيق والهتاف بحياة الوزير للتغطية على مآسي القرية المثقل أهلها بالحزن والمآسي .
والغريب ّفي هذه الزيارة لوزيرنا المحترم أن "المقدمين "الذين يكلفون بمسح المنطقة عبر تكثيف جهودهم في نقل الخبر فور حدوثه ، تحولوا بقدرة قادر إلى عمال الإنعاش يكنسون الشوارع ويعلنون الحرب على الأزبال كل ذلك في سبيل أن تظهر القرية في مظهر لائق يسر السيد الوزير ومن رافقه في تلك الزيارة .
سلطاتنا لم تقتصر مجهوداتها القيمة على المجيء بمن يزغرد ومن يهتف بحياة الوزير ،بل تعدت ذلك لتستعمل العنف مع البعض ممن كانوا يحاولون ّّإّلقاء التحية على وزيرنا المبجل على المباشر، وكأن السيد الوزير ملك منزه من عند الله لا حق للبشر ان يحاوره أو على الأقل أن يلقي عليه التحية .
هي مظاهر الرق القديم تعود إلينا مرة أخرى في القرن الواحد والعشرين ، تعود حاملة معها أسئلة كثيرة حول العهد الجديد وعن الديمقراطية وعن الدستور الذي نقلنا على حد قول من أعده من الظلمات إلى النور ، عبودية بكل ما تحمله الكلمة من معنى يكون ضحيتها المواطن المغلوب على امره الذي يهتف بحياة هؤلاء الذين عاثوا في بلاده وأمواله فسادا كلما أتيحت له الفرصة يا للأسف .

0 تعليق على موضوع "صور من الرق القديم أثناء زيارة الوزير "


الإبتساماتإخفاء