مناضلون في العهر

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
كل عام تظهر في المغرب حركات حقوقية مختلفة بعضها يدافع عن الإفطار علنية في شهر رمضان، وبعضها يدافع عن التعري وإظهار النهود أمام الملأ كوسيلة للنضال والاحتجاج على الدولة وعلى الهيمنة الذكورية كما تسميها، في صورة تظهر القصة الحقيقية للنضال ،الذي تدعو إليه هذه الحركات التي طالما صدعت رؤوس العباد بخرجاتها الإعلامية .

ما نشاهده من حين لآخر من مشاهد لمن يسمون أنفسهم بالمناضلين، من قبيل الاحتجاج بالقبل أو بالتعري من طرف بعض الشواذ المرضى، ومن طرف بعض المكبوتين الذين ينتهزون الفرص للإعلان عن مكبوتاتهم، هو عربون تأكيد على أننا نسير نحو الهاوية، وأن شبابنا انتقل من النضال الحقيقي ضد الظلم والفساد ،إلى النضال في العهر والعري معتقدين أنهم بذلك قد حققوا الانتصار .
في الوقت الذي يقف فيه أحرار العالم من أجل الحرية في وجه القمع والتسلط ، وفي الوقت الذي تتعالى فيه أصواتهم ضد الفساد المستشري في بلدانهم ، نجد أشباه المناضلين في وطننا، يسارعون إلى التغريد خارج السرب ،ويحاولون اختراع نضال من نوع جديد ، نضال العهر الذي أظهروا براعتهم في تقديمه من حين لآخر، ونضال العري الذي يبدو أن المغاربة قد سئموا مشاهدة مظاهره في وطن يحتاج إلى رجال يناضلون من أجل إخراجه من الأزمات التي يتخبط فيها.
كان من الممكن لدعاة الحرية ولسدنة حقوق الإنسان زورا وبهتانا أن يدافعوا عن أبناء جلدتهم الذين يعانون الأمرين ، وأن يدافعوا عن أولئك المحرومين الذين لا يجدون رغيف خبز يسدون به رمقهم ،والذين يذرفون الدموع ليل نهار على وطن ضاع منهم بسبب تكالب من هم على رأس القرار، الذين لم يراعوا في الشعب إلا ولا ذمة، بدل التركيز على هذه التفاهات. 
كان من الممكن لهذه الحركات التي تظهر حرصها على المواطن ،وعلى حريته أن تحتج ضد الممارسات القمعية التي تطال كل من يحاول فضح الفساد والمفسدين في وطننا ،وأن تناضل ضد من وأدوا حرية التعبير وضد من عاثوا في بلاد المغرب فسادا ، وليس الاهتمام بخرجات العهر التي لم نجن من ورائها سوى المزيد من المهزلات .
الصورة واضحة وضوح الشمس لا تحتاج إلى شرح أو تفسير فدعاة الحرية في وطننا ، لا يقصدون بالحرية حرية التعبير عن الآراء ولا التعبير عن رفضهم للظلم الذي يطال أبناء الوطن ، وإنما القصد من كل ذلك هو الحرية في إظهار أمراضهم والكشف عن مكبوتاتهم ، فهؤلاء لا يهمهم التخلص من الإستبداد ، ولا تهمهم الديمقراطية وحقوق الإنسان هؤلاء تجدهم يطبلون ويزمرون للإستبداد ويدعون إلى الديكتاتورية، إن كانت ستسمح لهم بممارسة نزواتهم المرضية في إطار العهر الممنهج الذي أصبحنا نراه في وطننا صباح مساء.

0 تعليق على موضوع "مناضلون في العهر"


الإبتساماتإخفاء