من الخطأ المراهنة على الحكومات

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


رشيد أخريبيش
بعد الخطاب الملكي الأخير الذي حمل الحكومة مالم تستطع به صبرا، خاصة بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهها الملك إلى حكومة السيد عبد الإله بنكيران التي أرجع إليها كل الفشل في إدارة مرحلة ما بعد الحراك الشعبي ، يمكن القول أن المراهنة على الحكومات خطأ كبيرلأن
المسألة لا تتعلق بخطاب يفضح أخطاء الحكومة وفشلها ، بل هو خطاب هدفه إعطاء أكثر من رسالة إنذار إلى الحكومة الجديدة التي فشلت في بداية الطريق وأجهضت كل الانجازات التي حققتها الحكومات السابقة حسب الخطاب ، وإعطاء عربون تأكيد على أن المراهنة على الحكومات وهم ما بعده وهم .
لم يكن هذا الخطاب هو البداية لتوجيه سهام النقد اللاذع للحكومة الجديدة ، بل سبقه خطاب عيد العرش وإن كان ذلك الخطاب قد انتقد بشكل محتشم هذه الحكومة ، حيث أشار وإن كان بشكل غير صريح إلى أن توجيه النقد للحكومات السابقة ، لا يمكن تقبله في إشارة إلى أن الحكومات السابقة تركت إرثا إيجابيا كان من الممكن للحكومة الجديدة أن تتنهز الفرصة لاستغلاله والتصفيق له وهذا ما عاد وأكد عليه الخطاب الأخير بمناسبة ثورة الملك والشعب .
بعد هذا الخطاب الذي قلب الموازين رأسا على عقب ، وأعاد الحكومة أمام مسؤولية تتحملها لوحدها دون الإشارة إلى من وصلوا بالمغرب إلى الطريق المسدود يمكن أن نطرح  سؤالا جوهريا ما الذي يجعل خطاب الملك يركز على فشل الحكومة الجديدة والسير بالبلد نحو المجهول، وفي المقابل يثمن إنجازات الحكومات السابقة بالرغم من أنها كانت السبب الرئيس في كل الأزمات  ؟
لا نخفي أن للحكومة الجديدة يدا في كل ما نعيشه من أزمات أرهقت كاهلنا ،وهذا ما قلناه مرارا وتكرارا ونحن من الذين كانوا دائما ينتقدون عمل الحكومة الذي لم يصل بعد إلى مرحلة التحكم في القرار ، ومازلنا نوجه لها النقد لكننا لا نخفي أننا ما زلنا نتذكر ما سببته تلك الحكومات السابقة من أزمات للمغاربة قبل الحراك الشعبي وقبل الحكومة الجديدة التي جاءت فقط لامتصاص حركة الشارع التي كانت في أوج قوتها مع انطلاق ثورات الربيع الديمقراطي.
نحن نقر بأن هذه الحكومة لم تستطع الوفاء بتلك الوعود التي جاءت بها ، ونؤكد أن الفشل كان مصير كل تلك المسرحيات التي ألفتها والتي استطاعت من خلالها أن تصل إلى الحكومة وليس الحكم ، ولا أحد ينكر أنها ارتكبت عدة أخطاء  في إدارة العديد من القطاعات  كل هذا جميل ولا أحد يخفيه ما دام أن هناك وقائع على الأرض تثبت ذلك وبشكل صارخ ، لكن ماذا عن الحكومات السابقة وخاصة حكومة عباس الفاسي التي يشيد بها الآن الملك في خطابه الأخير .؟
إذا كانت الحكومات السابقة قد أبلت البلاء الحسن في هذا البلد كما جاء في الخطابين الأخيرين  ، وأنها تركت للمغاربة إرثا ايجابيا يدل على أنها كانت دائما في خدمة الوطن وأبناءه و هو ما لم تستغله حكومة بنكيران التي هي الآن  في قفص الاتهام فلماذا انتفض الشعب المغربي في 20 فبراير وطالب بالحرية والكرامة وخرج أسوة بأشقائه في الدول العربية وفي دول المغرب الكبير؟ وإذا كانت الحكومات السابقة قد أعطت الكثير لهذا البلد فلماذا تم الاعلان عن دستور جديد وانتخابات مبكرة كانت السبب في اعتلاء حزب العدالة والتنمية كرسي الحكومة ؟
لم يكن خروج المغاربة يوم 20 فبراير وقبله عبثيا ولا خروجا من أجل التظاهر أو الاحتجاج فقط ، بل كان خروجا من أجل التخلص من حكومات أهلكت الحرث والنسل وعاثت في بلاد المغاربة فسادا ، حيث خرجوا لإسقاط الفساد الذي كانت قد صنعته الحكومات السابقة ، وخرجوا من أجل أن يحاسب كل من دأب على استعباد المغاربة وكل من نهب خيراتهم وثرواتهم ،ولم يخرجوا لاستعراض قوتهم في الشارع فقط للمجيء بحكومة لا تستطيع أن تخطو خطوة إلا باستشارة من المخزن.
كل الحكومات المتعاقبة التي  توالت على حكم المغرب ، لم تكن لتعبر عن إرادة الشعب المغربي كما هو الحال مع هذه الحكومة التي هي الآن موضع نقد بامتياز لأن كل هذه الحكومات لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا ولا تستطيع أن تمارس صلاحياتها بعيدا عن تدخل المخزن الذي لم يدع مجالا إلا وتدخل فيه ، دون أن يدع للحكومات المجال لممارسة صلاحياتها بمعزل عنه وأن تنفرد بمواقفها بكل استقلالية عن كل ما يمكن أن يقف كحجر تعثر أمام طريقها.
من الخطأ أن نراهن على الحكومات، ومن الخطأ أيضا أن نعلق آمالنا على حكومات لا تستطيع أن تغير شيئا من الواقع ، لأن المراهنة عليها وانتظار الفرج على أيديها هو مضيعة للوقت وحلم في واقع لا اعتبار فيه للعبة السياسية ولا لصناديق الاقتراع الشعبية ولا لحكم الأغلبية ، ولا حاجة لنا للأحزاب السياسية لأننا رعية نقاد  ليس لدينا الحق في أن نراهن على الديمقراطية ولا على الانتخابات ولا على صناديق الاقتراع ، فكل ما علينا فعله هو الاحتكام لقدر الله والالتزام بما أنزله المخزن من سياسات تلك هي سفينة النجاة فلنتشبث بها حتى يأتينا اليقين.

0 تعليق على موضوع "من الخطأ المراهنة على الحكومات "


الإبتساماتإخفاء