إني أخاف عليكم غضب الشعب

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


رشيد أخريبيش
كنا نتمنى من الحكومة أن تكتفي بما قدمته للمغاربة من أحزان ومن أزمات منذ مجيئها ، وكنا ننتظر أن تعيد في سياساتها اللامسؤولة التي طالت الشعب المغربي ، وأرهقت كاهله ، حيث نهجت نهج الزيادة المفرطة في الأسعار دون أن تبالي بأوضاع المغاربة التي لا تسر عدوا ولا صديقا ، فأضحت تحمل الشعب مالم يستطع به صبرا فمرة بدعوى الحفاظ على البلد من الأزمات ومرة أخرى بدعوى أنها بصدد القيام بإصلاحات يستوجب عليها إرهاق كاهل المواطن الذي لا يجد حتى قوت يومه 
.
بعد الزيادة في ثمن الحليب الذي جاء بعد سلسلة من الزيادات المفرطة في السلع الأساسية والضرورية التي يحتاجها المواطن المغربي للبقاء حيا على وجه البسيطة يمكن القول أن المغرب على شفا ثورة عارمة قد لا تكون بالأمر الهين على أولئك الذين يطلقون العنان لأنفسهم ليجعلوا من المواطن سلعة في أيديهم يحركونها كيف شاءوا ، متجاهلين أن هذا الشعب ، يمكن في مرحلة من الأيام أن يقول كلمته ، وينتفض ضد الظلم الذي يمارس عليه ليل نهار ، ويزيل البساط من تحت أرجل هؤلاء الذين لا يأبهون بكل أصاب الشعب ، ولا يدركون أن هذا الشعب لم يعد يتحمل أكثر من هذا ، وأنه قد ينفجر في أي لحظة ليري هؤلاء أنه ليس بتلك الصورة التي يصورونه بها ، بل أنه شعب له كرامته التي يرفض أن تهان وله حقوق لا يمكن أن يفرط فيها.
ولأن السيل قد بلغ الزبى ولأن كل الآمال قد تحطمت على صخرة صماء بعد أن فشلت الحكومة في تنفيذ وعودها على الأرض ، فهذه الأخيرة مازالت تخطو في نفس الطريق معتمدة نفس الأساليب التقليدية التي تتجاهل مطالب الشعب ، بل هذه الحكومة حريصة كل الحرص على الانتقام من هذا المواطن البسيط الذي يكابد المعاناة منذ عقود من الزمن وما أوضاعه الاجتماعية إلا صورة عن حجم الكارثة التي يعيشها الشعب ، دون أدنى مبالاة من أصحاب العهد الذين قدموا أنفسهم ملائكة على الأرض ، ليكتشفوا في النهاية أنهم شياطين خذلوا الشعب وركبوا على سفينة النضال التي جاءت بعرق جبين أبناء المغاربة الذين خرجوا في 20 فبراير مطالبين بإنصافهم ورفع الظلم عنهم .
لا شك أن الزيادة في الأسعار التي أصبحت من عادات حكومتنا الغراء سيكون لها انعكاس كبير على القدرة الشرائية للمواطن المغربي،ولا نتوقع أن تبقى الأمور كما هي عليه ، بل نعتقد أنها ستتطور إلى ما لا يتمناه أصحاب الكراسي والتعويضات الخيالية الذين لا يعيرون اهتماما للمواطن ولا لأحواله ، ويصرون على الذهاب في هذا النهج بعيدا، دون أن يكون لديهم أدنى شك من أن هذا قد يكون بمثابة صب الزيت على النار ، خاصة وأن الشارع في حالة غليان يمكن أن ينفجر في أي لحظة بدون أخذ الإذن من هؤلاء الذين يعيشون في "دار غفلون"
إذا كان شهيد واحد استطاع أن يقلب موازين القوى واستطاع أن يسقط أنظمة ديكتاتورية كانت قد أهلكت الحرث والنسل ، ونقل الثورة إلى كل البلدان عبر ترسيخ ثقافة الاحتجاج التي أصبحت سلاح الضعفاء من هذه الأوطان للاقتصاص من الحكام فإن الشعب المغربي بأكمله قد سئم الانتظار وأصبح على وشك الانفجار بعد سلسلة من الإجراءات التي لا تراعي إلا ولا ذمة ، ليحق القول بذلك أن ساعة الصفر قد دقت
ما عرفه المغرب مع انطلاق ثورات الربيع الديمقراطي في الدول العربية وفي دول المغرب الكبير ، لم يصل بعد إلى ما يمكن أن نسميه بالثورة ، فالحراك الذي انطلق والذي قاده الشباب ، يبدو أنه لم يحقق أهدافه بسبب مسرحيات الاصلاح التي قدمتها حكومة بنكيران للمغاربة في خطوة استباقية لكسر شوكة الشارع الذي كان عازما على استكمال حراكه حتى تحقيق مطالبه كاملة
بشائر الانفجار جلية للعيان ومؤشرات ثورة الضعفاء والجياع على الأبواب لمن يريد أن يراها أما من يريد أن يخفيها ويحاول إخفاء الشمس بالغربال غاية في نفسه فإن الوقت لم يعد كذلك لأن عهد الاسعباد قد ولى إلى غير رجعة ، وأن زمن السكوت على الذل والظلم لم يعد موجودا فكل المؤشرات وكل الدلائل تخبرنا أن الانفجار قادم لا محال ، خاصة وأن حالة الاختناق قد وصلت إلى أبعد حدود لتفتح المجال أمام عدة سيناريوهات محتملة قد تكون بدايتها مع إسقاط الحكومة التي لم تحقق ولو بصيصا من الأمل لهذا الشعب الذي تأتيه الأزمات من كل حدب وصوب
ولأن بوادر الثورة واضحة وضوح الشمس ، ولأن كل الدلائل تظهر أن المغرب مقبل على أحداث جسام قد تغير من الخارطة السياسية للمغرب وتعيد رسمها من جديد ، خاصة إذا تمادت الحكومة في اتباع نفس النهج الذي رسمه الأباطرة ممن سرقوا المغرب ونهبوا خيراته وجعلوا المغاربة عرضة لكل الأزمات ، دون أن يعلموا أن ذلك الظلم مهما طال فلا بد له أن يزول ، وأن القيود مهما اشتدت فإنها حتما ستنكسر
الشعب المغربي الآن بعد كل هذا الاستخفاف بمشاعره وعدم الاكتراث بمعاناته اليومية  يتساءل وبكل آسف عن وهم التغيير الذي صنعه السيد بنكيران وإخوانه في النضال ممن سقطوا في أتون الفساد  انساقوا وراء أسلافهم المنعمين من العفاريت والتماسيح ، الذين وجدوا في حكومة عبد الاله بنكيران الملاذ الآمن لاستكمال مخططاتهم الجهنمية التي أوصلت المغرب إلى ما هو عليه الآن 
20-08-2013
  





0 تعليق على موضوع "إني أخاف عليكم غضب الشعب"


الإبتساماتإخفاء