جيوش الغدر العربية

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


رشيد أخريبيش
منذ الاستقلال الصوري للدول العربية ودول المغرب الكبير عن الاستعمار البغيض الذي عاث في بلادنا فسادا والأنظمة تكدس السلاح وتتسابق نحو الحصول على كميات أكبر ، ليس لصد العدو ولا للدفاع عن الأرض والوطن، ولا لردع الأعداء عن عدم العودة مرة ثانية ، وإنما هذه الدول تتهافت على شراء الأسلحة وإعداد جيوشها لقتل الشعوب واستعبادها وتركيعها أملا في البقاء في السلطة إلى آجل غير مسمى وهذا هو الظاهر بعد  أن أثبت التاريخ أن كل جيوش الدول قد استخدمها الحكام ضد شعوبهم للقضاء على كل من يحاول المطالبة بالحرية والكرامة 
.
ما يحدث الآن في مصر من قتل بالجملة من طرف الجيش الذي يأبى إلا أن يغرق مصر في الدماء لا لشيء سوى أن الشعب انتفض ضد حكم العسكر الذي أجهض الشرعية والديمقراطية ،يبين وبجلاء أن عادات الجيوش العربية هي قتل الشعوب وسفك الدماء لا أقل ولا أكثر ، أما الحديث عن كون الجيوش هي ضد الأعداء وأن التسابق نحو التسلح هو من أجل حماية الأوطان هو مجرد ذريعة استخدمتها الأنظمة الديكتاتورية من أجل التحكم والسيطرة على الحكم .
لا غرابة أن يوجه قادة الانقلاب الرصاص إلى صدور الشعب المصري الذي خرج من أجل الكرامة والديمقراطية ، ولا غرابة أن يقدم هؤلاء رؤوس شعوبهم  قرابين لليهود ولأمريكا من أجل أن يضمنوا لهم إعتلاء الكرسي لأن ذلك من طبائع الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي لا مجال لها للبقاء في السلطة سوى القتل خوفا من أن تفتضح أكاذيبهم التي لا تنتهي ، فالسيسي ليس سباقا إلى جعل الدماء أنهارا في مصر وليس سباقا في حرق البلد عن بكرة أبيه ، بل سبقه في ذلك إخوانه في الجهالة ، من أمثال القذافي الذي قتل الآلاف من الشعب لمجرد أنهم انتفضوا في وجهه وطالبوه بالرحيل كذلك هو الأمر مع اليمن السعيد ومع سوريا قلب العروبة النابض التي بدا من الواضح أن جيشها قد قام خصيصا لقتل الشعوب ،وسفك دمه كما سبق وأن فعل في عهد حافظ الأسد الذي قمع الثورة وأرغمها على التراجع كما هو الحال الآن مع جيش بشار الذي يقاتل من أجل أن يبقى حاكما أبديا على سورية يمكن
جيوش الغدر العربية التي أرهقت كاهل الشعوب بمزانيات خيالية ، لم تتورع عن استخدام ترسانتها العسكرية صوب صدور الثورات التي نادت بالحرية والكرامة ، فجعلت عملها كله تحت راية نصرة الحاكم مهما كلفها ذلك من تضحيات ، لأن الحاكم الدكتاتوري أصبح الغاية الكبرى لهذه الجيوش ، وليس الأعداء ولا الصهاينة كما تم الترويج له على مر عقود من الزمن .
عقيدة الجيوش العربية أنها وجدت أصلا للقضاء على روح النضالk والوقوف ضد كل من يحاول الخروج من غياهب الديكتاتورية والتسلط ، فهذه الجيوش لا حرج أن توجه الرصاص لصدور الشعوب العارية، ولا حرج أن تقدم أبناءها فداءا للصهاينة وهذا هو الواقع وإن حاول هؤلاء إنكاره، كل الثورات التي انطلقت ضد الحكام إلا وتم قمعها بالسلاح من طرف الجيش عبر الاستقواء بالخارج، كما شاهدنا مع بشار الأسد الذي يستعين بالروس والصينيين وبجيش إيران وحزب الله، كل ذلك من أجل قتل الشعب السوري ، وكما شاهدنا مع القذافي الذي استعان بمرتزقة من إفريقيا السوداء لقتل الثوار، وكما هو ملاحظ الآن مع قائد الانقلاب في مصر الذي يستقبل المساعدات من إسرائيل للقضاء على حكم الإسلاميين بمصر ويعيد مصر إلى حكم العسكر بعد أن استطاعت أن تتخلص منه عبر ثورة 25 يناير التي رفعت رؤوس المصريين جميعا .
 الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي وفي دول المغرب الكبير سارعت منذ احتقلالها عن الغرب الاستعماري إلى الرفع من ميزانيات الجيوش وأرهقت كاهل المؤسسات الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والتنموية ، حيث كان الرفع من دعم مؤسسة الجيش على حساب هذه المؤسسات التي تجاهلتها الأنظمة وأعطت كل الصلاحيات للجيش من أجل التحكم في السلطة عملا بمبدأ أن لا أحد يستطيع الحفاظ على الحكم التسلطي سوى هذه الجيوش القمعية التي تجعل من الحاكم الإله الذي لا شريك له في الحكم .
كنت من المنخدعين عندما كنت أؤمن بأن الجيوش العربية هي موجهة ضد العدو كما حاول إعلام الأنظمة الديكتاتورية ترسيخه في أذهاننا ، وكنت من الذين صدقوا رواية أن دعم الجيش ضرورة لا يمكن تجاهلها ولو كان على حساب المؤسسات الأخرى ، لكني الآن بعد أن تأكدت من جيوشنا ، وتيقنت من مسرحياتهم التي يحاولون من خلالها إعطاء دروس في الوطنية والاستقلال والدفاع عن الأرض والشعب والوطن ، أعلن من هنا التراجع عن دعم تلك الجيوش عندما كنت مغفلا ، وأقول إن النهوض بالدول لا يأتي بالحكم التسلطي كيفما كان نوعه ، ولا يأتي بتسليح الجيوش ولا بالتصفيق لها ، لأن هذه الجيوش ظهرت أنها في خدمة الحاكم الديكتاتوري الذي يسخرها كيف يشاء وما إدعاءها بأن وجودها لحماية الشعب إلا لتمرير أسطوانتهم المشروخة التي يتم ترويجها لترسيخ ثقافة العسكر التي وجدنا عليها أبائنا
من الخطأ الكبير ، ومن العيب جدا أن نراهن على جيوش وضعت لحماية الحاكم الديكتاتوري والتي تسعى إلى إبادة كل الشعوب من أجل أن يحيا السلطان ، لأن التاريخ أثبت ذلك وبشكل صريح ، فالدول التي تخلصت من الاستعمار في كل الدول العربية وفي دول المغرب الكبير ، لم تتخلص منه بأمثال هذه الجيوش التي تسبح بحمد الحاكم وأبناءه وإنما بسواعد الثوار الأحرار الوطنيين من أمثال محمد بن عبد الكريم الخطابي في المغرب ، وأحمد بن بلا في الجزائر والحبيب بورقيبة في تونس ، وعمر المختار في ليبيا ضد الغزو الايطالي ،وعبد الحميد كرامي في لبنان وسلطان الأطرش في سوريا أمثال هؤلاء هم من حققوا الانتصارات وليست الجيوش النظامية التي تواطأت مع المستعمر  .
16-08-2013

0 تعليق على موضوع "جيوش الغدر العربية"


الإبتساماتإخفاء