حركة 20 فبراير وربيع الأشباح

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
من السهل جدا أن ترفع شعار الإصلاح وتدعو إلى التشبث بمبدأ التغيير وتطالب الشعب بالقيام بالثورة، لكن في المقابل من الصعب أن تلتزم بتلك المبادئ التي تدعو إليها وتحتفظ بها حتى تحقيقها على أرض الواقع.
دوما يطل علينا دعاة التغيير وخاصة أتباع حركة 20 فبراير بشعارات رنانة تبدو لنا للوهلة الأولى أننا أمام رجال سيغيرون مجرى تاريخ المغرب وسيحققون آمال المغاربة الذين عانوا من الظلم لعقود طويلة، لكن على ما يبدو فإن هؤلاء الذين كانوا قد رفعوا شعارات ضد الفساد ووعدوا المغاربة بمستقبل أفضل تبينوا أنهم ليسوا أهلا لحمل تلك الشعارات التي من الواجب على من يحملها أن يكون قادرا على تحمل تبعاتها والتضحية من أجلها .
لم نكن نريد التسرع والحكم على الحركات التي كانت قد قادت الحراك ولا حتى الحديث عنها بما يمكن أن تعتبره سوءا ونعتبره نحن كلاما فصلا إلا بعد أن تأكدنا جليا أن هؤلاء الذين قدموا أنفسهم للمغاربة في صفة المناضلين لا يستطيعون حمل أمانة النضال وإن كانوا يدعون ذلك زورا وبهتانا.
نعم لا ننكر أن الشعب المغربي خرج إلى الشارع واستجاب لدعوة هؤلاء أملا في تغيير قد يأتي على أيديهم ،لكنه بعد أن اكتشف أن هؤلاء مجرد مجموعات لا  تفهم معنى التغيير بل لا تفهم معنى السياسة أصلا عدل عن الخروج مع هذه الشرذمة، التي أساسها ليس الإصلاح والتغيير وإنما دعوة المغاربة إلى الخروج عن قيمهم وعقيدتهم ،والسماح لأنفسهم بتقليد الغرب جملة وتفصيلا.
زعامات الأشباح هؤلاء سرعان ما تخلوا عن تلك المبادئ وتلك الشعارات التي رفعوها مع انطلاق الثورات، واغتنموا الفرصة ليكشروا عن أنيابهم ويظهروا حقيقتهم للمغاربة الذين كانوا ينتظرون فهم هؤلاء، وفهم نواياهم التي كشفت عن مخططات هؤلاء التي يريدون من خلالها ربط النضال بفكرهم المنحرف الذي أثبتت الأيام أن المغاربة ليسوا مستعدين للإقبال عليه ،وأبانوا عن إرادة قوية لرد هؤلاء الأقزام عن أعقابهم خاسرين.
محاربة الفساد الذي كان من الأولويات عند حركة 20 فبراير أو أغلب المنتمين إليها ربما كان شعارا أكبر من طموحات هؤلاء الذين خرجوا من جحور الفساد هم أنفسهم فكيف ننتظر منهم أن يقدموا لنا مثالا في محاربة الفساد ،كيف بمن لا يستطيع أن يخلص نفسه من الفساد أن يتحدث عن محاربة الفساد ؟كيف بمن يدعو للمغاربة للثورة وهو في المقابل عدو للثورة ؟
من المخجل جدا أن يتحدث هؤلاء في المغرب عن التغيير وهم بعيدون كل البعد عن مبادئ التغيير ،التي يشنفون بها أسماعنا صباح مساء ،ومن العيب جدا أن يحمل هؤلاء شعار الثورة وهم في الأساس لا يملكون ولو صفة من الصفات التي تمكنهم من القيام بالثورة، وإن كان بلدنا في أمس الحاجة إلى مثل هذه الثورات التي ستعيد للشعب الكرامة والديمقراطية .
كل منا يتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء فشل الربيع المغربي أو ذلك الحراك الذي انطلق في المغرب ،والذي تم إجهاضه في بدايته ومن ثم إجهاض كل الأحلام والآمال التي كان الشعب المغربي حريصا على تحقيقها، حيث يذهب البعض  إلى القول إن من أسباب فشل الربيع المغربي هو أن ذلك الحراك تمت مواجهته بمسرحيات الإصلاح التي تمت صياغتها في جنح الظلام ، وهذا صحيح ولكن الذي أفشل ذلك الحراك بالفعل هو أن تلك القيادات التي كانت تتزعم حركة التغيير  في المغرب ،وتقود الحراك ليست مؤهلة لذلك ،حيث لم تكن بالفعل قادرة على التشبث بمبادئ التغيير الذي دعت إليه والذي كنا نعتقد أنه النهاية الأخيرة للمعاناة ومعانقة الكرامة والحرية، فمرة يطلون عليك بشعارات تجعلك تتخيل أنك أمام زعامات لن تتنازل عن حقوق الشعب ،ومرة يخرجون علينا بأنهم أصحاب المبادئ الذين لا يقبلون المساومة لكن ما إن مرت الأيام حتى ظهروا على حقيقتهم وتبين أنهم ليسوا سوى كثبانا رملية تتأثر بكل أنواع الرياح .
لم نكن نعتقد أن من رفع شعارات ضد الفساد وكفر بممارسة السياسة ،من داخل أحزاب الدمية المغربية سيعود من جديد ليتراجع عن رأيه ويدخل في اللعبة مع من كان يعتبرونه عدو الشعب والديمقراطية فأعداء الأمس أصبحوا سمنا على عسل، والنضال الذي كان زعماء حركة 20 فبراير يرفعون شعاراته ذهب بغير رجعة في ظل فكر منحرف وأشخاص انتهازيين يجعلون مصالحهم الخاصة فوق كل اعتبار
كان من الممكن للربيع المغربي أن يحقق أهدافه لولا أن هؤلاء الذين حملوا الراية تخاذلوا،وباعوا قضايا الشعب  بأثمان بخسة ،ليكونوا بمثابة حجر تعثر أمام أي إصلاح قد يغير من وجه المغرب ويغير من أحوال أبناءه الذين كان أملهم أن يحقق الربيع أهدافهم التي طالما وضعوها نصب أعينهم .      akhribichrachid@gmail.com

0 تعليق على موضوع "حركة 20 فبراير وربيع الأشباح"


الإبتساماتإخفاء