لماذا لم يتحقق الربيع المغربي ؟

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش

للحديث عن الربيع الديمقراطي المغربي لا بد وأن نضع  حركة 20 فبراير التي قادت الحراك الشعبي في المغرب عن كثب، بعد أن انطلقت مجموعة من الثورات في دول المغرب الكبير مثل تونس ليبيا  والدول العربية مثل مصر التي كانت ثورتها الأبرز في هذه الثورات حيث كانت قد طبعتها السلمية ، وهذا ما ذهب إليه الشباب المغربي في انطلاقة حركتهم الاحتجاجية التي تدعو إلى التغيير مقلدة ثورة 25 من يناير المصرية حيث ذهبت في اتجاه المطالبة بالتغيير لكن بطرقها الخاصة التي اقتصرت على إسقاط الفساد والمفسدين دون المس بالنظام السياسي القائم بالبلد .
ولأن أي حركة احتجاجية كيفما كانت وفي أي بلد كانت فإنها لا بد وأن تنطلق من مجموعة من العناصر لكي تكون حركة بالمعنى يجعلنا  نصنفها ضمن الحركات الاجتماعية منها الجهود المنظمة ، مجموعة من المشاركين ، أهداف واضحة ، ووسائل تعبئة للنهوض بهذا المشروع الفكري السياسي الذي يسعى إلى تغيير السياسات والهياكل القائمة أو إصلاحها وتوجيهها في الاتجاه الذي يراه هؤلاء صحيحا .
لا أحد ينكر أن حركة 20 فبراير التي قادت الحراك أو قادت ما يفضل البعض تسميته بالربيع المغربي أسوة بالربيع الديمقراطي الذي انطلق في العديد من الدول العربية ودول المغرب الكبير قد اعتمدت في حراكها هذا على مجهود شعبي متمثل في النضال الذي قاده الشباب المغربي عبر الشبكة العنكبوتية ، حيث جند الشباب المغاربة عبر الفيسبوك ألاف المغاربة ممن لديهم فكر ثوري يؤمن بالتغيير كحل للمشاكل التي يتخبط فيها المغرب ، حيث تم وضع صفحة على الفيسبوك وانضم إليها الآلاف في ظرف وجيز ، خاصة وأنها جاءت أو تزامنت مع هزيز رياح التغيير التي انطلقت في العديد من البلدان مطالبة المغاربة للخروج يوم 20 فبراير تعبيرا عن أمالهم في التغيير ووضع حد لما اعتبرته تجاوزات في حق الشعب الذي عانى الأمرين مع الحكومات المتعاقبة ، بالإضافة إلى هذا المجهود الشعبي الذي انطلق عبر الإنترنت واستطاع أن يكسر جدار الصمت والذي أرغم النظام إلى الدعوة إلى إصلاحات جذرية وتغيير شكلي للدستور وجاء بانتخابات مبكرة وجد  تجاوبا شعبيا مع هذه الخطوة التي اتخذها الشباب المغربي حيث كان الكل يأمل بأن تأتي بجديد وتعيد للمغاربة الأمل المفقود ، حيث تمت الاستجابة لدعوة هؤلاء الشباب عبر نداء الحركة الذي كان عبارة عن تسجيل عبر موقع اليوتوب الذي حقق أكبر نسب المشاهدة وخرج الشعب يوم 20 فبراير إلى الشارع وهتف باسم التغيير ، حيث كانت نسبة المشاركة في هذا الحراك أعلى من كل الانتفاضات التي كانت قد حدثت في المغرب من حين لآخر، كما أنها وجدت قبولا من بعض المنظمات الحقوقية حيث استطاعت أن تجد تضامنا من حوالي 20 منظمة حقوقية في البلد ، بل حتى بعض الأحزاب السياسية كانت قد دعمت هذا الطرح لكن بموقف محتشم بدعوى أن الحركة لم تظهر أهدافها ونواياها إشارة إلى أنها قد تكون تخطط لمؤامرة ضد النظام الملكي بالبلاد ، وهذا ما ذهب إليه حزب الاستقلال الذي كان قد دعا المواطنين والمواطنات إلى التحلي بالوعي واليقظة وعدم الانسياق وراء دعوات غير واضحة الأهداف ، أما حزب العدالة والتنمية الذي كان يعلم علم اليقين أنه هو من سيقود المرحلة المقبلة فكان أشد المعارضين لهذا الحراك حيث اعتبر رئيس مجلسه الوطني آنذاك سعد الدين العتماني أن الحزب لا يتوفر على معلومات بهوية هؤلاء الداعين إلى هذه المسيرة المقررة في 20 فبراير إيمانا منه حسب بعض التحليلات بضرب قوة الحركة وشيطنتها في عيون المغاربة لكي لا ينساقوا وراءها
ولأن الحركة الاحتجاجية لا بد وأن تعتمد في نضالها على أهداف واضحة فإن حركة 20 فبراير هي الأخرى قد سارت في نفس الاتجاه حيث كانت قد رسمت مجموعة من الأهداف المحددة التي جعلتها تجد القبول عند المغاربة وخاصة عند الطبقة الفقيرة والمتوسطة أما الطبقات الأخرى التي لم تتضرر من السياسات المتعاقبة فكان ذلك الحراك لا يهمها ولم تكن مستعدة للانسياق وراء هذه الدعوة ولم تكن مستعدة للتفريط في تلك الامتيازات التي كانت قد حصلت عليها لذلك تفضل عدم الخروج والالتزام بموقفها الرافض للتغيير متبعة بذلك رواية المخزن الرامية إلى شيطنة الحركة .
فالحركة كانت في بدايتها قد اعتمدت على ثلاثة أهداف رئيسة منها الحرية والكرامة والديمقراطية وهذا ما أدى بها إلى التنصيص على مجموعة من الشعارات الكبرى التي تقبلها الشعب وعزم الخروج  والمشاركة في أول مسيرة احتجاجية للحركة يوم 20 فبراير لتحقيقها.
 من بين الأهداف التي وضعتها حركة شباب التغيير أولا دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا يستجيب لحاجيات الشعب المغربي ،ويمثل الإرادة الحقيقية له ، ثانيها حل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة  ، وإسقاط الفساد والمفسدين الذين نهبوا خيرات البلاد على مر عقود من الزمن ، حيث كانت الإشارة إلى مجموعة محددة من الأباطرة الذين كانوا يتحكمون في البلد والذين عاثوا في البلاد فسادا .
السؤال الذي يطرح بعد كل هذا هو هل استطاعت حركة 20 فبراير أن تحقق تلك الأهداف التي جاءت من خلالها يوم أن انطلقت بدعواتها عبر الفيسبوك وتلاه خروج شعبي إلى الشارع ؟
فالمتتبع لكرنولوجية الأحداث منذ بداية 20 فبراير إلى يومنا هذا و أن الذي سيحتكم إلى الوقائع سيعتقد أن هذه الحركة فشلت فشلا ذريعا لم تستطع تحقيق تلك الأهداف وتلك الشعارات الكبرى التي حملتها  و التي جاءت من أجلها لأسباب عدة منها أن هذه  الزعامات التي قادت هذا الحراك سرعان ما تخلت عن هذه الشعارات والمبادئ التي حملتها وسرعان ما صدقت رواية النظام الداعية إلى  التغيير عبر مسرحيات الإصلاحات الجذرية التي دعا إليها واعتبرها المرحلة الفاصلة ونهاية للوضع السوداوي الذي يعيشه الشعب المغربي ، أما التغيير الذي كان من أولويات هذه الزعامات التي تزعمت هذا الحراك تحت راية 20 فبراير ربما كان شعارا أكبر من طموحات زعاماتها الذين كانوا السبب الرئيس في إفشال مخطط الإصلاح الذي تم إجهاضه في بدايته ، حيث عوض التفكير في رؤية واضحة حول السير بالحركة في الاتجاه الصحيح ، بدأ هؤلاء بالكشف عن انتماءاتهم التي ربما عجلت بفشل الحركة أكثر من فكرة الشيطنة التي لا ننكرها والتي كان النظام يستخدمها والتي نجح فيها بذكاء واستطاع أن يضرب قوة الحركة والقضاء على  آمال المغاربة الذين يطمحون إلى التغيير الحقيقي ، وبذلك عمل على رواية التغيير التي قادها حزب العدالة والتنمية الذي أضاع على المغاربة فرصة الانتقال إلى الديمقراطية الحقيقية ، ووقف بمثابة حجر تعثر أمام أي دعوة تسعى إلى الإصلاح والتغيير ومن ثم إعادة السيناريوهات التي سئم منها الشعب المغربي والتي كانت السبب في الوضع المأساوي الذي وصل إليه ، ومحاولة النظام البحث عن كل ما يضمن له الاستقرار لعقود أخرى ، ونحن بدورنا نهننئه على ذلك الذكاء الخارق ونهنئ الحكومة الجديدة على دورها الفعال في وأد أحلام الشعب المغربي

0 تعليق على موضوع "لماذا لم يتحقق الربيع المغربي ؟"


الإبتساماتإخفاء