يا حكام الخليج لا تأسفوا فثورة مصر قد نجحت

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش

عندما يبزغ فجر الديمقراطية في دولة ما و عندما تتحقق فيها الحرية وإن كان بشكل نسبي ،فإن تبعاته غالبا ما تكون أقوى ليس فقط على الفلول وأتباع النظام بل حتى على الدول الأخرى التي يكون نظامها شبيها بالنظام الديكتاتوري في الدولة التي عصفت بها رياح التغيير،حيث تعمل هذه الديكتاتوريات على شيطنة هذه الثورات واعتبارها بمثابة الفتنة التي قد تصل إليها في يوم من الأيام.
بعد الثورة المصرية المجيدة التي أعادت للمصريين الحرية والكرامة ،وخلصتهم من ديكتاتورية كانت قد أغلقت باب الأمل على مصر وشعبها، يبدو أن بعض الدول ممن لديها مصلحة في إفشال هذه الثورة لم تستسغ لهذا الإنجاز التاريخي الذي حققه الشعب المصري خاصة دول الخليج التي ينتابها رعب بانتقال تجربة مصر إلى بلدانها لذلك تحاول ما أمكن بعد نجاح التجربة أن تضع العصا في دولاب هذه التجربة وتعطيلها عن أداء دورها لكي لا تكون حجة على هذه الدول يوم يقوم الشعب ويطالب بالديمقراطية .
عندما أحست دول الخليج أن بوادر الثورة تقترب منها كشرت عن أنيابها وبدأت في شن حملة على مصر وأبناءها من خلال سياسة تلفيق التهم التي بدأنا نسمع عنها بشكل مستمر من دول الخليج التي لا تفوت فرصة إلا وتضع نفسها في موقع الضحية التي تأتيها المؤامرات من كل جانب .
لم يكن إعلان الإمارات العربية المتحدة الذي أكدت من خلاله أنها ألقت القبض على خلية تابعة للإخوان كانت تخطط لقلب النظام في بلدها سوى إفصاح علني عن النوايا المبيتة لدى دول الخليج وعن مواقفها من ثورة مصر التي يعتبرون ثورتها عدوى يمكن أن تنتقل إليها ،في الأيام القادمة،لذلك ما فتئت دولة الإمارات ودول أخرى معها منذ انطلاق الثورة تخطط لإجهاض الثورة بكل الوسائل ،حيث قدمت الأموال للفلول وفتحت أراضيها لأذناب النظام للمؤامرة على ثورة 25 من يناير التي أحيت الأمل في نفوس المصريين  جميعا.
لا شك أن نجاح ثورة مصر وصعود الإخوان بعد مسلسل طويل من النضال، يعتبر في حد ذاته تحديا فكريا وسياسيا لدول الخليج التي ترفض أن تنجح أي تجربة يمكنها أن تكون بداية الانتقال الديمقراطي في بلدانها ،خاصة وأن تجربة الإخوان جعلت أنظمة هذه الدول تطرح أكثر من تساؤل حول مستقبلها في قيادة شعوبها .
لم تكن قضية هؤلاء المعتقلين هي القضية الأولى التي ستزيد من تأزيم العلاقات بين الإخوان المسلمين والإمارات ،بل علاقات الطرفين منذ أن بدأت الثورة والإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك وهي تبدي عدم ثقتها في هذه الجماعة التي كانت تعرف مسبقا أنها هي من ستتولى الحكم في مصر لكون الإخوان يملكون قوة جماهيرية، وبرنامجا قويا على الساحة السياسية لذلك حاولت هي وصديقاتها الحيلولة دون حدوث تغيير ديمقراطي في مصر،حيث سخرت كل مل تملك من قوة لشيطنة الجماعة عبر إعلامها المغرض الذي يصور الجماعة خطرا على كل الدول العربية ،وهذا واضح من خلال تلك الحملة التي يتزعمها ضاحي خلفان قائد شرطة دبي الذي يشن حملة ضد النظام المصري فتارة يعتبر الإخوان المسلمين بمصر خطرا محدقا يجب التصدي له،وتارة يصفهم بجماعة "المافيا " وتارة أخرى يعتبرهم أخطر من إيران ،بل ذهب أبعد من ذلك ليعتبر جماعة الإخوان بالآفة العربية.
ما تروج له دول الخليج من أن هناك مؤامرة من طرف جماعة الإخوان في مصر لإسقاط الأنظمة الخليجية لا يستند على أي أساس، وأن تلك الحجج التي تقدمها ذريعة لإعلان الحرب على النظام المصري هي حجج واهية بالإجماع، مخطئ من يقول أن النظام المصري الجديد متورط في محاولات زعزعة الأنظمة الخليجية ،وتحريض الشعوب على القيام بالثورة ،فالشعوب الخليجية لا تنتظر الإخوان ولا غيرهم لكي تلقنها مبادئ الديمقراطية والحرية ،فهي تفهم الفرق بين الديمقراطية والديكتاتورية ،بل تفهم بأي حق يحكمها هؤلاء الزعماء والأمراء وهؤلاء الملوك والقادة.
بجب على دول الخليج أن تفهم جيدا أن الربيع الذي من الممكن أن يحل ضيفا على دولها، لن يحتاج إلى دعم من أحد، وأن الثورة إذا اشتعلت فلن تشتعل بوقود خارجي كما تدعي هذه الدول ، وإنما انطلاق الشرارة سيكون من الداخل عندما تقرر شعوبها خوض هذه التجربة التي من الواضح أنها قادمة لا محال وإن كنا لا نعرف متى وكيف ستنطلق.
akhribichrachid@gmail.com

0 تعليق على موضوع "يا حكام الخليج لا تأسفوا فثورة مصر قد نجحت "


الإبتساماتإخفاء