رب بعيد أنفع لسوريا من قريبها

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0




أخريبيش رشيد

توالت أعمال القتل في سوريا ، وتوالت معها أصوات الشعب ،تستنجد العالم بأسره،من أجل أن يخلصهم من ديكتاتور، لم تعرف البشرية مثله، قتل بأبشع الطرق، وبطش بأيادي من حديد، ليس لوحده فقط وإنما بمباركة أغلب الدول العربية،التي تحاول التغطية على جرائم بشار الأسد،الذي قد نظلم الأسد عندما نقارنه بهذا الأخير،فأسد الغابة أكثر رحمة من ذلك،السفاك الذي استعمل كل ما يملك من قوة ،ليعيد رسم خريطة سوريا ، بألوان الدم والقتل.ليكون الشعب السوري بذلك، قد أدى ثمنا غاليا،وسط أعين العالم الغربي والعربي،الذي تجاهل أنين الأطفال ، والشيوخ والنساء، الذين يذبحون أمام العالم ،وعلى المباشر،وسط صمت مخجل،من المسلمين والعرب،الذين يدعون الأخوة والإسلام،ومن الغرب ،الذي طالما يتشدق بحقوق الإنسان،ويظهر أنه الحامي لحرية الإنسان وكرامته.
قد صدق من قال اتفق العرب ألا يتفقوا،فاتفاق العرب أصبح من المستحيلات، بل حتى وإن اتفقوا على أمر،فنادرا ما يخرجون بشيء من هذه الاتفاقات و المؤتمرات ،التي لا تسمن،ولا تغني من جوع، فذهاب الدول العربية إلى مؤتمر أصدقاء سوريا،لن يغير أي شيء من مجرى الأحداث في سوريا،إلا إذا كان هناك فعل وراءه، فالتنديد لا يكفي ،ومطالبة النظام ،بالتوقف عن جرائمه لا يكفي، بل هو إعطاء مزيدا من الوقت للنظام ،لقمع الثورة.بعد أن بدأت شرارة الثورة في ليبيا ،بدأ الكل يصفق للتدخل العسكري،وتسليح الثوار،لكن مع الثورة السورية،أغلب أولئك الذين طبلوا للحظر الجوي على ليبيا ،هم الآن لم يعلنوا أي موقف لهم،إزاء ما يحدث بسوريا،الهم إذا كانت بعض العبارات التي تخرج مرارا وتكرارا من أفواههم،تدعو إلى الحوار وعدم استخدام العنف.أحد هؤلاء رئيس الوزراء العراقي الذي قال إننا نحن حريصون كل الحرص،على وحدة سوريا،وأن يكون حل أزمتها،بالحوار.كيف يمكن للشعب السوري أن يجلس على طاولة المفاوضات، مع شخص لا يعرف إلا لغة الرصاص والقتل،بل ولا يعرف معنى الإنسانية أصلا؟كيف يمكن الحوار مع من يقتل شعبه بدم بارد،ذنبه أنه سئم الديكتاتورية،ومل من حكم العلويين الظالم،الذين أهلكوا الحرث والنسل، وأعثو في الأرض فسادا،كان من الأولى على الدول العربية التي ذهبت إلى هذا المؤتمر،أن تكون سباقة لمثل هذه المبادرة،أم أن مقولة رب بعيد أنفع من قريب،تصلح لتلخص العرب،في بوثقة الدول الصديقة،التي لا تنفع. نحن لا ننكر مواقف تركيا تجاه المسلمين ،ولا ننكر تعاطفها مع المظلومين،في كل العالم،فتركيا الدولة الوحيدة،التي تجرأ رئيس وزرائها على الانسحاب من مؤتمر دافوس،دفاعا عن أطفال غزة، بعدما كان العرب و العالم الإسلامي يتفرج ولا يستطيع،أن يحرك ساكنا،لكن أن تنتظر تركيا ،والسعودية ،وقطر المجتمع الدولي،من أن يتخذ موقفا شجاعا،في الوقت الذي تلتزم فيه بعض الدول العربية الصمت،لتزيد من معاناة الشعب،الذي يذبح بالليل والنهار،ولتعطي للنظام،ورقة دعم لكل مخططاته الصفوية.فحسن نصر الله،شيخ المقاومين،كما يحلوا للبعض أن يسميه، هو الآخر كان من بين المتآمرين على الشعب السوري، فحسن نصر الله،لم يتخذ موقفا من التدخل العسكري،في ليبيا،ولم يتخذ موقفا من الحراك  الشعبي في العالم العربي،أما عندما تعلق الأمر بسوريا، فكان حزب الله،هو السباق إلى التنديد بالحراك الشعبي في سوريا،واتهام المعارضة،بالعمالة للغرب،في الوقت الذي يعتبر فيه ،حسن نصر الله من العملاء الأوائل لإيران،صاحبة مشروع،تشييع العالم العربي والإسلامي، نحن لا نلوم حسن نصر الله، على ولاءه لإيران،ولا على ولائه لسوريا،و لكن نقول له ألا يتدخل في الشعوب في تقرير مصيرها،وألا  يحاول أن يظهر للمسلمين،أنه هو من يتصدي للعدو الصهيوني،وأنه ناصر لقضايا المسلمين، وأن لا يجعل الأمة الإسلامية،جسرا يعبر عليه، من أجل الوصول إلى أهدافه الصفوية المرسومة. فالمجتمع الدولي هو الآخر ، لا يناصر قضايا الشعوب، إلا إذا كانت في ذلك مصلحته ،التي يجعلها فوق كل اعتبار،فسوريا التي تعيش في أنهارمن الدم،تختلف كل الإختلاف عن ليبيا،لا من حيث الثروات الطبيعية ،ولا من حيث الموقع الإستراتيجي ،فسوريا التي لا ينكر زعيمها، أنه مدين لإيران،ويعتبر نفسه رمزا لدول الممانعة،التي تمانع في تطبيق الديمقراطية،وتمانع عن الاستقلالية بمواقفها أيضا.
بعد هزيمة آل الأسد،وبعد أن ضاقت بهم الأرض بما رحبت،يحاولون أن يستفيدوا من مسألة، تماطل المجتمع الدولي،في اللجوء إلى تسليح الجيش السوري الحر، وذلك من أجل ربح الوقت الكافي،لاستعادة السيطرة على الوضع،لكن هيهات هيهات ما فات لن يعود. فمهما حاول النظام أن يخفي جرائمه فإن الحقيقة ،وصلت وأن العالم ينتظر وبشغف، سقوط هذا الطاغية،أوأن تكون نهايته مأساوية،كما كانت مع،صديقه في الديكتاتورية،معمر القذافي،الذي رفض كل الحلول،وآبى إلا أن يموت بتلك الطريقة ،فبشار الأسد في اللحظات الأخيرة من حكمه،بالرغم من أنه استطاع أن يقمع الثورة،لمدة أطول،خلافا لأصدقائه ،فبوادر زواله بدأت في الظهور، فالاعتراف بالمجلس الوطني،ممثلا شرعيا،في مؤتمر أصدقاء سوريا في تركيا،يعد بمثابة عربون يقين،لزوال صاحب شعار "بشار اوبس" الذي يهمه نفسه أكثر من أي شيء آخر،ودخوله مزبلة التاريخ من أوسع أبوابها، فلا حزب الله قادر على أن يحافظ على حكم الأسد،ولا إيران قادرة على ذلك، إنما الحل الوحيد الذي يمكن له فعله ،هو أن يتنازل عن الحكم،ويقدم نفسه إلى الشعب السوري،كمجرم أباد شعبه، وارتكب جرائم ضد الإنسانية،ليقدم نفسه للعدالة،ليحاكم محاكمة عادلة،تحفظ له كل شروط محاكمة المجرمين.





0 تعليق على موضوع "رب بعيد أنفع لسوريا من قريبها"


الإبتساماتإخفاء