هل بات الانقلاب على الحكومة أمرا حتميا؟

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0




أخريبيش رشيد




كانت كلمة الإنقلاب في ما مضى كلمة تثير مجموعة من التحفظات بسبب المعنى القدحي الذي أطلقته عليه الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي وفي المغرب الكبير ،لكن بعد الثورات الديمقراطية التي استطاعت أن تسقط أنظمة ديكتاتورية جثمت على صدور الشعوب لعقود طويلة ،وتمكنت من هز عروش البعض منها أصبح مفهوم الانقلاب بمجرد سماعه يعبر عن الخلاص وتطهير  الفساد والفاسدين ولكل أشكال الديكتاتورية وهذا ما حصل بالفعل حيث أصبحت كلمة الإنقلاب السبيل الوحيد والأوحد للتخلص من السيطرة ومن التسلط .
بعد الحراك الشعبي وبعد أن انتظر الشعب المغربي طويلا مسرحية الإصلاحات التي جاءت ردا على هذا الحراك، أو خوفا من المجهول الذي قد يحصل دعونا نتنبأ بشيء قد يحدث خاصة وأننا نعيش مرحلة يمكن أن نسميها بمرحلة الغليان بسبب مجموعة من المتغيرات التي يعتبرها أغلب الشعب المغربي ساهمت بشكل كبير في وأد الثورة المغربية التي كانت ستستمر،إضافة إلى المسرحيات الهزلية التي نتج عنها وصول حكومة الإسلاميين إلى السلطة والذين اتبعوا نفس النهج الذي اتبعه سلفهم في النضال من أل الفاسي الذين أهلكوا الحرث والنسل وأعادوا بنا إلى الوراء لقرون عديدة، إنه الإنقلاب الذي يأتي وبالا على الحكومة من حيث لا تدري ،وقد يضع الحكومة أمام خيار لا غير الإستقالة أو الإقالة من طرف الشعب الذي أصبح أكثر حرصا من أي وقت مضى على استكمال مسيرته نحو تحقيق المطالب التي رسمتها حركة 20 فبراير والتي رسمها الشعب المغربي ككل .
قد يقول قائل إننا نمهد لمؤامرة ضد الحكومة الجديدة لكن لدينا ما يبرر هذا الكلام ويجعله حقيقة لا مفر منها ،فالشعب المغربي اليوم كما كان بالأمس لا زال مصرا على طرح مجموعة من الأسئلة التي يراد من خلالها وضع الحكومة الجديدة على المحك ،أسئلة من قبيل ما هو الجديد الذي جاءت به الحكومة الجديدة ؟ما الذي تغير بالفعل بعد مجيئها ؟هل استطاعت حكومة ابن كيران أن تلتزم بتلك الوعود التي قدمتها للشعب المغربي ؟قد تكون أطروحات دعاة الانقلاب على الحكومة الجديدة مرجحة بالمقارنة مع المساندين لها ،بحيث مجموعة من استطلاعات الرأي تؤكد أن شعبية الحكومة الجديدة قد وصلت إلى مستوى متدني وأن أغلب الشعب المغربي مستاء من قرارات الحكومة الجديدة ومن أعمالها التي لا تصب في خدمته ولا تخدم مصالحه ،بل عى العكس من ذلك فهذه القرارات يراها الكثيرون من المغاربة أنها جاءت خدمة للطبقية وتغذية الفوارق الاجتماعية ،ربما الآن من السهل أن نتوقع حدوث ثورة على الحكومة الجديدة بعد كل ما ذكرناه،لأن حكومة السيد عبد الإله بنكيران فقدت مصداقيتها عند المغاربة وأصبحت غير قادرة على مواجهة الحقيقة التي من أجلها قام ذلك الحراك ،ومن أجلها سقطت حكومة آل الفاسي والتي اعتقد الشعب المغربي أن وجوها منها لن تعود إلى حكومة ما بعد الحراك ،لكن كل هذا كان مجرد أضغاث أحلام واكتشفت غالبية الشعب أنها ملزمة في إعادة النظر في هذه الحكومة وفي سياستها ،ولأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين فإن المغاربة لدغوا من الحكومات مرات عدة ،وأصبحوا غير قادرين أن يتجرعوا مرارة ذلك ،بل لسان حالهم يقول متى نتعلم الدروس من غيرنا؟ ،متى ننتفض ضد الظلم ؟متى نستعيد كرامتنا أسوة بأصدقائنا ؟
يبدو جليا وبعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكومة وبعد القرارات المجحفة التي اتخذت في حقهم أن المغاربة استنفذوا كل صبرهم وباتوا على شفى حفرة من الانفجار،بسبب سياسات لا مسئولة من طرف الحكومة ،التي ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث أعادت لهم نفس السيناريوهات التي كانت مع الحكومات السابقة والتي كان ضحيتها الشعب المغربي .فخطاب الحكومة الجديدة هو نفسه لم يتغير ،يبدوا أن الحكومة الجديدة مرتبكة في ما يخص وضع التدابير والإجراءات العملية لمنع عودة الحراك الشعبي الذي قد يزحف نحو إسقاط الحكومة من يعلم.فحكومة السيد بنكيران غير مستعدة ولن تكون مستعدة لمواجهة الحراك الذي قد يأتي ويجر معه الأخضر واليابس ،وتكون بذلك الحكومة الجديدة هي السباقة إلى صب الزيت على النار ،وأشعلت فتيل الاستياء في صفوف المغاربة .
قد نكون متفقين مع السيد بنكيران الذي غالبا ما يصف المغاربة بأنهم لا يفهمون ولكن لا نضمن له بأن يبقى الوضع كما هو عليه ،ولا نضمن له أن يبقى الأغبياء وذوي الفهم المحدود كما يسميهم ابن كيران أن يقبلوا بالظلم والعيش تحت وطأة الأوضاع الاجتماعية المزرية ،إذا كان السيد الوزير يستبعد أن تقوم ثورة على ريال واحد فإنه يجهل أن الغليان الشعبي ورياح التغيير قد تعصف بالحكومة الجديدة وتعيدها إلى سيرتها الأولى ،لأن من استطاع أن يبدأ هذا الحراك قادر على أن يحييه من جديد ،ولأن من أسقط حكومة أل الفاسي وجاء بانتخابات مبكرة قادر على أن يعيد الثورة إلى الواجهة ،نحن لا نتفق مع أؤلئك الذين يحنون  إل زمن أل الفاسي ،لأن الفاسد والمفسد سواء مهما اختلفت الظروف ،فالشعب المغربي لا يستبعد أن تزيد معاناتهم ومأساتهم خاصة مع حكومة العاجزين هؤلاء الذين وقفوا في بداية الطريق وكانوا بمثابة سيف مسلط على أعناق المغاربة ،مثل تلك القرارات عفوا هي انتقام من طرف الحكومة تجاه شعب اختارها واعتقد فيها الخير الكثير ،ليفاجأ في النهاية أن الفقيه (لسنينا براكتو دخل الجامع بلغتو) وأن من حسبناه قائد صيد أصبح قائد قيد بامتياز،لتبقى المرحلة المقبلة هي البحث عن السبل الكفيلة لتحقيق تلك المطالب لكن يبقى الاختلاف حول كيفية تصرف الشعب المغربي في إدارة هذه المرحلة .






0 تعليق على موضوع "هل بات الانقلاب على الحكومة أمرا حتميا؟"


الإبتساماتإخفاء