الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

أخريبيش رشيد

لماذا يصفق العرب للغرب؟

رحل ساركوزي وحل محله هولاند ليكشف عن حقبة جديدة من تاريخ فرنسا ،ويدخل زمن نيكولا في خبر كان، لكن السؤال الذي يطرح هو لما ذا يطبل العرب والمسلمين للرئيس الجديد ويتوقعون الخير من هذا الأخير ،بالرغم من أن هؤلاء سبق وأن عاشوا نفس التجربة مع أوباما الذي اعتقدوا أنه قائد صيد فتبين بعد ذلك أنه قائد قيد بالنسبة لهم .
من المؤسف جدا أن نرى العرب يعيدون نفس الأخطاء،ونفس السيناريوهات في علاقاتهم مع الغرب،من المؤسف جدا أن نرى تعاطفا مثل هذا مع رؤساء نعرف أنهم لم يكونوا ليصلوا للحكم لولا أنهم جعلوا مصلحة بلادهم فوق كل اعتبار حتى لو كلفهم ذلك تجاهل مطالب الدول  الأخرى.فما الذي جنيناه من هذا التعاطف والحماس الزائد غير الرجوع بخفي حنين ،وانتظار المرحلة التي يتم فيها تحقيق مصالح الغير؟بدل التفكير في المشاكل التي تأرق الشارع العربي والمسلم ،والعمل على حلها أو على الاقل التخفيف من حدتها تتعالى أصوات تصفق وتطبل لرؤساء دول كانت هي السبب الوحيد في شقاء جل الدول العربية منذ عصر الإستعمار البغيض الذي فرق دولا وشتت شعوبا لا زالت تعاني ويلاته إلى حد الآن ،فما الذي حققه أوباما الذي أقام العرب والمسلمين من أجله الدنيا ليصل إلى الحكم ليكون هو الآخر وبالا وسيفا مسلطا على العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم ،فأوباما الذي أعتقدوا فيه الخير هو الذي زاد من حربه على ما يسمى الإرهاب ،وزاد من عدد القوات الامريكية في العديد من الدول الإسلامية ،وشدد من إجراءاته وتضييق الخناق على المسلمين في أمريكا ،ليخيب ظن الكثيرين ممن كانوا متحمسين لدعم الرئيس في داخل أمريكا او خارجه ،نأسف لهؤلاء الذين أعادوا نفس السيناريو مع الرئيس الفرنسي الجديد الذي وصل إلى سدة الحكم .بتعاطف اغلب العرب والمسلمين ايمانا منهم أن هذا الرئيس سيكون أفضل من سابقيه خاصة في ما يخص رعاية مصاحهم سواء داخل فرنسا أو خارجها ،وتجاهلوا أن أي رئيس كيفما كان لا يستطيع أن يخطو خطوة إلا باستشارة من البرلمان الفرنسي .على أي معيار يبني العرب والمسلمين دعمهم للرؤساء الجدد ؟في الحقيقة يبدو أن العرب والمسلمين دائما يطبلون ويزمرون للعهد الجديد والذي غالبا ما يكون شرا لهم دون وعي ولا معرفة بخصوصيات الدول ،ربما العرب انساقوا وراء التصريحات التي قدمها هولاند ومقارنتها بتصريحات ساركوزي التي تبين العداء الدفين للمسلمين ،نفس الشيء وقع مع أوباما الذي اعتقد الكل في الحملة الإنتخابية أنه مسلم يخفي إسلامه ،وانه مخلص العرب والمسلمين من العدوان الذي شنته امريكا على المسلمين منذ عقود، ليتبين بعد ذلك أن كل ذلك كان مجرد أضغاث أحلام ليخرج عليهم أخوهم المسلم ليجعل من القدس عاصمة أبدية لإسرائيل على حد قوله في كلمة أمام لجنة الشؤون العامة الامريكية الإسرائيلية،ويخيب ظن كل عربي ومسلم من الذين شاركوا في المسيرات التي نظمت دعما للرئيس أوباما .
نفس الشيء يعاد مرة ثانية ليتبين أن العرب مهما لدغوا من الجحر فلن يتعلموا من أخطاء هم ،فهولاند الإبن أو التلميذ لفرنسوا ميتران كما يقال ستكون سياستة تتسم باستحضار المصلحة العليا لفرنسا ولشخصية الرئيس كسابقه متران،فهذا الأخير كانت لديه سياسة متوازنة تجاه القضية الفلسطينية ،وكان يؤمن بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة لكن سرعان ما تغير موقف فرنسا من القضية الفلسطينية خاصة بعد أن بدأ الطرف الفلسطيني يقدم تنازلات لأمريكا ،ففرنسا التي لم تستسغ لهذا الأمر بدأت تحاول الضغط على الفلسطينين لتقديم تنازلات لدعم موقف متران أمام خصومه ممن ينتقدون سياسته.

من غير المعقول أن نضع ساركوزي وهولاند في كفة واحدة ،فهذا الأخير لا بد أن مختلفا عن ساركوزي وذلك ما يتبين من خلال تصريحاته تجاه المسلمين في فرنسا  ونظرته إلى إقامة علاقات الود مع الدول ،عكس ساركوزي الذي كانت سياسته معادية للمهاجرين من أصول عربية ومسلمة،لكن أن يكون التعاطف إلى يمكن أن تتخيل فيه أنك أمام رئيس سيخلص العرب والمسلمين من سياسة فرنسا والعالم الغربي الذي لا يضع مصلحة العرب نصب أعينه ،وجعل من الدول العربية مجرد فئران تجارب لعقود طويلة .
أليس من المخجل جدا أن يبقى العرب دائما ينتظرون من الدول الغربية ومن رؤسائها الجدد تغيير سياسات دولهم تجاه هؤلاء ؟كثيرا من التجارب التي مرت بهؤلاء دون أن يعيروا أي اهتمام لتلك التجارب ،ويعيدون ارتكاب نفس الأخطاء مع الرئيس الفرنسي الجديد ،فالعرب ليسوا حكماء في التعامل مع الغرب ولا عقلاء في حفظ مصالحهم ،وإنما كانوا دائما منساقين وراء كل الدعوات التي يراد من خلالها توهيم الشعوب العربية بمستقبل زاهر مع الرئيس الجديد الذي اعتدنا أن يعطي صورة مثالية عن شخصيته وعن سياساته تجاه الدول العربية التي تعتبر قلب الأزمات في عصرنا الحاضر

0 تعليق على موضوع " "


الإبتساماتإخفاء