الإنتخابات الجزائرية دعم للجملوكية

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

الإنتخابات الجزائرية دعم للجملوكية



رشيد أخريبيش


كان من الممكن لنا أن نستبدل كلمة جملوكية بالممملكة لو أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أعلن صراحة أنه حاكم المملكة الجزائرية ،من المؤسف جدا أن يعاد نفس السيناريو مع الشعب الجزائري الذي عانى الأمرين مع الإستعمار البغيض الذي لا زالت بصماته حاضرة إلى حد الآن ،ومع الجيش الذي عوض الإستعمار وخلفه وحرم الشعب الجزائري من أن ينعم ولو بقسط من الحرية ،لتزداد آلامه ليبقى وحيدا في الطريق متعثرا بعد أن مرت عليه قافلة التغيير في جل الدول العربية والإسلامية محاولة إقناعه بالركوب معها دون أن تجد أذانا صاغية منه.
يبدو أن الجزائر لم تستفد من رياح التغيير التي هبت على الدول العربية ودول المغرب الكبير التي استطاع بعضها إسقاط أنظمة جثمت على صدورهم لعقود طويلة ،و بعضها استطاع أن يسقط جدار الصمت ويعبر عن رأيه في محاربة الفساد والمفسدين ومحاسبتهم،فالسؤال الجوهري والذي يطرح بقوة هو لماذا لم يتعلم الشعب الجزائري الدروس أسوة بإخوانهم في العديد من الدول؟ أم أن حالة الجزائرتمثل استثناء عن بقية الدول التي ثارت ؟
من الملاحظ أن اانظام الجزائري ولعقود طويلة أتقن فن التحايل على الشعب وذلك بتسخير الديمقراطية لشرعنة نفسه بواسطة انتخابات يعرف الكل نتيجتها من قبل ،فالإنتخابات الجزائرية التي مرت في جو من الشفافية والديمقراطيه على حد قول حكومة الدولة الجزائرية عفوا المملكة الجزائرية والتي شهد لها الغرب على نزاهتها ،هو استمرارية للكذب واستعمال الشرعية في عدم مشروعية النظام الذي يحاول البقاء في السلطة مهما كلفه ذلك.فوزارة الداخلية التي أعلنت عن نسبة 42,9 في الإنتخابات الأخيرة هو تكملة لمسار حافل بالكذب الذي عودت عليه الشعب الجزائري منذ الإستقلال ،فالنظام الجزائري كغيره من الأنظمة الديكتاتورية التي كانت ترفع نسبة المشاركة في الإنتخابات إلى 99 بالمئة ،هذه المرة بعد أن تأكد النظام الجزائري أن الشعب يعي جيدا نهاية هذه العملية المفبركة تحت مسميات عدة منها الديمقراطية والإحتكام إلى صناديق الإقتراع إرتأى أن لا يبالغ في النسبة ليبين للشعب أن الجزائر لم تعد كما كانت و أن الجملوكية الجزائرية بخير بالرغم من رياح التغيير التي عصفت بالعديد من الدول .
فالرئيس الجزائري يعرف أن زمن الإستعباد قد ولى ،و أن عصر الضحك على الذقون في الطريق نحو الذهاب بغير رجعة،لذلك ما فتىء يتخذ مجموعة من القرارات لدعم حكمه وتوهيم الشعب الجزائري أنه الرجل الوحيد القادر على إخراج الجزائر من الأزمات التي تتخبط فيها الدولة الجزائرية .سبق للنظام الجزائري أن اتخذ مبادرة تغير المادة التي تمنع الرئيس للترشح للولاية الثالثة ،واعتبر ذلك من قبيل تمكين الشعب الجزائري من ممارسة حقه المشروع في اختيار من يحكمه محاولا التنكر لآمال الشعب الجزائري العظيم ،بلد المليون شهيد الذي أريد له أن يقدم على طبق من ذهب للعسكر الذين نخروا أموله وصادروا حقوقه ، وجعلوه يعيش على الأوهام منذ فجر الإستقلال .يبدو أن الجزائر كغيرها من بعض الدول لم تتخلص من الإستعمار الذي قاومت من أجل إخراجه ،بل بالعكس من ذلك فالشعب الجزائري يعرف أن ذلك الإستقلال الذي يتبجح به النظام ،ويفتخر ببطولات أجداده ،كان مجرد احتقلال لم يأتي للشعب الجزائري إلا بالمآسي وبديكتاتوريات أهلكت الحرث والنسل أعثت في بلاد المليون شهيد فسادا .
فبعد الإنتخابات التي لم تكن نتائجها دقيقة بشهادة العديد من الجزائريين ممن قاطعوا الإنتخابات ،يبدو أن النظام ضاقت به الدنيا بما رحبت ،وأيقن أنه مهما طال حكمه ومهما طال بطشه فلا بد من يوم يتجرع فيه مرارة السقوط والهزيمة ،التي لحقت إخوانه من الذين كانوا يتقنون لغة الديكتاتورية والبطش بالشعوب والنيل منهم ،لذلك يحاول إخماد نار الثورة التي ستنطلق شرارتها في يوم من الأيام والتي يعرف النظام جيدا أنه سيكون الضحية الأولى من بين عصابات العسكر التي تحكم الجزائر بيد من حديد منذ عقود.
فالسؤال الذي يطرح هنا هو هل يمكن لهذه الإنتخابات أن تغير من إرادة الشعب الجزائري الذي لا يقبل بالذل والعار،والتواق للحرية والكرامة ؟من خلال ما نراه أن الشعب الجزائري يعلم علم اليقين بهذه الإنتخابات أنها مجرد ذر الرماد في العيون ،وأنه يتحين الفرصة التي ستأتي وينتظر فيها اللحظة التي يمكن فيها أن يزيل الغطاء الذي يحجب عليه شمس الحرية والديمقراطية .ربما يقول البعض إن الشعب الجزائري تخلف عن الركب لكن الحقيقة أن الشعب الجزائري كان سيكون هو السباق إلى هذه الثورة قبل الثورة التي أشعلها البوعزيزي في تونس لكن صلابة النظام وقمعه للشعب جعل الأمور تتخذ طريقا آخر،طريق الديمقراطية المزيفة التي يراد من خلالها إسكات الشعب و تغييبه عن قضاياه المصيرية التي تجاهلها النظام لعقود طويلة .

0 تعليق على موضوع "الإنتخابات الجزائرية دعم للجملوكية"


الإبتساماتإخفاء