الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


  عنف مدرسي بامتياز


   أخريبيش رشيد 

كوني كمدرس لم أكن يوما ضد استعمال الضرب،كوسيلة من الوسائل التي يمكن استعمالها في العملية التعليمية،ومازلت حتى الآن أعتقد ذلك الاعتقاد،لكن أن نرى صورا من الضرب الذي يسبب في بعض الأحيان في إعاقات،أو عاهات مستديمة تبقى مع الطفل أبد الدهر ،فهذا نوع  آخر من الضرب، الذي يمكن أن نسميه بالعنف المدرسي، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
كثيرا ما نسمع عن صور ممارسة العنف ،من طرف بعض الأساتذة في حق التلاميذ،ومن طرف بعض التلاميذ في حق الأساتذة،قصص وروايات متعددة ،تستدعي منا أن نتوقف ولو للحظات،لنعرف ما يقع داخل مدرستنا،نحن الآن لسنا بصدد لوم الأساتذة أو التلاميذ،ولسنا في موقع هيأة الدفاع عن طرف دون الآخر،ولكن من حقنا أن نتساءل هل أصبحت المدرسة المغربية ساحة حرب بعدما كانت في السابق مكانا لاكتساب العلم والمعرفة والأخلاق معا؟
صحيح أنالأحداث التي تحدث كل يوم داخل مدارسنا تبين جليا أننا أمام ظاهرة خطيرة أصبحت تتزايد من حين لآخر،فالعنف المدرسي ليس المدرس هو المسؤول عنه لوحده ولكن هناك أطراف أخرى تتداخل ابتداء من الدولة أولا،ومرورا بالاسرة ،وأخيرا المدرس ،الذي بات من الواضح أن الكل يرمي الكرة إليه وكأن الأمر يهمه لوحده بينما هناك أطراف أخرى يمكن أن تشارك المدرس في مثل هذا العمل. دعونا نبحث عن الأسباب ،ودعونا نشخص الداء ،لعله نتوصل إلى الدواء.فالعنف المدرسي نوعان إما أن يكون جسديا ،وإما أن يكون نفسيا وهو الأخطر من حيث تأثيره من العنف الجسدي ،فالعنف الجسدي الذي يمارس على التلاميذ ليس عبثيا ولكنه نتيجة عوامل نفسية ،واجتماعية يعاني منها المدرس نتيجة سياسات متتالية من طرف الحكومات السابقة ،التي هدفت إلى إذلال المدرس،وقهره معنويا وماديا ،فالقهر المعنوي أساسه الحالة التي يعيش فيها المدرس والفضاء الذي يعمل فيه،الذي يفتقر لكل شروط العمل ،أما ماديا فالاحتجاجات أمام وزارة التربية،وأمام الأكاديميات،تبين وضعية الأستاذ التي لا تسر عدوا ولا صديقا،ليس هذا فحسب فالمدرس اوكلت إليه كل المهمات،لو حملتها الجبال لربما لن تقدر عليها.
الأستاذ معلم في قسمه، طبيب في قسمه،وممثلا في قسمه،وطبيبا نفسانيا .كل هذه المهن التي لم تستطع الدولة أن توفرها للمدرسة المغربية حملها المعلم وبات من الضروري القيام بها بأجر لا يكفيه حتى لكراء بيت في مدينة،وما بالك لأولاده،عوامل أخرى وأخرى تساهم و بشكل كبير في فقدان المدرس السيطرة وانفعاله،ومن تم يمكنه استعمال الضرب الذي قد يتحول أحيانا إلى عنف،فالعنف الذي يمارس من الأستاذ هو لا يصدر من إنسان سوي يمكن أن نوجه له انتقادات،ولكن من إنسان، يفقد الوعي تارة،ويفقد الصبر واللباقة تارة أخرى ليس عبثا إنما نتيجة ظروف قد ذكرناها سابقا،
في الوقت الذي نلقي اللوم على المدرس أو الأستاذ، ونعتبر تلك الأعمال مخلة بمبادئ العملية التعليمة،دعونا نشرك شركاء آخرين ،الذين لديهم التدخل الفعلي في هذا العنف ،الدولة مسؤلة بشكل كبير لأنها لم توفر الحماية الكافية لذلك التلميذ،ولم توفر لذلك الأستاذ الظروف الملائمة، لممارسة مهنته في أحسن الظروف،نحن لسنا بصدد تبرئة من يمارسون العنف المدرسي على التلاميذ،ولكن بصدد معرفة الدوافع الحقيقية الكامنة وراء استعمال العنف ضد أطفال،ذنبهم أنهم أحبوا العلم والمعرفة،وقصدوا المدرسة وهم يحملون أحلاما قد تتكسر على صخرة صماء إن هم لم يجدوا من يساندهم،ويقف إلى جنبهم،كلنا نعرف أن الطفل الصغير مثله كمثل أي كائن أخر إن استعملت الشدة معه فانه سينفر منك،وإن أنت استعملت الليونة فهو يتقرب إليك،ويكن لك كامل الاحترام والتقدير،لكن يجب ألا تزيد الليونة عن حدها،وألا تزيد الشدة عن حدها" لا تكن لينا فتعصر ولا قاسيا فتكسر"

0 تعليق على موضوع " "


الإبتساماتإخفاء