يستحمرون الشعب تحت ذريعة المصلحة الوطنية

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


رشيد أخريبيش 
06/08/2016

من يشاهد الأحداث، ومن يتابع ما يجري في وطننا المغرب سيفهم، جيّدا أنّ الشعب المغربي أصبح ضحيّة الاستحمار الحكومي،وهذا واضح للعيان من خلال مجموعة من الوقائع التي تثبت بين الحين والآخر صحة هذه المؤامرة الحكومية القذرة.
بعد السهرة الماجنة التي قيل إنّها لوزير الخارجية المغربي السيّد مزوار رفقة السيد عالي الهمة، والتي تخلّلتها كؤوس الخمر والفتيات الحسناوات حسب ما ظهر في الفيديو إن صح ذلك في دولة قطر الشقيقة، وبعد ردّات الفعل على ذلك من طرف الحكومة ومن طرف حزب التجمع الوطني للأحرار الذي ينتمي إليه وزيرنا المحترم، لا يمكن القول سوى أنّ المغاربة ضحيّة استحمار تاريخي مُورس على الشّعب ولا زال يمارس عليه إلى حدود الساعة. 
قصّة الاستحمار هذه لم تكن وليدة اليوم بل هي قديمة قدم تاريخ المغرب ،فكلما خرجت فضيحة من فضائح صناع القرار إلى العلن إلا ونجد هؤلاء يقيمون الدنيا فيجدون لفضائحهم مبررات ما أنزل الله بها من سلطان.

عندما طفت فضيحة أزبال إيطاليا على السطح، وعندما خرج المغاربة ضد هذه المهزلة التي كانت بطلتها حكيمة الحيطي صاحبة أكبر ساعات العمل في التاريخ من أجل أن تعلن عن الصفقة ، بدأ الإعلام الرسمي في تعداد محاسن هذه الفضيحة وبدأ الساسة العظام في محاولاتهم لإقناع الشعب بأنّ تلك النفايات التي جاءت من إيطاليا لا تشكل خطراً على صحة الإنسان وأنّها مكمل أو بديل للطاقة الأحفورية دوليا في مصانع الإسمنت نظرا لما تتميز به من قوة حرارية مهمة وذهب بعيدا حتى أصبحنا نعتقد أن المغرب استورد منتوجا غذائيا ليس له مثيل .

ما وقع مع فضيحة النفايات التي منّت بها علينا إيطاليا، وقع أيضا مع فضيحة وزير الخارجية المحترم وصديقه، فالكل التزم الصمت لا أحد استطاع الحديث عن هذه الفضيحة بما لا يرضي عشاق التعويضات الخيالية، بل الكل دافع عن الوزير والكل اعتبر ذلك حرية شخصية لا يمكن الخوض فيها، وهذا ما لاحظناه من خلال بيان حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي اعتبر أنّ استهداف الحياة الخاصة للشخصيات العمومية ولعموم الناس مخالفة شرعية وقانونية وأخلاقية وعلى نفس المنوال جاء بيان حزب التجمع الوطنى للأحرار ،وكذلك أصوات بعض المتملقين الذين وجدوا حرجا في تسليط الضوء على هذه الفضيحة .
لماذا يعتبر تسليط الضوء على فضائح أخلاقية كبرى مجرد سجال عقيم لا يخدم المصالح العليا للوطن، بينما يتم التركيز على فضائح المواطنين البسطاء فيتم إعطائها حجما أكبر منها؟ 
هل نفهم أنّه من حقّ الساسة أن يقعوا في المحظور بينما ممنوع ذلك على البسطاء من أبناء الشعب المقهور أن يناقشوا أبسط الأمور؟ 
وهل نفهم أن القوانين وضعت فقط لمحاسبة البسطاء من الشعب دون غيرهم؟ 
مصلحة الوطن للأسف الشديد أصبحت فزاعة لإعادة الشعوب إلى حظيرة الطاعة، وهي نفسها التي يتمّ استغلالها من طرف من يشرّعون من أبراجهم العاجية من أجل تمرير مخططاتهم، وهي نفسها التي يتم استعمالها عندما يقرّرون الركوب على معاناة الشعب. 
هؤلاء الذين يعطون دروساً في الوطنية، وهؤلاء الذين يحرصون على إثبات وطنيتهم للمغاربة عبر أساطيرهم، وعبر أراجيفهم التي انكشفت منذ أمد بعيد، هم يعتقدون أنّ الشعب المغربي لا يفقه ولو قليلا، ولا يدرك حجم المؤامرات وأنّه سيبقى في سباته العميق، لذلك هم يصرّون على استحماره إلى أن يشاء الله. 
كل التجاوزات التي تحدث في حق الشعب وكل الممارسات التي حدثت غالبا ما تقع تحت يافطة المصلحة الوطنية .
يخرقون القوانين باسم المصلحة الوطنية ،يحدّون من الحريات باسم المصلحة الوطنية، ويعلنون الحرب على الفساد باسمها أيضا، ولا حق لأحد أن يتحدث في الأمر ،ومن تحدث فإنه ضدّ هذه المصلحة ومن الذين يثيرون الفتن ومن الذين لا يريدون الخير لهذا البلد .
يجب على المغاربة أن يعرفوا جيّدا أن الحكومة المغربية لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا ،ولا يمكنها أن تسير في اتجاه محاسبة من تحملوا مسؤولية هذا الوطن عن فضائحهم لأن دورها ببساطة لايتجاوز دور الكومبارس الذين يؤدون أدوارهم في فيلم الكذب الحكومي .
عندما يواجه السيد رئيس الحكومة فضيحة "تجزئة خدام الدولة" بالصمت وعندما يطالب أتباعه بعدم الخوض في هذه الفضيحة المدوية التي تتعلق بتفويت بقع أرضية لعدد من المسؤولين والشخصيات السامية بأسعار بخسة، وعندما يفضل عدم الحديث عن فضيحة وزير الخارجية فإن الأمور قد اتضحت واتضح معها زيف هؤلاء الذين أتقنوا فن الخداع وباتوا يمارسون الاستحمار على الشعب على جميع الأصعدة. 
كل عام والطغاة يستحمرون الشعوب

0 تعليق على موضوع "يستحمرون الشعب تحت ذريعة المصلحة الوطنية"


الإبتساماتإخفاء