هذا هو المعنى الحقيقي لحب الوطن

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


02/07/2016
هذا هو المعنى الحقيقي لحب الوطن
رشيد أخريبيش
عندما كنت صغيرا كنت أسمع عن الوطن ، عن الديمقراطية، عن حقوق الآنسان، وعن الحرية ، كنت أعتقد أنّنا نعيش في وطن يحترم ذلك، خصوصا إذا شاهدنا  إعلامنا الذي حاول منذ الاستقلال إدخال حبّ الوطن في قلوبنا، بعد أن كبرنا وتقدّم بنا السن في الوطن، وبعد أن أبحرت بنا سفينة الوطن أحسسنا أنّ الغرق سيكون هو المصير الذي ينتظرنا، وأنّه لا سبيل للنجاة خصوصا إذا كان حماة الوطن يدبّرون لعملية إغراق جماعية للوطن بأكمله .
في شهر رمضان المبارك كان لي موعد مع مستشفيات الوطن ، الوطن  الذي طالما يوهمنا به الإعلام والذي طالما يقدمه لنا على أنه يتسع للجميع، ويفتح قلبه لنا نحن من آمنا بالوطن وبحبه.
ولأنّني لم أكن لأطلق الأحكام جزافا ولأنّني لست من الذين يكفرون بنعم الوطن التي أنعم بها علينا في الإعلام، بل في كل وقت وحين ننتظر أن يكون وطننا قدوة العالمين ونبراسا ينير طريق شعبه الأسير ، لكن ما شاهدناه يندى له الجبين ويكذّب مسرحيات أنّ الوطن في خدمة الشعب.
لم أر وطناً يقدّم الموت للشعب أكثر ممّا رأيت في وطننا الحبيب، ولم أر وطناً يستهين بصحة الشعب أكثر مما يستهين بها وطننا .
شاهدت العجب العجاب، شاهدنا كيف يتمّ إهمال المرضى في مستشفيات الموت، شاهدنا كيف يعامل المواطن معاملة حاطة بكرامته وهو على فراش الموت، شاهدنا كيف يمتصّون عروقه من أعلى الهرم في المستشفى إلى أدناه.
في وطن الديمقراطية  وفي وطن قيل إنّه قطع أشواطاً في مجال حقوق الإنسان مازال المواطن المغربي يعاني الويلات مع أبسط عامل في المستشفى، مازال يتعرض  للابتزاز داخل المستشفى، مازال يُطلب منه فعل المستحيل، مازال يُشتم ويُضرب ويتمّ النّيل منه فقط لأنه آمن بحب الوطن وصدّق رواية أن الوطن للجميع.
أيّ وطن هذا الذي يُطلب فيه من مواطن يقصد  المستشفى،  وهو في حالة يرثى لها ،إعداد الوثائق قبل إدخاله  لإجراء عملية مستعجلة؟
أي وطن هذا الذي يُطلب فيه من المرضى  أداء فاتورة "المازوط" لنقلهم إلى المستشفى بحجّة أنّ الإدارة لا تتوفر على "المازوط"  ؟
أتعجّب لحال بعض المتملّقين أصحاب الفخامة في تزوير الحقائق عندما يطبّلون لمن هم على رأس قطاع الصحة في البلد، ويحاولون تصويرهم  أبطالا يستحقون الأوسمة والنياشين مع أنهم لم يقدموا للشعب سوى المهزلات .
ما قيمة الإنسان في البلد إذا كان يدخل المستشفيات من أجل العلاج ويخرج منها جثة هامدة؟ وما قيمة ذلك الحبّ الذي منحناه للوطن والذي جُبلنا عليه منذ أن كنّا صغاراً، إذا كان هذا الوطن لا  يستطيع تقديم حتى مرهم الجروح الأحمر للمواطنين في المستشفيات وفي ذلك أضعف الإنسانية ؟
كثيرا ما يخرج علينا الساسة ومن سار على نهجهم بدروس  في الوطنية وفي حب الوطن، وكثيرا ما يطالبوننا بالكف عن انتقاد الوطن لكن لم يمنحوا الشعب  مساحة طرح سؤال آخر ربما يكون منطقيا أكثر  من اللازم ماذا قدم لنا الوطن ؟؟؟
أقل ما يوصف به بلدنا المثخن بالجراح أنه يقدم لنا الموت في كل وقت وحين ، يقدّم لنا المآسي على طبق من ذهب ، يقدّم لنا كل أنواع المعاناة، لمن  يكون الحب  للطغاة الذين استعبدوا الشعب أم للمتملقين الذين يزينون لهم أعمالهم، أم يكون لأولئك الذين ينهبون أموال الشعب ثم يتفرجون عليه وهو على فراش الموت .
حبّ الوطن لا يرسخ بالشعارات الجوفاء ولا بالإدعاءات المغرضة،  ولا يمكن أن يكون عبر البروباغندا الإعلامية التي تزور الحقائق، كما لا يمكنه أن يكون حبراً على الأوراق. فإذا تمادينا في الانتقام من الشعب وإذا استمرينا في تقديم الويلات لهذا الشعب، فإن الوطنية ستموت في نفوس المغاربة وستعطينا جيلا من الشباب ناقما على الوطن يرفض حتى الانتماء للوطن .

0 تعليق على موضوع "هذا هو المعنى الحقيقي لحب الوطن"


الإبتساماتإخفاء