طال عليهم الأمد في السّلطة فقست قلوبهم

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0



رشيد أخريبيش 

حكومة بنكيران مازالت متشبثة بموقفها الرامي لمحاربة الفساد وإنصاف المغاربة، ومازالت تصرّ على إنقاذ المواطن المغربي من أزماته، وهي تدرك جيّداً أنّ الإصلاح لا يمكن أن يكون سوى على حساب هذا المواطن المقهور، الذي أوصلته مخطّطات هذه الحكومة إلى الحضيض. وهي بذلك تكون قد أبلت البلاء الحسن في خطتها الإصلاحية، وتكون قد حقّقت نصراً ليس على المعارضة كما تدّعي، ولكن نصراً مُبِيناً على المواطن المغربي. 

منذ أن جاءت الحكومة بقيادة السيّد بنكيران، ومنذ أن جثمت على صدور المغاربة، وهي تؤكد للشعب أنّها لا تريد سوى الإصلاح ما استطاعت، ولا تريد سوى إنقاذ المغاربة من الفساد الذي استشرى في جسدهم، لكن مع ذلك مرّت سنوات، لم نر أثراً لهذا الإصلاح وبقي الحال على ماهو عليه، فأصرّت على استكمال مسيرة الإصلاحات المزيفة التي لا تنتهي.

رئيس الحكومة مازال مصرّاً على إصلاح التقاعد معتبرا أن الإصلاح بات ضرورة ملحة ذات طابع استعجالي من شأنها أن تمنع الكارثة عن المغاربة، ومازال مصرّاً على رفع الدعم عن السلع والمواد الأساسية ، ومازال مصرّاً على إجهاض حلم المغاربة الذين كانوا ينتظرون غدا أفضل. 

الغريب في الأمر أنّ بنكيران ومن سار على نهجه من إخوانه لا يستطيعون الإصلاح سوى على حساب المواطن المقهور، ولا يستطيعون إنقاذ الوطن إلاّ عبر سياسات تستهدف أبناء الشعب، أمّا ما يتعلق بالكبار من الذين ينهبون من وراء الستار، فلا حديث و لا إصلاح ولا حساب ولا عقاب. 

حكومة الدراويش التي جاءت لمحاربة الفساد، والتي أعلنت الحرب على المفسدين ، والتي نهجت سياسة التقشف من أجل إنقاذ الشعب، تطالب الآن بتوفير الجو المناسب ليس للشعب كما كانت تدعي، بل للوزراء عبر الزيادة في تعويضات هؤلاء، بل كبيرهم الذي علّمهم التقشف، سئم من وضعهم الذي لا يسر عدوا، وانتفض لكون هؤلاء لا يركبون المرسيديس كغيرهم من رجال الأعمال، ونسي الرجل المحترم ذلك الشعب الذي يركب الحمير والذي ينام على الحصير. 
حكومتنا تحولت من الدفاع عن الفقراء إلى الدفاع عن الوزراء، وتحوّل لديها هَمُّ الإصلاح الذي كانت تظهره للناس إلى هَمّ جمع الثروة والاستمتاع بلذة الحياة على حساب الشعب الذي يقتات من نفايات حاويات الأزبال.

عندما انتفض الأساتذة ضد قرار الاقتطاع من الأجور الذي يتنافى مع مقتضيات الدستور، خرج علينا رئيس الحكومة واعتبر أنّ الاقتطاع منصوص عليه في القرآن، وأنّ أي قول يخالف قول رئيس الحكومة هو مسٌّ بقدسية القرآن ومسٌّ بتعاليمه ، وعندما عارض الشعب خطّة إصلاح صندوق التقاعد أعلن بنكيران أنّه مصرٌّ على إصلاح هذا الصندوق، حتّى لو كلّفه الأمر الخروج من الحكومة، في خطوة منه لإظهار نفسه أمام الشعب على أنه لا يريد سوى الخير لهذا الوطن.
حسب المنطق البنكيراني فتقاعد البرلمانيين لا يساوي جناح بعوضة، ولا يؤثّر على ميزانية الدولة، ولا يمكن أن يكون محلّ مراجعة، وإلغاؤه من سابع المستحيلات، ولا أحد يستطيع الخوض فيه من طرف آل العدالة والتنمية، ولا حتّى من أصدقائهم، من الذين جعلهم بنكيران شهود زور على مسرحياته التي قدّمها للشعب على طبق من ذهب، أمّا ما يتعلّق بالشّعب وما يمسّ المواطن المغربي فهو قابل للإصلاح وقابل للنقاش أيضا. 

الشعب ابتلي بحكومة ظاهرها الزهد وباطنها المجون، تتظاهر بالدّين وتعاليمه، ومن وراء ذلك تربط علاقات غرامية مع الفساد والمفسدين، تهتف بالتقشف وبانصرافها عن ملذّات الدُنيا الفانية، وهي في المقابل تعيش حياة الترف وتقول هل من مزيد. 

طال عليك الأمد يا سعادة رئيس الحكومة، وطال الأمد على إخوانك من الذين يطبلون لك آناء الليل وأطراف النهار، وطال استمتاعهم بلذة الكراسي، فنسوا ما وعدوا به الشعب، فأنساهم الكرسي هموم ذلك الشعب وأحزانه، وباتوا يبحثون لأنفسهم عن النعيم وللشعب المقهور عن الجحيم. 
متى يسقط القناع عن هؤلاء أيها السادة ؟متى يعودون إلى سيرتهم الأولى ؟ متى يستيقظون فيجدون أنّ البساط قد أزيل من تحت أرجلهم؟ ومتى يعرفون أنّهم عاثوا في بلاد المغرب فساداً ؟ ومتى يعرفون أنّ الشعب لم يعد يستحمل وجودهم في الحكومة بأي حال من الأحوال؟

0 تعليق على موضوع "طال عليهم الأمد في السّلطة فقست قلوبهم"


الإبتساماتإخفاء