الكاتب رشيد أخريبيش: هل أتاكم حديث جطو حول فساد رجال التعليم .

رشيد أخريبيش

صراحة لم نكن نتوقع أن يكون رجال التعليم هم الطبقة المفسدة في أرض المغرب، ولم نكن نتوقع أن تكون لهؤلاء المسؤولية الكاملة حول ما يقع من أزمات ، ولم نكن نظن أنهم سرقوا البلاد والعباد وأكثروا فيها الفساد، لكن بعد أن جاءنا حديث جطو، تأكدنا أن الأساتذة هم سبب كل المشاكل وكل الأزمات وسبب الزلازل التي تضرب شمال المغرب وهم السبب في سقوط ذلك العدد من الضحايا في سوريا، ولا نستبعد أن يخرجوا علينا مرة ليؤكدوا أنهم هم السبب في ما آلت إليه طبقة الأوزون .

في الوقت الذي كان الشعب المغربي ينتظر من رئيس المجلس الأعلى للحسابات أن يكشف الستار عن عمليات تهريب الأموال وعن ثروة الشعب التي نهبت، وعن الفساد الذي استشرى في البلد بأكمله، عاد الرجل موجها كلامه إلى أوهن موظف في البلاد حيث كشف سعادة الرئيس عن أكبر عملية فساد في التاريخ كان بطلها أساتذة يتغيبون عن العمل مشيرا إلى أن هؤلاء حطموا رقما قياسيا في الفساد. 

من سمع كلام الرجل ،ومن تمعن فيه جيدا سيفهم حتما أن المقصود من هذا الكلام ومن هذه الإحصائيات الشاملة لتغيبات رجال ونساء التعليم في هذا التوقيت بالذات ، هو محاولة إلهاء الشعب عن قضاياه المصيرية وعن ثلة الفاسدين الذين ينهبون ثروات البلاد والعباد بلا حساب ولا عقاب .

نعرف أن هذا الكلام جاء للتغطية عن فضيحة باناما التي لم يتحرك القضاء لفتح تحقيق فيها، كما نعرف أنه جاء لاقناع المغاربة بضرورة توجيه الأنظار إلى تلك الفئة الضعيفة التي لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا وتحميلها مالا تستطع عليه صبرا 

في الوقت الذي كان من الممكن للمجلس الأعلى للحسابات ممارسة اختصاصاته المتعلقة بمراقبة المالية العمومية كما حددها الدستور، راح يبحث في الهامش ويحاول تضليل المغاربة عن القضايا الحقيقية التي من الواجب الخوض فيها. 

عندما تم تسريب وثائق باناما التي أعلنت عن أسماء هربت أموالا طائلة من خزينة الدولة لم نسمع للسيد جطو ولا لمجلسه أي صوت حيث ضم صمته إلى صمت وزير العزل الذي كان من المفروض أن يحقق في تلك الوثائق. 

الكل يصور رجال التعليم ونسائه على أنهم الأكثر تغيبا على الصعيد الوطني وربما العالمي والكل يحاول أن يصور هؤلاء على أنهم لا يقومون بواجبهم تجاه الوطن وتجاه أبنائه، فهم المفسدون من حيث لا يشعرون وهم الذئاب حين تشير إليهم أصابع المجتمع الذي صدق مسرحيات الشيطنة التي أطلقتها الحكومات المتعاقبة على الأستاذ، وهم السبب في إفشال المنظومة التعليمية، وغدا سنسمع عن هؤلاء أنهم يحبسون المطر عن المغاربة ويمتصون الأوكسيجين عن أرض المغرب

رجال التعليم يعرفون أنهم متهمون ومضطهدون كما يعرفون أنهم نزلت عليهم اللعنة من طرف من يحكمون وهم بذلك يعرفون أنهم سبب كل الكوارث التي حلت بالبلاد حسب من يشرع من أبراجه العاجية 

هناك إجماع وطني على إهانة الأساتذة، وهناك اتفاق على توجيه الضربات لهذه الفئة المستضعفة التي تناضل من أجل أبناء الوطن. 

رجال الدين يهاجمون رجال التعليم والساسة من فوق المنابر يتهمون، ومجتمع صدق ذلك وانضم إلى حلف الشيطنة الذي تقوده الحكومة المغربية. 

الشعب المغربي يريد أن يعرف حجم الفساد في دوالب الحكم، يريد أن يعرف كم من الأموال هربت من خزينة الدولة، يريد أن يعرف مصير تلك الأموال التي تخرج من جيوب المواطنين، كما يريد من المجلس الأعلى للحسابات أن يتدخل للتحقيق في كل الاختلالات التي يعرفها حتى الأطفال الصغار أما التغيب عن العمل بمبرر أو بدون مبرر فهذا ربما ليس بحجم تلك الأموال التي يتم نهبها وليس بحجم تلك الثروة التي لا يستفيد منها إلا من رضي عنهم أصحاب التعويضات الخيالية .

الإصلاح لا يبدأ من الأسفل ومحاربة الفساد لا يقتصر على الطبقة المهمشة وإنما الإصلاح يجب أن يبدأ من القمة ومن رؤوس الفساد ومن أولئك الذين يأكلون أموال المغاربة ظلما وعدوانا.