الكاتب رشيد أخريبيش: ليس بالجنس وحده يحيا الإنسان

ليس بالجنس وحده يحيا الإنسان 

رشيد أخريبيش

يبدو أنّ من يترأس الحكومة ومن معه من إخوانه في حزب المصباح، اتّفقوا على أنّ هدفهم  في الحكومة ليس هو  تحقيق التّنمية للبلاد كما ادّعوا، وليس هو الرّفع من  المستوى المعيشي لأبناء الفقراء كما سبق أن أعلنوا قبل أن يصلوا إلى الحكومة بل إنّ الهدف من كلّ ذلك هو الجِماع والجنس  والزّواج والمال والأولاد  فلا يمرّ يوم إلا ونسمع عن هؤلاء يفتون في الجنس والجماع وما جاورهما معتقدين أنّ بالجماع تتقدم الأمم وبالنكاح تنال رقيها وبه تصل إلى الدرجات القمة . 

في الوقت الذي من الممكن جدّاً لمن في  للحكومة أن يبحث عن سبلٍ لإنقاذ البلاد من الأزمات التي تتخبط فيها، وفي الوقت الذي وجب  عليهم أن يبحثوا عن  حلول  لمجموعة من المشاكل التي يعاني منها المغاربة خرج، علينا هؤلاء فأعادوا بنا إلى إلى الوراء لقرون، حيث وصل بهم الأمر إلى إصدار فتاوى في الجماع وبدأوا يدافعون عن أوقاته، وكأنّنا بالجماع ستستقيم أحوالنا وبه سنقطع مع الفساد الذي استشرى في جسد الوطن.

المشكل في هؤلاء أنّهم إذا تحدث زعيم واحد منهم يجيّشون الأنصار ويشحذون السيوف ويستعدون للدفاع عن فكرة زعيمهم "حتى لو صلى سكران وحتى لو خان الأوطان"  كما قال أحمد مطر ، ونحن رأينا كيف بدأ الجيش الإلكتروني يدافع عن فكرة دكتورهم الذي أرهقته الساعة التي أضيفت إلى التوقيت خاصة في الجماع الذي تفسده عليه  أشد إفساد. 

لم تمر حادثة الجماع حتى عاد كبيرهم بنكيران ودعا المغاربة إلى تكثيف  نسلهم متمنّيا لو وصل عدد سكان المغرب  إلى 160 مليون في صورة تظهر قمة "الطنيز" على الشعب الذي يعيش الويلات 

إذا كان رئيس الحكومة يريد أن يقلّد أردوغان زعيم تركيا في خرجاته وفي تصريحاته ،فإنه لن يستطيع أن يقلد الرجل في أفعاله ، فشتّان بين زعيم أوصل البلاد إلى القمة وقدم لشعبه الكثير  وبين زعيم كان هدفه هو تركيع الشعب والدفع  بالبلد  إلى المجهول .

إذا كان الرئيس التركي طيب رجب أردوغان قد خاطب شعبه وطلب منه زيادة النسل فإن ذلك سيُفهم بحسن نية لأنّ الرجل عود الأتراك على جلب المسرّات إلى بلادهم وعودهم على تحقيق التنمية وهم يستحقون زيادة النسل كما يستحقون أن يتكاثروا لأنه يعرف أن مستقبل هؤلاء الذين سيخرجون من الأرحام لن يصبحوا عالة على الوطن ولن يفرط فيهم الوطن.  

أما أن يطالب رئيس الحكومة المغربية الشعب المغربي الرفع من عدد الولادات فهذا يعني أن بنكيران يضحك على الشعب 

40 مليون مغربي أغلبهم يعيشون تحت خط الفقر  و في وضعية لا تسر عدوا ويريد رئيس الحكومة 160 مليونا، فكيف بمن لم يستطع أن يحلّ مشاكل 40 مليون أن تكون له القدرة على 160 مليون، وكيف بمن لم يستطع أن يفي بوعده مع الشعب المغربي أن تكون لديه الاستطاعة لتلبية مطالب 160 مليون إنها قمة الضحك على الذقون أيها السادة .

من المخجل جدّاً أن نقارن  تركيا الديمقراطية ببلدنا الذي تعيش فيه الديمقراطية وضعا لا يليق بها، ومن المخجل جدّاً الحديث عن تشابه بين بنكيران وبين أردوغان فهذا الأخير لا يتحدث من فراغ ولا يسعى من خلال كلامه كسب قلوب الناخبين كما يفعل رئيس حكومتنا دائما وأبدا. 

رئيس الحكومة يدعو الشعب المغربي إلى تكثيف النسل وهذا يقودنا إلى طرح مجموعة من الأسئلة على السيد بنكيران وعلى أنصاره من الذين لم يجدوا غضاضة في ترديد هذا الكلام، ماذا قدّمتم للشعب المغربي حتى تطالبونه بتكثيف النسل، وماذا قدّمتم لأبناء المغاربة من الذين يفترشون الأرض  ويلتحفون السماء  حتّى تبحثوا عن المزيد ؟  وماذا قدّمتم من حلول لتلك المشاكل التي يتخبط فيها الشعب حتى تطالبوه بتكثيف النسل؟

لا شيء يبشر بالخير ولا مؤشرات تظهر أنّ الوطن يتسع للمزيد فأبنائنا يعيشون في العراء، والمواطن يعيش تحت خطّ الفقر، والأزمة وصلت إلى حدّ لا يطاق ومن في الحكومة يضحك على الذقون ويستهزئ بالشعب ويستمتع بآهات الفقراء من أبنائه من الذين لا يجدون ما يسدّون به رمقهم. إذن أرجوكم ارحموا عقولنا فنحن لا نحتاج إلى أن ننظم أوقات جِماعنا ولا نحتاج إلى أن نكثف نسلنا، كما لا نريد فتاوى دينية من  الحكومة، كل  ما نريده منهم  أن يراعوا وضعية هذا الشعب الذي يئنّ من شدة الألم و يدفعوا به إلى أن يستعيد أمله في الحياة .