الاقتطاع من أجور الموظفين منصوص عليه في القرآن

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0




الاقتطاع من أجور الموظفين منصوص عليه في القرآن 
رشيدأخريبيش 
بعد أن عجزت الحكومة عن إقناع المغاربة بالمنطق، وبعد أن ضاقت بها الأرض بما رحبت، عادت للتطاول على الدين والافتراء على الله وعلى آياته، وادّعت أن ما تقوم به أوصى به الله في كتابه المبين،لتستكمل بذلك مسلسل الكذب الذي بدأته منذ أن تربّعت على عرش أسلافها.
ما تفضّل به السيد رئيس الحكومة  من كلام حول الاقتطاعات التي اعتبر أنها منصوص عليها في القرآن، يحمل أكثر من معنى،خصوصا وأن هذا الكلام جاء قبل أشهر من الانتخابات البرلمانية، التي يسعى حزب رئيس الحكومة للظفر بها مرة أخرى.ولكي يتمكّن من استعباد المغاربة كما استعبدهم من قبل،كما أنّ تلك المسرحيات التي قدّمها رئيس الحكومة ،وكل تلك الوعود التي انتظرها الشعب لسنوات، انكشفت واتّضح زيفها، وعادت الحكومة بخطة جديدة علّها تجد فيها ما يمكِّنها من إعادة الجولة الثانية من تلك البروباغندا المغرضة التي تجاوزت الوعود والمسرحيات، وانتقلت إلى الدين الذي أصبح بنكيران يستعمله بشكل كبير بعدما كان يستعمله بشكل محتشم.
الرجل يتحدث عن القرآن،ويتكلّم بملء فمه عن الأيات القرآنية، وكأن المغرب يعيش الخلافة ويطبق الشريعة الإسلامية، ويجعل من القرآن دستورا له. 
 من يسمع السيد بنكيران يتحدث عن القسط وعن الميزان،ومن يشاهده يستعمل الدين الإسلامي أكثر من غيره، سيعتقد أنّنا في دولة تُحكِّم القرآن والسنة، وأنّنا في دولة الخلافة الراشدة التي يقام فيها العدل،وتطبق فيها الحدود، وأنَّ لا مكان للقوانين الوضعية ولا للدستور ولا لدولة ديمقراطية ولا لأحزاب سياسية،ولا وجود فيها لمجتمع مدني .
إذا كان حزب رئيس الحكومة يدّعي أنّه حامي الإسلام،وأنّه من سدنته،فإننا نقول له مهلا يا سعادة الرئيس،فالإسلام الذي قرأنا حوله والإسلام الذي علّمتمونا إياه، لا يعترف بالسياسة،ولا بالديمقراطية على هذا الشكل الذي تؤمن به ونؤمن به نحن أيضا،والقرآن الذي تتحدث عنه والذي ضربت به مثلاً في الاقتطاعات من الأجور، لا مجال فيه لحكم يكون فيه رئيس حكومة ولا وزير على ذلك الشكل الذي عليه أنت وغيرك ،وأنت تعرف أكثر من غيرك ماهو حكم من من لم يحكم بالشريعة الإسلامية في القرآن، دون أن نذكر لك ذلك،دع عنك القرآن يا سعادة الرئيس،فهو لا يعترف إلا بشرع واحد، ولا يرضى للنّاس إلاّ بطريق واحد، ولا تحاول استغلاله مرة أخرى من أجل الوصول إلى أهدافك،فأنت تمارس السياسة على الطريقة الغربية، وتشغَل منصبا على الطريقة الغربية،وتعمل بقوانين على الطريقة الغربية، ويحكمك دستور تقدّمي على الطريقة الغربية،ينص على المناصفة ويسعى إلى إقرار المساواة بين الرجل والمرأة،وتحكمك قوانين تلزمك أن تفرّق بين الدين والسياسة،وتمنعك من الخلط بينهما،وهذا كله يجعل ما تقوم به مخالف لما تدّعيه بكرة وأصيلا.
لا نعلم صراحة عن أي  ميزان يخاف بنكيران الخسران، وعن أي قسط يتحدث وعن أي أحكام القرآن يتكلم الرجل.
يبدو أن القسط الذي تحدّث عنه السيد رئيس الحكومة هو  قسط على الطريقة البنكرانية يشمل فقط أؤلئك البسطاء من أبناء الشعب ممن يقدِر الرجل على استعبادهم، تارة باسم القوانين ، وتارة باسم الإسلام.
القسط والميزان والدين كلها كلمات تستعمل فقط عندما تكون الضحية هو الشعب، أمّا إذا تعلق الأمر بمن سرق ومن نهب ومن استعبد، فلا دين يحكمهم ولا قوانين توقفهم، ولا أثر لرئيس الحكومة ليُحَكِّم القرآن في حق هؤلاء.
من يتحدث بالقرآن الآن، هو من فتح الطريق أمام المفسدين، وهو من منح لهم وسام النّهب عندما عفا عنهم، وقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء، ومن يتحدث عن القسط الآن، هو من عانق الفساد عِناق الأحبّة،وهو الذي دافع عن امتيازات أصدقائه ضدا في الشعب، الذي خرج وطالب بإلغاء تلك الامتيازات التي تنخر خزينة الدولة.
من يتحدث الآن عن القسط، هو نفسه من يفرّق بين أبنائه عبر مهزلة الأجور،فتجد فرقا شاسعا بين الوزير الذي يتقاضى مبلغا خياليا وبين الجندي الذي يتقاضى أجرا زهيدا، مقارنة مع عمله الشاق والمتعب.
من يتحدث عن الميزان هو من قلب كفة الميزان في اتجاه السماسرة، من الوزراء، ومن الساسة ممن يقتاتون على آلام الشعب وعلى فقره الذي فاق كل التوقعات،ومن يتحدث عن الدّين هو من خرق كل القواعد الإلهية والوضعية، وعاث فيها خرابا عندما قرر أن يضحك على أبناء الشعب من الفقراء، الذين صدّقوا ما كان يقدّمه لهم الرجل من مسرحيات حول إرساء الديقراطية والعدالة الاجتماعية. 
أيها السادة إنّ دينهم الذي جاءوا به، والذي يوهمون به الشعب انتقائي، ولا يشمل عشّاق التعويضات الخيالية ،ولا مجال للأباطرة فيه، ولا  لمن يشرّعون من أبراجهم العاجية، ولا مجال فيه لمن يأكل أموال الشعب ظلما وعدوانا. 
دينهم هذا يدعوهم إلى تطبيق الحدود على البؤساء، وعلى الفقراء الذين لا حول لهم لا قوه، ويدعوهم إلى الانتقام من الطبقة التي تعمل ليل نهار من أجل كسرة خبز ،كما أنّ هذا الدين الذي جاءوا به يدعوهم أيضا إلى الرفق بالمفسدين وبمساعدتهم للنيل من الشرفاء من هذا الوطن. 
إذا كان  السيد رئيس الحكومة قد برّر الاقتطاع المجحف من أجور الموظفين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة، بدعوى وجود ذلك في القرآن، وإذا كان قد وجد لذلك مبرّرا في آيات الله زورا وبهتانا،فإنه غداً سنسمع  عن رئيس الحكومة العجب العجاب، ومن يعلم ربمايخرج علينا ليؤكّد لنا أنّ العنف الممارس على الشعب، وذالك القمع الذي نراه في شوارعنا صباح مساء، هو مذكور في القرآن.
ولا عجب أن يخرجوا علينا مرّة أخرى ليؤكدوا أن تجويع الشعب لإنقاذ مشاريع أصدقائه،هو من صميم ما نصّ عليه ديننا الحنيف،ولا عجب أيضا أن يجعلوا لكل الكوارث التي حلّت بالبلد بسبب سياساتهم مكانا في القرآن وفي السنة النبوية.
حسب منطق بنكيران وإخوانه، يوجد في الدّين فقط ما يدعو إلى قطع الرزق على البسطاء، وما يمكِّن أهل الحل والعقد من الساسة من استعباد الناس،أمّا دون ذلك فلا حضور لهذا الدّين، ولا وجود لهؤلاء المفسدين فيه، ولا خوف عليهم من الحساب  ولا هم يحزنون.












0 تعليق على موضوع "الاقتطاع من أجور الموظفين منصوص عليه في القرآن "


الإبتساماتإخفاء