أتعرفون لماذا يترك المغاربة بلدهم؟؟؟

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
أتعرفون لماذا يترك المغاربة بلدهم؟؟؟ 
رشيد أخريبيش 
عندما نُشيد بالغرب في بعض الأحيان، وعندما نعترف لهذا الغرب بما حققه من تقدم، نُتّهم بأنّنا لا نحبّ أوطاننا، وبأنّنا من مروجي الفكر الغربي الذي يتنافى وتقاليدنا، وحين نطلب من  هؤلاء أن يحتكموا إلى الديمقراطية التي بفضلها وصل الغرب إلى ما هو عليه، تأخذهم العزّة بالنفس ويتّهموننا بتهم ما أنزل الله بها من سلطان.
شعوبنا المقهورة التي تعيش تحت رحمة الإستبداد، والتي تعيش تحت وطأة الاستعباد بكل أنواعه، تُحبّ الغرب حُبّاً بلا حدود، وتتمنى أن تعيش ولو قليلا ممّا هو فيه، ولكم أن تسألوا هؤلاء الشباب الذين ضاقت بهم الدنيا بما رحبت، والذين ينتظرون غدا يستطيعون فيه مغادرة بلدانهم، لماذا يتركون مسقط رأسهم ويلجأون إلى الغرب ؟ ولكم أن تسألوا هؤلاء عن موقفهم من هذا الغرب الذي يعملون المستحيل من أجل الوصول إليه. 
ولكي لا نذهب بعيدا، ولكي لا نكون من الذين يتحدثون من فراغ لا بد وأن نستحضر بعضا من الحقائق التي تظهر بشكل كبير كيف أصبح المواطن المغربي يعيش "بْزّْزْ " في بلده وفي أرضه. 
قبل أشهر قررت وكالة تقنين المواصلات ANRT بمنع المكالمات الهاتفية المجانية عبر "الوتساب و السكايب" كخطوة منهم للرمي بالمواطن المغربي في أحضان شركات الاتصالات لامتصاص الدم من عروقه ،ولجعل هذا المواطن يعيش على الفقر وعلى التهميش طوال حياته فهؤلاء أقدموا على خطوة تظهر للمغاربة جميعا أنّ من يدير شؤوننا، لا يريد  خيرا لهذا الشعب،كما لا يريد لشمس الحرية أن ترى النور .
فكيف للمواطنين المغاربة ألاّ يتمنّون العيش في الغرب والهرب من جحيم بلادهم، وهم يعيشون الويلات في بلادهم؟ وكيف لهؤلاء أن لا يفكّروا في مغادرة وطنهم ومن يشرعون من المسؤولين لم يتركوا لهم سوى الفتات؟ 
قريبا سيعلنون عن خطة جديدة في المغرب، خطة تستحضر المواطن المغربي، وقريبا سيعلنون عن مغرب متقدم بفضل سياساتهم الحكيمة، فإذا كانوا قد منعوا خدمتي الواتساب و السكايب على  المواطن المغربي علما أنّ الغرب هو الذي تكرّم بهما عليه فإنهم قريبا سيطلبون من المغاربة الأداء على ذلك الهواء الذي يستنشقونه، ومن الممكن جدّاً أن يحاكموا من تخلّف عن  أداء هذه الضريبة، التي سيجد لها من في الحكومة مكاناً في القرآن وفي السنة النبوية الشريفة.
إذا كان التاريخ يعيد نفسه في كثير من الأحيان، فإن الاستبداد يعيد نفسه أيضا، فإذا كان الاستعمار البغيض قد عاث في بلادنا فسادا عبر الضرائب المجحفة، وعبر القمع وعبر المقاربة الأمنية وعبر الاستبعاد، فإننا نرى في وطن العهد الجديد وطن الحريات وحقوق الإنسان، نفس تلك الممارسات بل أشدّ وأكبر، وهذا واضح للعيان لا أحد يستطيع إنكاره .
ما الفرق بين ضريبة "الأُذن" التي كان المستعمر يفرضها على كل أسرة ويلزمها على أن تؤدّي مبلغا معيّنا من المال على كل فرد، وبين إلزام المغاربة الآن  بشركات الاتصالات المغربية، وإغلاق كل الطرق  التي من الممكن أن يسلكها المغاربة عبر منع خدمات الاتصال مجانا، لا فرق سوى في الأسماء التي غيّروها وبدّلوها كي تتناسب وطغيانهم الجديد، ولا فرق إلاّ في الأشخاص الذين يمارسون هذا الاستبداد. 
بعد الاتفاق  الذي وقع بين الحكومة الألمانية والحكومة المغربية خرج  علينا هؤلاء الشباب من قلب ألمانيا يتحدّثون عن ذلك الاتفاق ويرفضون ما جاء به جملة وتفصيلا، بل كانوا أكثر واقعية وعبّروا عن أوضاعهم  المزرية التي جعلتهم يفكّرون في المخاطرة بأنفسهم من أجل الوصول إلى جنّة الغرب التي على الأقل يعاملون فيها كبشر، بدل العيش في بلدانهم التي أصبحت جحيما لا يطاق. 
عندما ترفض الشعوب أن تعيش في بلدانها، وعندما تقرر أن تغادر أوطانها متوجهة إلى الغرب الكافر كما يسميه هؤلاء المؤمنين، فإن ذلك لا يعني أنّ هؤلاء يريدون أن يصبحوا غربيين أو حاملين لأفكار الغرب، أو أنّ هؤلاء أقلّ وطنيةً من غيرهم، من الذين يفضّلون العيش في أوطانهم من الوزراء والبرلمانيين، ومن سار على دربهم من اللّصوص الذين سرقوا ثروات الشعب ظلما وعدوانا، ولكن لأنّ هؤلاء أذاقتهم حكوماتهم الويلات، ولم يعد لديهم أدنى شك بأن مصيرهم سيكون هلاكا في النهاية بلا كرامة ،فهم يبحثون عن الحرية التي افتقدوها في بلدانهم، يبحثون عن الكرامة التي أهانها من هم على رأس الحكومة، يبحثون عن العدالة التي لوثوها عندما تدخلوا فيها ، يبحثون عن وطن يكون لهم عونا على المصاعب التي يواجهونها في الحياة، ويبحثون عن الديمقراطية التي بفضلها وصل الغرب  إلى القمة، وبفضلها حقق المعجزات. 
هم يتركون بلدانهم لأنّ بلدانهم لا تقدّم لهم ولو بصيصا من الأمل في الحياة،يتركون بلدانهم لأنّها استعبدتهم بلا أدنى كرامة، يتركون بلدانهم لأنّ فيها ساسة يُظلم عندهم جميع الشَّعب، يتركون أوطانهم لأنّ أحزابها منافقة متملقة  لا تتورّع  في الكذب على الشعب. 
يتركون بلدانهم لأنّ حكوماتهم اعتادت أن تقدم لهم المسرحيات على طبق من الكذب والخيانة، يتركون بلدانهم لأنّ من يشرّعون من أبراجهم العاجية، ومن يتحدّثون  من مكاتبهم المكيفة لا يحملون هموم هذا الشعب، ولا يعيرون اهتماما لمآسيه فهمّهم الوحيد أن يحكموا هؤلاء، وأن يسترزقوا على حسابهم 
الشباب الذي يخاطر بحياته من أجل الوصول إلى الغرب ،والشباب الذي يقصد دولا تعيش حالة حرب من أجل أن يصل إلى بلاد الكفر كما يسميها البعض، فهو لا يقوم بذلك من تلقاء نفسه، أو رغبة في معانقة ديانة الغرب كما يدّعي البعض، وإنّما الأمر يتعلق بدول توفر الحرية لمواطنيها وتحترمهم وتقدّرهم وتدافع عنهم بكل ما تملك من قوة، دون أن تسألهم عن دينهم أو جنسهم أو ألوانهم، عكس أوطانهم التي لا توفر لهم سوى العنف والاستعباد والفقر والسجون والمحاكمات المزيفة، والطائفية، فلماذا إذن لا يتركون بلدانهم ويتوجّهون إلى ذلك الغرب الذي يضمن لهم ولو قليلا من الاحترام؟؟








0 تعليق على موضوع "أتعرفون لماذا يترك المغاربة بلدهم؟؟؟ "


الإبتساماتإخفاء