نموت كي تحيا وزارة الصحة

الكاتب بتاريخ

رشيد أخريبيش
يبدو أن موت المغاربة أصبح مسألة عادية في هذا الوطن، وأن من هم على رأس القرار في هذا البلد لم يعد لديهم أدنى اهتمام لموت المغاربة في المستشفيات .
قبل يومين فارقت امرأة الحياة، بعد أن أصيبت بوعكة صحية بسبب الربو ، نقلت على إثرها إلى مستشفى أفورار بأزيلال، لتخرج منه بعد لحظات جثة هامدة ،بسبب غياب طبيب المداومة الذي كان من الممكن أن ينقذ حياتها. 
شهيدة وزارة الصحة بأفورار لم تكن هي الضحية الأولى التي فارقت الحياة بسبب الإهمال ،بل سبق أن سمعنا عن حالات كثيرة كانت دائما ضحية اللامبالاة التي يبديها من حملوا على عاتقهم أمانة حفظ صحة المواطن، الذي لم يعد يحرك في جسدهم ولو شعرة حتى وهو على فراش الموت. 
لا أدري صراحة لماذا يخرج وزير الصحة علينا دائما ويحاول إقناعنا بأن قطاع الصحة حقق إنجازات منقطعة النظير ونحن نرى موتنا كل يوم يطل علينا في نشرات الأخبار، وكيف يحاول سعادة الوزير أن يثبت نجاحه في المهمة المكلف بها وأرواح المغاربة تزهق يوميا في المستشفيات وفي المستوصفات وفي المراكز الصحية في صورة مآساوية تنذر بكارثة صحية .
إن المتصفح للمواقع الإلكترونية سيصطدم كل يوم بموت أسود يأتي من مستشفياتنا وكأن مستشفياتنا هي قبلة كل من يريد الموت وقبلة كل من يريد أن يصبح شهيدا في نظر وزارة الصحة التي طالما تخرج علينا بتبريرات ما أنزل الله بها من سلطان. 
نحن لا نريد أن نكون من الذين يلقون التهم جزافا على وزارة الصحة وعلى القائمين على هذا القطاع الذي يعرف الكل أنه القطاع الذي يشكل العمود الفقري بالنسبة لأي بلد يطمح إلى التقدم والازدهار ،ولا نريد أن نكون قساة على السيد الوردي الذي شهد له الكل بنزاهته وبحبه لبلده ولكن هناك في هذا القطاع ما يجعلنا نعتقد أن ما يقدم على أنه إصلاحات هو مجرد بروباغندا يتم اللعب عليها من أجل إقناع المغاربة بأنهم يعيشون في جنات النعيم. 
ماذا يعني أن تعاد سيناريوهات الإهمال القاتل الذي يؤدي غالبا إلى إزهاق أرواح العديد من المواطنين في عهد الدستور الذي يكفل للمواطنين حسب من طبل لهذا الدستور وحسب من صفق له واعتبره إنجازا تاريخيا وصل إليه المغاربة بعد نضال طويل؟ 
ماذا تغير بعد ما سمي بالعهد الجديد؟ وماهي المكاسب التي حققها الشعب المغربي خاصة في مجال الصحة؟ 
قطاع الصحة كغيره من القطاعات لم يعرف إصلاحات بالرغم ما قيل عليه من كلام ،فالوضع ازداد سوءا ووضعية مستشفياتنا أكبر دليل على ما نقول فكيف بمن يفتخر بالعهد الجديد وبالدستور أن ينكر حالة مستشفياتنا، وكيف به أن يتجاهل ذلك الموت الذي أصبح لا يغادر المغاربة كل يوم؟ وكيف بهم أن يبرروا ذلك بالقدر وبالآجال وبنهاية الرزق عند الله في محاولة منهم للتملص من المسؤولية؟
قطاع الصحة على شفا الكارثة ،ومن ينكر ذلك إما أنه من الذين تعودوا على قلب الحقائق أو من الذين يصفقون دون علم بما يجري في الكواليس ،فالوضع أسوء مما نتصور جميعا فهل الدولة التي تحفظ صحة المواطنين وتحرص عليها تترك هؤلاء يموتون دون أدنى التفاتة من أحد؟، 
ما قيل عن إنجازات في قطاع الصحة كان وهما وما قيل عن نظام المساعدة الطبية كان وهما أيضا ،ولمن يخالفنا الرأي أن يقصد مستشفياتنا حاملا معه بطاقة الراميد ليتأكد بنفسه وليعرف أكذوبة راميد التي أقاموا بها الدنيا ولم يقعدوها.
من المخجل جدا أن نرى وزير الصحة يتحدث عن تصنيع دواء للالتهاب الكبدي و أبناء الشعب يفارقون الحياة بسبب أمراض بسيطة ومن المخجل جدا الحديث عن انجازات أحدثتها وزارة الصحة منذ سنة 2011، ونحن نشاهد بسطاء تزهق أرواحهم لا لشيء سوى أن هؤلاء يعيشون في وطن لا يعير اهتماما لأبنائه.
الشعب المغربي فهم أكذوبة الإصلاحات التي طالما قدمها من هم على رأس القرار في البلاد كما فهم أيضا أنه لا عهد جديد ولا دستور ولا هم يفرحون .

0 تعليق على موضوع "نموت كي تحيا وزارة الصحة "