لا عيد عند المدرسين ولا هم يفرحون

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

‫‏رشيد_أخريبيس‬
كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للمدرس وكل عام تتعالى أصوات المدافعين عن المدرس وعن حقوقه المشروعة ،بل كل عام تعاد سيناريوهات إعادة الإعتبار لهذا المدرس الذي يعيش ظروفا قاسية بسبب السياسات المعوجة لمن هم على رأس القرار، لكن لا جديد يذكر فالحال مازال على ما هو عليه والأزمات ماتزال تثقل كاهله على جميع المستويات، وما يقال عن تحسين ظروف المدرس كذب في كذب وضحك على الذقون.

جميل جدا أن نخصص يوما عالميا للإحتفال بالمدرس تقديرا له على مجهوداته التي يبذلها من أجل أبناء الوطن، وجميل أيضا أن نقدم له كل التحايا وأسمى عبارات الشكر والعرفان على صبره الذي فاق كل التوقعات خصوصاً في وطننا الذي أصبحت فيه أوضاع المدرس تزداد سوءا يوما بعد يوم.
بمناسبة اليوم العالمي للمدرس كان وزيرنا المحترم السيد بلمختار في الموعد ووجه رسالة إلى المدرس بهذه المناسبة يشيد فيها بعمله وبمجهوداته في تعليم أبناء الوطن
جميل جدا أن يشيد سعادة الوزير برجال التعليم ، وجميل جدا أن يفتخر بهم تقديرا لمجهوداتهم الجبارة على أرض الواقع ، كل هذا جميل وهذا من شيم الأحرار الذين لا ينكرون فضل أبناءهم على الوطن ، لكن ماذا عن معاناة هؤلاء الذين يعانون الأمرين ؟ وماذا عن ظروف هؤلاء الذين يناضلون في الجبال والصحاري إذا كنا بالفعل نقدرهم ونشيد بمجهوداتهم الكبيرة التي يقدمها هؤلاء في سبيل الوطن ؟؟
ربما وزارة التربية الوطنية صاحبة القاع والباع في إنتاج الأوهام عبر مثل هذه الرسائل التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتي طالما تخرج علينا بمسرحيات واهية هي بعيدة كل البعد عن واقع رجال ونساء التعليم ،حيث سعت هذه الوزارة إلى تركيع الأستاذ عبر إجراءاتها التعسفية الإجرامية في حق هؤلاء الذين يطالبون فقط بحقوقهم المشروعة، ولا شك أنكم تتذكرون قصة الإضراب الذي انتقمت بسببه من الاساتذة جميعا عبر اقتطاعات ما أنزل الله بها من سلطان، وعبر توقيف أجورهم لمجرد أنهم طالبوا بحقهم المشروع وهذا ما يظهر بشكل كبير حرص وزارة التربية الوطنية على تقدير هؤلاء الذين يناضلون من أجل أبناء الشعب عبر مثل هذه الرسائل الوردية، يا له من تقدير ستجزى عنه وزارة التربية يوم القيامة ويا له من احترام سيلقى عليه وزيرنا المحترم الجزاء الحسن. 
أيها المغاربة من يقدر رجال التعليم ويحترمهم ويشيد بجهودهم ، لا يذيق هؤلاء الويلات عبر الإجراءات اللامسؤولة، ولا يواجه هؤلاء بمقاربة "التفرشيخ" التي سبق أن شاهدناها في كل المعارك النضالية التي خاضها الأساتذة كان أخرها المعركة التي خاضتها التنسيقية ،وكانت الحكومة قد واجهتها بكل وحشية أظهرت ذلك الحقد الدفين الذي تكنه الحكومة لهؤلاء الأساتذة .
من يقدر هؤلاء الأساتذة ويؤمن بفضلهم على أبناء المغاربة لا يزج بهم في غياهب السجون ،ولا يقدمهم إلى المحاكم مع المجرمين وأصحاب السوابق لمجرد ممارسة حقهم في الإضراب الذي يضمنه لهم الدستور وكل المواثيق الدولية.
من يشيد بعمل رجال التعليم لا يتخذ في حقهم قرارات عشوائية، ولا يقطع عنهم ذلك الرزق الذي يمكنهم من البقاء أحياء على وجه البسيطة في صورة مأساوية أرهقت كاهل هؤلاء ، من يحترم هؤلاء لا يحاول جاهدا التقزيم من دور الأستاذ ولا ينتقص من شخصيته عبر إعلام العهر الذي غالبا ما يحاول أن يصور الأستاذ على غير حقيقته ، حيث أصبح المدرس بسبب هؤلاء أضحوكة لدى المغاربة يتسلون به صباح مساء في برامجهم وإذاعاتهم وصحفهم الميتة.
من يرد الاعتبار للأستاذ ويسعى جاهدا لاحترامه لا يهمله في الجبال وفي الصحاري بلا أمل في الانتقال إلى ذويه، ولا يعمل على وضع شروط تعجيزية لانتقال هذا الأستاذ إلى أهله وأبنائه ، حيث نجد أن الحكومة قد أغلقت كل الأبواب في وجه هذا الأخير الذي أصبحت لديه الحركة الانتقالية من الحلم المؤجل الذي لا يمكن ان يتحقق إلا بعد أن يوارى جثمانه التراب وتنتقل روحه إلى عنان السماء .
دعونا أيها السادة من الشعارات ومن الخطابات الرنانة التي لا تغير شيئا من واقع رجال ونساء التعليم، والتي عودتمونا عليها منذ الاستقلال ،والتي لم تزد قطاع التعليم سوى المآسي ،فهؤلاء يحتاجون إلى أفعال بدل هذه الخطابات الجوفاء ، يريدون إرادة سياسية توجه سياسات عمومية لخدمة الأستاذ، وليس سياسات تسعى لإذلاله كما هو الحال مع ساستنا العظام الذين يظهرون من حين لآخر حرصهم على الانتقام من هؤلاء كلما أتيحت لهم الفرصة لذلك .
الأستاذ الذي لا نسمع عنه إلا في ضرب الأمثال متى أردنا والذي نجعله في مرتبة الأنبياء متى شئنا ،لاشك أنه يعرف أن لا جديد سيحدث في قطاع التعليم ولا شيء سيتغير على الإطلاق ، فالسياسات والمخططات كلها تزيد من تعقيد الوضع ، ونية الإصلاح غائبة تماما عن أولئك الذين هم على رأس قطاع التربية في بلادنا ، لأن هدف هؤلاء هو الوصول إلى الكرسي والحصول على نصيبهم من الكعكعة "الحلال" التي أصبح الكل يتدافع عنها، أما الإصلاح الحقيقي فيبقى بعيدا عن واقعنا فالمنظومة التعليمية التي نعتقد أنها ستسير إلى الأمام تزداد تعقيدا في ظل غياب رؤية واضحة إلى المستقبل تضع نصب أعينها مصلحة أبناء الشعب وتستبعد كل ما من شأنه أن يخدم غير ذلك .
رجاء أيها السادة العظام ارحموا عقولنا ، ولا تحاولوا أن تصنعوا من الهزائم نصرا وهميا ،ولا تحاولوا أن تقحموا الأستاذ في بروباغندا الإصلاحات المنقطعة النظير التي تحاولون تقديمها إلى الشعب زورا وبهتانا ، لأنكم انتم من أفشلتم المنظومة وسرقتم أحلام المدرسة المغربية وقتلتم معنويات هذا الأستاذ وقلتم إننا في طريق تقديم إصلاحات جذرية تعيد للمدرسة المغربية هيبتها أكثر من أي وقت مضى زورا وبهتانا .
رجل التعليم يحتاج إلى أفعال على أرض الواقع ، أما الخطابات فأثبتت الأيام أنها فقط للضحك على ذقون هؤلاء الذين أذاقتهم الحكومة الويلات ففقرتهم وجوعتهم إلى درجة لا تتصور حتى وجدت هؤلاء الدراويش يتسابقون على بعض الدريهمات التي يمكن أن تمن بها عليهم الحكومة في كل انتخابات أو في كل استفتاءات أو في كل عملية إحصاء يعرفها البلد. 
إذا كان رد الاعتبار للمدرس يكون بمثل هذه الرسائل التي تصدر من الأبراج العاجية وإذا كان الإحترام يكون بهذه الطريقة فلا أهلا ولا سهلا بمثل هذه الرسائل التي تزيد المدرس حزنا على أحزانه. كل عام والمدرس في وضع لا يسر عدوا في وطننا الحبيب

0 تعليق على موضوع "لا عيد عند المدرسين ولا هم يفرحون "


الإبتساماتإخفاء