شتان بين ديمقراطية المغرب وديمقراطية اسبانيا

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
على الرغم من أننا غالبا ما نوجه سهام النقد اللاذع لاسبانيا بسبب تاريخها السوداوي الذي عانى منه المغاربة لعقود من الزمان، وما زالوا يعانون منه إلى حدود الآن، عبر تشبث اسبانيا بالمدينتين المحتلتين واحتلالها للعديد من الجزر المغربية، إلا أننا في بعض الأحيان نضطر إلى قول الحقيقة حتى لو كانت هذه الحقيقة ستذكر مزايا الأعداء، لأن الاعتراف بمزايا الآخرين من صفات الأنبياء، وإنكارها من صفة الشياطين وهذا هو القرآن يحدثنا عن موسى عندما اعترف بمزايا هارون {وأخي هارون هو أفصح مني لسانا }
*****
ما اطلعتنا به وسائل الإعلام الاسبانية هذه الأيام، من أن وزير المالية يعتزم فتح تحقيق في الوضعية الضريبية لاثنين من زملائه في الحزب، يؤكد بالملموس أن اسبانيا تعيش ديمقراطية منقطعة النظير تستحق عليها كل التقدير والاحترام، وأنه لا مجال للمقارنة بين ديمقراطيتها وديمقراطية بلدنا الذي يعيش أزمات لا تنتهي والذي يعيش الفساد في أعتى صوره.
****** 
أن يتم التحقيق في وضعية وزير في الحكومة من طرف زميل له في الحزب، فهذا يستحق منا أكثر من التفاتة خاصة وأننا نعيش في دولة لا تعرف طريقا للديمقراطية، وأنه لا مجال فيها لمحاسبة المفسدين بل الدولة أطلقت العنان لهؤلاء لاستكمال مسلسل النهب الذي طال كل الميادين دون حسيب أو رقيب، في إطار مقولة السيد بنكيران الخالدة عفا الله عما سلف التي أجهضت مسلسل الإصلاح الذي انتظره المغاربة على أحر من الجمر .
******
حتى لو حاولنا وضع مقارنة بين اسبانيا والمغرب فإن ذلك سيسقطنا في لا تحمد عقباه خاصة وأن بلدنا يعيش التناقضات في أكبر تجلياتها، فعلى الرغم من أن الخطاب الرسمي يصور المغرب على أنه بلد ديمقراطي ، وعلى الرغم من كثرة الأحزاب السياسية وكثرة عدد الجرائد والصحف الصادرة ورغم الدستور الجديد الذي تنص العديد من مواده على ما يمكن أن نسميه بالديمقراطية إلا أن الواقع بعيد كل البعد عن الديمقراطية الحقة التي طالما بحث عنها المغاربة. لأن الديمقراطية لاتقاس بعدد الأحزاب، ولا تقاس بعدد الجرائد ولا بكثرة المؤسسات بل العبرة بمدى فعالية هذه الأحزاب والجرائد وفعالية تلك المؤسسات.
******
إذا كان وزير المالية الاسباني قد قرر فتح تحقيق في وضعية اثنان من زملائه، فإننا في المغرب لم نسمع قط عن مثل هذه التحقيقات، بل حتى وإن سمعنا عنها فإنها غالبا ما تسفر عن نتائج ترضي من عاثوا في أموال المغاربة فسادا، فماذا عن لوائح المأذونيات التي كانت لدى الحكومة الشجاعة في الإعلان عنها، وماذا عن مقالع الرمال وعن لائحة الموظفين الأشباح وعن الأموال المهربة، أين وصلت نتائج التحقيقات في كل هذا الفساد الذي أنهك البلاد والعباد. ؟؟؟
**********
يجب أن نعترف بأن اسبانيا الدولة المستعمرة والدولة التي بطشت بالمغاربة لعقود والتي مازالت تحتل أرض المغرب، على الرغم من ذلك فهي دولة ديمقراطية تحترم شعبها عبر تحكيم الدستور والقوانين، وتفعيل المساطر على كل المواطنين أكانوا حكاما أو محكومين، أما نحن فيجب أيضا أن نعترف بأننا بلد الظلم بامتياز وبأننا بلد الفساد بلا منازع ،فالقوانين تطبق على الضعفاء من أبناء الوطن أما أصحاب النفوذ وعشاق التعويضات الخيالية الذين أطلق لهم العنان، فلا مجال لتطبيق القوانين ولا مجال لمحاسبتهم، بل هؤلاء بإمكانهم أن يعلنوا عليك الحرب إذا ما تجرأت الحديث عنهم يالها من ديمقراطية جاء بها من هم على رأس القرار وصدقها الاغبياء من أمثالنا الذين ظنوا أن الوطن في طريقه إلى معانقةالديمقراطية.

0 تعليق على موضوع "شتان بين ديمقراطية المغرب وديمقراطية اسبانيا "


الإبتساماتإخفاء