الكاتب رشيد أخريبيش: لكي تستفيد من إعانات شهر رمضان إبحث عن مرشحك المفضل!!!!!

رشيد أخريبيش

جميل جدا أن يتم إعادة النظر في المواطن المحتاج في هذا البلد وإن كان ذلك ولو بشكل موسمي في شهر رمضان المعظم ، وجميل جدا أن ننزل على هؤلاء الرحمات في شهر الرحمة والغفران ، وجميل أيضا أن تقدم الدولة لهؤلاء إعانات تقيهم شر الغلاء الذي أصابهم في هذا الشهر الكريم ، الذي لا يمر على البسطاء من المغاربة إلا بشق الأنفس ، لكن السؤال المطروح والذي أمامه علامات استفهام ضخمة هو كالتالي هل حققت عملية توزيع الإعانات هدفها المتمثل في استهداف الطبقات الفقيرة والمعوزة من أبناء هذا الوطن ؟

في حادثة غريبة عجيبة ربما لن تجد مثيلا لها عزيزي القارئ في التاريخ الإنساني هي التي وقعت هذه المرة عندما بدأت عملية تسجيل المستفيدين من الاعانات التي تقدمها مؤسسة محمد الخامس للتضامن ، حيث كانت عملية تسجيل المستفيدين قد أسندت للمرشحين مما أدى بهذه العملية التي تستهدف في أساسها الفقراء لتنحرف إلى الولاءات الحزبية ، وبالتالي كل حزب يسارع إلى تسجيل أنصاره ، ومن ثم إقصاء البسطاء من أبناء الشعب ممن لا انتماء لديهم والذين لا يدينون بالولاء لأي حزب سياسي .

يبدو أن عملية توزيع المساعدات هذا العام لم توجه إلى الفقراء والبسطاء من هذا البلد ، وإنما تم توجيهها إلى عصابات حزبية ، لا تعرف معنى الديمقراطية ولا تعرف المساواة ولا تؤمن بالعدالة ،التي ثار الشعب من أجلها وجاء بدستور جديد أملا بأن يضمن له حقوقه المشروعة التي طالما تكالبت عليها أحزاب ممخزنة تعودت الخيانة والمكر ، فكيف بنا في بلد يدعي أنه يؤمن بالديمقراطية والمساواة أن يجعل عملية تسجيل المستفيدين من الإعانات الإنسانية إلى مرشح نعرف مسبقا أنه حريص كل الحرص على كسب مزيد من الأصوات متى وجد فرصة لذلك ؟ كيف يكون هؤلاء المفسدون أمناء على مساعدات تخص طبقات تئن من الفقر والبؤس والحرمان في بلد لا مكان لهم فيه سوى بالأحلام الوردية التي طالما وضعوها نصب أعينهم؟

قطعا لا أحد يجادل إن قلنا بأنه لا فرق بين العهد السابق قبل الحراك الشعبي أو قبل الثورة كما يحلو للبعض تسميته ، فما كان منتظرا من وعود ظهر على أنه كذب وما تم تصويره للمغاربة على أنه تغيير، كان وهما اختاره المخزن ومعه حزب العدالة والتنمية لامتصاص شرارة الربيع الديمقراطي الذي فهم النظام خطورته وسارع للاستجابة له عبر حمل شعارات التغيير والدستور الديمقراطي ، الذي صوت عليه الشعب أملا بأن يتم تنزيله على أرض الواقع ، ليفاجأ في النهاية أن ذلك كله مجرد أضغاث أحلام كانت تراود هذا الشعب الذي وضع ثقته في حكومة ابن كيران صاحب شعار " الحرب على الفساد ".

يبدو أن الصورة الملائكية التي كان حزب العدالة والتنمية يصور بها نفسه قد انكشفت ، وأن مبدأ الفساد الذي طالما يؤكد عليه رئيس الحكومة قد ذهب في مهب الريح ، بعد أن تأكد الشعب وتبين له أن  هذه الحكومة قد قبلت السير في خط الفساد والمفسدين على عكس ما كانت تدعيه .

التطبيع مع الفساد ومع المفسدين حقيقة ثابتة في حق حكومتنا ،لا أحد يستطيع إنكارها إلا ممن يحاول إخفاء الشمس بالغربال ، وتضليل المغاربة ، ومحاولة إقناعهم بوهم التغيير، فالبداية مع الفساد كانت مع رئيس الحكومة عندما أطلق العنان للمفسدين عبر "عفا الله عما سلف" ، التي أعطت الإشارة الخضراء لأباطرة الفساد بأن يستمروا في نهب الشعب دون حسيب ولا رقيب ، أما عندما "كملها وجملها " قرر التحالف مع من كان يتهمهم بالفساد ، وخاصة التجمع الوطني للأحرار وفي شخص مزوار بالتحديد الذي قال فيه السيد بنكيران ما لم يقله مالك في الخمر، ومع ذلك فهو حريص الآن للتحالف معه بعد أن قرر حزب الاستقلال الخروج من الحكومة ، ليستوي بذلك المفسد مع من تحالف معه ، لتكون النتيجة هي بقاء الحال على ماهو عليه.

إذن لا عجب أن يتم إقصاء الفقراء ممن لا يدينون بالولاء لحزب معين ، ولا يحملون لونا سياسيا معينا من المساعدات ، ولا عجب أن يسند تسجيلهم إلى مرشحين همهم الوحيد تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب الضعفاء ، ما دام أن الحكومة بزعامة رئيسها المبجل السيد عبد الإله بنكيران قد تحالفت هي الأخرى مع الفساد ،فلا فرق بين فساد هؤلاء الذين يمتصون عروق الفقراء ، وبين فساد الحكومة التي ضربت بكل وعودها عرض الحائط ،واستسلمت للأباطرة الذين عاثوا في بلاد المغرب فسادا.

كنا نتمنى أن يكون هذا العام عاما ديمقراطيا بكل المقاييس ، وعاما منصفا للفقراء خاصة بعد رواية العهد الجديد التي أحيت الآمال في نفوس المغاربة من جديد ، وانتظروا أن تعاد لهم الكرامة ، لكن على ما يبدو كل تلك الآمال المعلقة تحطمت على صخرة صماء بعد أن اكتشفنا أن لا أساس لذلك التغيير المنشود  الذي طالما شنفوا به أسماعنا فالفساد لا زال ينخر بالبلاد والتمييز هو سيد الموقف،  ولا أحد يستطيع أن يثبت ولو انجازا تم تحقيقه على أرض الواقع .