كل شيء ممنوع بما في ذلك الدين

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


رشيد أخريبيش
كل شيء ممنوع في هذا البلد ، الحديث ممنوع ، والكتابة ممنوعة ، والاحتجاج ممنوع ، والتمتع بالحقوق ممنوع ، بل حتى المجاهرة بأن لديك حق في هذا الوطن ممنوع ومن السوء وقد يودي بك إلى ما لا تحمد عقباه ، ثقافة المنع أصبحت طبيعة في دولتنا أينما وليت وجهك ستجد ثمة كلمة ممنوع ، ممنوع عليك دخول الإدارات ، ممنوع عليك دخول المستشفيات حتى وإن كنت محمول على نعشك
، ممنوع أن تثور ضد الظلم والفساد ،ّّ ممنوع أن تسيء للظالم ولو بكلمة مؤدبة ، فممنوع تجاوزت الإدارات والمرافق العمومية لتدخل إلى المساجد ليصبح بذلك المسجد هو الآخر ممنوعا على المغاربة ، ليبقى الشعب دون أدنى حرية تذكر في عهد  ما يسمى بالديمقراطية والحداثة ، وفي عهد احترام الحريات التي نص عليها الدستور المغربي
لم نكن نتوقع حقيقة أننا سنرى أناسا يمنعون من الاعتكاف في المساجد بأمر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وفي ظل حكومة إسلامية كان من الأولى أن تكون سندا لهؤلاء خاصة في شهر رمضان الذي يزداد فيه التعبد ، والاعتكاف في المساجد ، حيث كانت الأجهزة الأمنية قد تدخلت لطرد المعتكفين وأمرت بإغلاق المساجد في خطة ممنهجة لإعلان الحرب على ثوايت المغاربة التي يضمنها الدستور ، وما كان من حكومتنا الغراء التي اختارها الشعب لتوجهها الإسلامي إلا أن تثمن هذا المجهود الذي يتنافى مع دولة الحق التي طالما تظاهروا بها ، ويتناقض مع الدستور الذي يضمن الحرية للمواطنين ، ومع عهد الديمقراطية والتغيير الذي جاء بع ثورات الربيع الديمقراطي
هناك تساؤلات تطرح الآن بعد أن شمرت الحكومة الإسلامية الجديدة عن ساعديها لمحاربة المواطنين المعتكفين بالمساجد ماذا بقي للمغاربة بعد أن طردوا من المساجد ؟ ماذا يمكن فهمه من خلال هذا القرار الذي يطال الناس في بيوت الله التي من المفروض أن تكون بعيدة عن الحسابات الضيقة وعن اللعبة السياسية القذرة ؟ وماذا عن حكومة الإسلاميين الذي لم نر منهم ما يبين أنهم جاؤوا نصرة للمغاربة البسطاء الذين كانوا السبب في وصول هؤلاء إلى الحكومة.؟
ممنوع عليك الاعتكاف في المساجد نظرا لأن مذهبنا المالكي لا يحث على الاعتكاف كما تقول الرواية الرسمية ، هذا جميل ومن الأشياء التي تثلج الصدر وتظهر أن حكومتنا حريصة كل الحرص على تطبيق المنهج المالكي على أحسن وجه ، لكن ماذا عن المقاهي والملاهي الليلية  التي يعتكف فيها المغاربة ألا يحث المذهب المالكي على عدم الاعتكاف فيها ؟ أم أن الاعتكاف في المساجد هو الجريمة النكراء التي تشكل خطرا على الدولة أما دون ذلك فيدخل في إطار الحريات التي من الواجب على الدولة الحفاظ عليها
وكأن حكومة الإسلاميين بهذا القرار الذي يقضي بإعلان الحرب على المساجد تكون قد أبلت البلاء الحسن و أظهرت تقدمها الملموس في ما يخص تقييد الحريات عبر المقاربة الأمنية التي يبدو أن حدتها ازدادت بشكل مخيف بعد الدستور الجديد ، وبعد رواية الإصلاحات التي جاء بها الربيع المغربي
حكومة الإسلاميين التي كانت حريصة قبل وصولها إلى الحكومة على انتقاد مثل هذه الممارسات ، الآن هي في عداد الموتى الذين لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ، بل لا يستطيع هؤلاء أن يتجاوزوا الخطوط الحمر التي رسمها النظام ولا يمكن أن تخرج عن الطريق المستقيم كما يراه المخزن  ولسان حالهم يقول لا موقف لدينا أيها الشعب مما يحدث "حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا" ليحق عليهم غضب الشعب الذي اختارهم لقيادته إلى المستقبل كما كان متوقعا، وحلت عليهم لعنة الديمقراطية التي طالما شنفوا بها أسماع العالمين
وزارة الأوقاف التي غالبا ما تظهر أنها في خدمة الدين أبانت عن نواياها بعد سلسلة من الهجمات على الحقل الديني ، فبعد قراراتها المجحفة في حق الخطباء والتي تقضي بتوقيفهم ، جاءت لتضع النهاية لكل مشكك في نواياها ، وأعلنت أنها بصدد محاربة الدين بعد أن أعلنت الحرب على المساجد هذه المرة
كنا ننتظر من حكومة بنكيران أن تتخذ موقفا شجاعا تجاه وزارة الأوقاف التي استأسدت وأصبحت تتخذ قرارات مجفة في حق المغاربة ضاربة بالقوانين عرض الحائط متجاهلة حقوق هذا الشعب الذي كان يتمنى أن تأتي هذه الحكومة نعمة عليه لا نقمة  ، لكن كل ذلك كان مجرد حلم عابر راود الشعب واعتقد أن ما يروى عنه من مسرحيات هو الحقيقة المطلقة
حكومة عبد الإله بنكيران فشلت في كل شيء ،ماعدا شيء واحد نجحت فيه إلى حد كبير الخداع والمكر واللعب بمشاعر أبناء هذا الوطن الذين باعت لهم الوهم ،ودخلت في عملية التطبيع مع الفساد الذي كانت في البداية متحمسة للحديث عنه ،ّّ وأعطت الإشارة الخضراء للمفسدسن للعبث بما تبقى من أموال الشعب وهاهو الدليل أمامنا لجوء السيد بنكيران إلى التحالف مع من العفاريت والتماسيح التي يبدو أنا أرهقت رئيسنا المفضل واستطاعت بقوتها أن تدخله بحر الفساد دون أن يدري كيف ومتى ، التحالف مع الفساد هو مشاركة في الفساد ومباركة له ، وما أقرب الأمس باليوم عندما كان رئيس الحكومة ومعه ثلة من أصحابه الميامين يندد بالفساد ويتوعد هؤلاء بالمحاسبة عندما يصل إلى الحكومة ، لتأتي الأيام ليتربع على كرسي الحكومة ويقول للشعب أيها الشعب الكريم ما وجدت من حيلة سوى التحالف مع الفساد والمفسدين فاصبروا ورابطوا فإن موعدكم


0 تعليق على موضوع "كل شيء ممنوع بما في ذلك الدين"


الإبتساماتإخفاء