تسابق جزائري مغربي لدعم الحرب في مالي

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
بدأت الحرب في مالي وبدأت فرنسا تشن غاراتها بشكل كبير على الشعب المالي، وبدأ إعلان الحرب على ما يسمى الإرهاب والتي ستكون عواقبها وخيمة على مالي ودول شمال إفريقيا بأكملها .
لا نستغرب أن تشن فرنسا الحرب على مالي لأننا نعرف أن هذه الدولة لديها تاريخ استعماري حافل بالجرائم في حق الشعوب تريد العودة والحنين إليه واسترجاعه، من خلال البوابة المالية لكن الغريب في هذه الحرب أن تفتح الدولة المغربية والجزائرية أجواءهما للطائرات الفرنسية لقصف الأراضي المالية والقضاء على ما يسمونه الإرهاب.
السماح للطائرات الفرنسية بعبور الأجواء المغربية والجزائرية هو اعتراف رسمي من هاتين الدولتين بهذه الحرب وبشرعيتها على دولة مالي ،فالجزائر الدولة التي كانت دائما تعارض التدخل العسكري في مالي والتي سبقت وان أعلنت عن رفضها المشاركة في القوات الإفريقية في مالي، سرعان ما رضخت للإملاءات الغربية وتنازلت عن مواقفها وأعطت الإشارة الخضراء لقوات الناتو بقيادة فرنسا لغزو مالي اما المغرب فلا نفاجأ أن يفتح أجواءه على مصراعيها لطائرات العدو لأنه كان أول من طبل لهذا القرار حيث كان من الدول الأوائل التي قبلت المشاركة بقواتها في ما يسمى قوات حفظ السلام التي من المقرر أن تطأ أقدامها الأراضي المالية بعد تطهيرها من الجماعات المسلحة والتي تعتقد المغرب أنها خطر على أمنها واستقرارها .
ربما يمكن القول أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الدولتان المغربية والجزائرية ستكون لها تداعيات خطيرة على البلدين وعلى أمنهما ،فإن كان المغرب والجزائر ينويان من وراء هذه الخطوة القضاء على القاعدة في المغرب الإسلامي فهذا خطأ لأن الحرب ستزيد رقعتها ولن تكون أيام وتنتهي بل ستكون يمثابة الفتيل الذي سيشعل النار والتي ستكون عواقبها وخيمة لا على الغزاة الذين استباحوا أرض المسلمين ولا على هؤلاء الذين لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا أمام إملاءات الغرب التي تفرض عليهم كالصواعق.
نقول إن الحرب التي بدأتها فرنسا وقوات حلف الناتو وبمباركة دول شمال افريقيا لن تكون سهلة على الإطلاق لا بالنسبة للدول الأجنبية التي لها مصالح تحاول خلق الذرائع بالقاعدة وبالجماعات المسلحة لتحقيقها ،ولا بالنسبة لدولنا التي هدفها القضاء على ما تسميه الخطر الإسلامي فحجم التعاطف مع هذه الجماعات سيزداد وأن هجماتها ستزداد وهذا ما شهدناه بعد التدخل الأجنبي على مالي من حملة الاختطافات التي تقوم بها القاعدة في المغرب الإسلامي في حق الأجانب والتي نعتقد أن وثيرتها ستزداد في الأيام القليلة المقبلة .ولا نستبعد أن تقوم القاعدة بالقيام بعمليات داخل البلدان التي ساعدت القوات الفرنسية للتدخل في مالي ومن تم تهديد الأمن والاستقرار داخل البلدين .
لم يكن لدينا اعتقاد بأن الدولة المغربية التي عانت من اللإستعمار الفرنسي البغيض لأكثر من أربعين عاما حيث ذاق معها الشعب المغربي كل انواع الويلات ستكون طرفا في هذه الحرب ،ولم يكن لدينا أدنى شك في أن الجزائر بلد المليون شهيد التي دأبت فرنسا على إهانته لمدة تزيد عن 130 عاما حيث استعملت كل ما يمكن أن نتصوره في حق الشعب لتأتي الحكومة الجزائرية بعد كل هذا لتفتح أجواءها لهذا العدو لضرب الدولة المجاورة.
كان من الممكن للدولتان المغربية والجزائرية أن ترفضا المشاركة في هذه الحرب التي يشنها الغرب بقيادة فرنسا على دولة تجمعهما بها روابط الدين واللغة والأخوة والتي استباحت دماء أبناءها العزل ،وأن تحاول منع حدوث هذه الحرب التي ستكون خطرا على المنطقة بأكملها .
فالقول أن هذه الحرب ستقضي على الجماعات الإسلامية في مالي والقضاء على ما يسمى الإرهاب هو ضرب من الخيال ،بل على العكس من ذلك فهذه الحرب التي يقودها الغرب بقيادة فرنسا وبمساعدة من دول شمال افريقيا التي مهدت لها الطريق ستزيد الوضع استفحالا ،وسيزيد من تحركات القاعدة التي ستجد فرصة للقيام بالمزيد من العمليات داخل مالي وخارجها ،وما يزيد تخوفنا في ذلك هو أن هناك حديثا يدور حول بعض الجماعات التي أعلنت الجهاد في مالي مما سيجعل الحرب ستطول وليس كما صورها الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحفي الذي اعتبر العمليات العسكرية في مالي ستكون بسرعة هدفها القضاء على الخطر الإسلامي .ولقد صدق الرئيس الفرنسي وصدقت مخططاته نحو ضرب قوة المسلمين أينما وجدوا .
حتى الإعلام المغربي الذي كنا نعتقد أنه بعيد كل البعد عن هذه الحرب بدأ يطبل لهذه الحرب و يحاول إضفاء الشرعية عليها من خلال اعتبار الحرب على  مالي هي حرب من أجل القضاء على ما يسميه الجماعات الإسلامية المتشددة والتي يعتبرها خطرا يهدد السلم والإستقرار في المنطقة مقلدا رواية الغرب التي طالما شنفت بها أسماع العالم كلما قررت التدخل في بلد واحتلاله.
بالرغم من الذرائع التي تستعملها فرنسا لتبرير حربها في مالي إلا أن هذه الأخيرة لها أبعاد عقدية وسياسية واقتصادية وعسكرية تحاول تغطيتها بذريعة الجماعات المسلحة، فالبعد الاول الذي جاءت من أجله هذه الحرب هو عقدي بامتياز تحاول من خلاله فرنسا القضاء على الخطر الإسلامي في المنطقة ، أما البعد السياسي والاقتصادي متمثل في تنصيب حكومة تابعة للغرب وفرنسا في مالي لكي يتسنى لها نهب الثروات كما يحلو لها، وبعد عسكري تسعى من خلاله فرنسا إلى جعل مالي قاعدة عسكرية أبدية لها.



0 تعليق على موضوع "تسابق جزائري مغربي لدعم الحرب في مالي"


الإبتساماتإخفاء