من حق المغاربة أن يحتفلوا بالنصر

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش
بعد هجرتي الطويلة لإعلامنا ولقنواتنا فكرت العودة لأتصالح معها من جديد ،إيمانا مني أنها قد تطورت بعد سنوات عجاف من المهنية ،فتحت إحدى القنوات الإعلامية فوجدت المغاربة يحملون الأعلام في فرحة اعتقدت من خلالها أن شيئا مهما  قد حدث في المغرب، أو أننا حققنا انتصارا تاريخيا ،وبعد تتبعي لهذا الخبر مع قناتنا الإعلامية فهمت أن تلك الأعلام وذلك الهرج وتلك الهتافات كانت بسبب انتصارنا في الغناء .
انتصار يليه انتصار آخر هكذا هو حال إعلامنا المغربي ،الذي علمنا الاحتفال بالانتصارات دوما ،انتصارات ليست على العدو ولا انتصارات لقضايانا الوطنية ولا انتصارات على آلامنا وجراحنا التي لا تندمل ،بل انتصار في الغناء الذي يحقق فيه المغاربة أفضل المراتب عربيا وعالميا بالفعل إنه انتصار وشرف لأبناء الوطن
في الوقت الذي يعيش فيه الشعب المغربي مشاكلا اقتصادية واجتماعية  يندى لها الجبين تجد إعلامنا المغربي مشغولا بأخبار الفن والغناء والموسيقى وإحياء السهرات مع ألمع النجوم الذين يأخذون من قنواتنا الإعلامية حصة الأسد،بل واستقبالهم استقبال الأبطال بعد عودتهم من لبنان والخليج وسط فرحة شبيهة بأسرى الحرب الذين عادوا من سجون العدو.
إعلامنا ولله الحمد لم نشاهد منه سوى ما يفرحنا ويسعد قلوبنا، كلما قررت أن  تشاهد قناة من قنواتنا الإعلامية تنتابك الشكوك ولا تكاد تصدق نفسك أأنت في حلم أم في واقع فالحزن أصبح لدينا فرحا والآلام أصبحت أمالا والإخفاقات جعلوها انتصارات .
إن المتتبع لإعلامنا المغربي ولما يقدمه للمواطن، ربما سيصاب بالدهشة خاصة في ظل إعلام عالمي يحاول إنتاج ثقافة إعلامية هادفة، وفي ظل ثورة إعلامية منقطعة النظير،تحتم على الإعلام مسايرة العصر ومتابعة تلك النهضة والتفاعل معها إيجابا ،فما يقدمه إعلامنا لا يعدو أن يكون مجرد خزعبلات تقدم للمغاربة، أساسها الاستهزاء بعقولهم واللعب بمشاعرهم ،فكيف لا وإعلامنا هو الوحيد في العالم الذي يجعل للأغاني والسهرات الماجنة حصة الأسد .
بعد هذا كله من حق المغاربة أن يتساءلوا عن إعلامهم الذي يدعمونه بأموالهم إلى أي حد يحقق المهنية في مادته المقدمة للجمهور، فالإعلام الهادف والمهني هو الذي يضع شخص المشاهد وثقافته بعين الاعتبار وليس الإعلام الذي يقدم ما يفسد به أخلاق المجتمع وثقافته.
قد نتفق مع الطرح الذي يقول إن إعلامنا المغربي هو إعلام هادف، لكننا  سنطرح سؤالا واحدا عساه يمكننا من فهم هذا الإعلام الهادف، هل يمكن أن يكون الإعلام هادفا في الوقت الذي يعطي لجمهوره ما يخرب به أخلاقه وعلمه وثقافته؟ ربما يكون هذا الإعلام هادفا بالفعل في تخريب المجتمع،هادفا في إشغال المغاربة عن دورهم الحقيقي إزاء مشاكل عدة،هادفا لأنه يسعى إلى تنويم الناس وربما هادفا في توجيهه  نحو اعتناق الأوهام و نشر ثقافة التقليد الأعمى التي من الواضح أن إعلامنا المغربي يروج لها بشكل كبير.
شكرا لقنواتنا الإعلامية التي عودتنا على مشاهدة فقط ما يفرحنا، شكرا لها لأنها دوما تشعرنا أننا لسنا أمام إعلام يعكس صورة بلدنا الذي يعيش أزمات خانقة ،بل صورة الإعلام المغرض الذي هدفه التضليل وإظهار الأمور على غير حقيقتها،خدمة لأهدافهم الخفية التي من الواضح أنها أصبحت ظاهرة للجميع.

0 تعليق على موضوع "من حق المغاربة أن يحتفلوا بالنصر"


الإبتساماتإخفاء