من البوليساريو إلى العدل والإحسان

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش

ما أجمل أن يشاركك الإنسان الحزن ويضمد جراحك في فقدان عزيز عليك، وما أجمل أن يقدم لك رسائل تعزية تخفف بها عن حزنك ، لكن عندما تأتيك رسائل التعزية من جهة تكن لك كل العداء فلا بد لك أن تتوقف وتعيد ترتيب أوراقك المبعثرة.
بعد رحيل الزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان عبد السلام ياسين، وبعد هذا الحدث الذي سيبقى في ذاكرة بعض المغاربة من أتباعه، استغلت جبهة البوليساريو هذا الحدث وأرسلت رسالة إلى قيادة العدل والإحسان الجديدة  تؤكد فيها على مواساتها ومشاركة قيادات و أنصار الجماعة في حزنهم  ،حيث أشادوا بما قام به الشيخ من نضالات وذكروا جميل ما قدم ،خاصة فيما يتعلق بوقوفه في وجه الظلم والاستبداد في إشارة إلى مواقفه من نظام الحكم بالمغرب.
وإن كانت رسالة زعيم جبهة البوليساريو إنسانية  كما فضل قادة الجماعة تسميتها فإنها تحمل في طياتها أكثر من دلالة ،وتطرح أكثر من تساؤل حول مساعي جبهة البوليساريو لإقناع المغاربة بمشروعية حقوقها .
بعد أن ضاقت بها الدنيا بما رحبت، وبعد أن لقي مشروع الحكم الذاتي دعما من العديد من الدول عادت جبهة البوليساريو في محاولة منها إلى استغلال ما يقع في المغرب من أحداث لصالح قضيتها ،حيث تستهدف كل التيارات المعارضة، أو التي لديها ثقل ووزن داخل معترك السياسة فهي تحاول اعتبار أن الصراع ليس صراعا بين الجبهة والشعب المغربي بقدر ما هو صراع مع النظام الذي يشترك فيه الكل هكذا أرادت أن تقول .
ليست هذه هي المرة التي تقدم جبهة البوليساريو على مثل هذه الرسائل ،بل سبق وأن تعاملت مع وفاة الحسن الثاني بنفس الطريقة التي تعاملت بها الآن ،فهذه الجبهة يبدو أنها وصلت إلى الطريق المسدود وبدأت تئن من شدة الخناق الذي ضاق عليها، بعد أن رمت أغلب الدول بمشروعها الانفصالي بعرض الحائط.أخره ما أكدت عليه فرنسا على لسان وزير خارجيتها الذي اعتبر أن فرنسا تدعم الجهود المغربية في ما يخص مشروع الحكم الذاتي .
نحن هنا لا تهمنا تصريحات هذه الجبهة التي عودتنا على مثل هذه الرسائل المغرضة التي  تحاول أن تبين من خلالها للمغاربة، بأنها ضحية للنظام المغربي وأنها تكن كل الاحترام للشعب المغربي ،لكن ما يهمنا هنا موقف جماعة العدل والإحسان من هذه الرسالة ،التي اعتبرت أنها تعاملت معها من الجانب الإنساني وليس السياسي ،لكن هذا الجواب على ما يبدو أو هذا الرد غير مقنع للمغاربة تماما ولا زال يلفه الغموض .
عندما تقول جماعة العدل والإحسان إن الرسالة إنسانية لا علاقة لها بالسياسة فنحن نقول متى كانت جبهة البوليساريو تعرف الإنسانية ومتى كانت قضايا المغاربة وهمومهم تأرق بال هذه الجبهة التي طالما ارتكبت الجرائم في حق المغاربة.
ربما الإنسانية التي حركت جبهة البوليساريو لإرسال هذه الرسالة، هي نفسها التي كانت تتعامل بها الجبهة في مخيم أكديم إزيك عندما كانت تنتقم من المغاربة بطريقة وحشية وبشعة أمام أعين الكاميرات ، ربما الإنسانية التي جاءت بها هذه الرسالة هي نفسها التي تتعامل بها الجبهة مع المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف الذين تتلذذ في تعذيبهم صباح مساء، ربما الإنسانية التي يقصدونها هي نفسها التي طالما لوحت بها عندما تصف المغرب بالبلد المحتل والمغتصب للأرض والذي طالما سخرت إعلامها "المتميز" للهجوم عليه .
كنا ننتظر من جماعة العدل والإحسان التي تعودت الوقوف في وجه الظلم والاستبداد أن ترد على هذه الرسالة التي يراد من خلالها الاستخفاف بمشاعر المغاربة والاستهزاء بهم وأن تبين موقفها من هذه الرسالة، لكن للأسف الشديد لم نسمع أي رد فعل قوي من الجماعة حول هذه الرسالة ،بل على العكس من ذلك فالجماعة قبلت هذه الرسالة بصدر رحب واعتبرتها إنسانية لا سياسية .
اسمحوا لي أيها القراء الأعزاء وبعد هذا الموقف المخجل لجماعة العدل و الإحسان أن أقول الآن فهمنا وطنية الجماعة وفهمنا موقفها من القضايا المصيرية للبلد ، وفهمنا أن الجماعة مستعدة للتحالف مع العدو شريطة أن يكون هذا العدو ضد النظام ومن الواضح أن تجد الجماعة ما تريده في هذه الجبهة إن كانت تفكر بعقلية تغليب مصالح الجماعة وأهدافها على مصالح الوطن .

0 تعليق على موضوع "من البوليساريو إلى العدل والإحسان"


الإبتساماتإخفاء