ماذا بعد مسيرات التضامن مع غزة ؟

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش                                                                                   
جميل جدا أن نرى مظاهرات ومسيرات في العالم العربي تدعم غزة وتندد بالاحتلال الصهيوني الذي شن حربه العدوانية على غزة والتي أدت إلى مقتل حوالي 160 فلسطينيا وخلفت  حوالي 1200 جريحا في زمن لا يتجاوز 8 أيام .لكن بعد هذا الحماس والاندفاع من العالم العربي والإسلامي والذي يؤكد حرص الشعوب والساسة العرب على اعتبار قضية القدس جزء لا يتجزأ من قضاياها ،يمكننا طرح سؤال جوهري ماذا بعض مسيرات التضامن مع غزة ؟
كلما شن العدو الصهيوني حربه على غزة المرابطة إلا وخرج العرب في مظاهرات، تدعو دولة الاحتلال إلى الكف عن جرائمها في حق الفلسطينيين وتطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ أبناء غزة  ، لكن ما إن تمر الأيام ويتوصل الفلسطينيون إلى تهدئة مؤقتة مع العدو الصهيوني إلا وعاد العرب المتضامنون مع غزة إلى ديارهم دون أن يفكروا في مرحلة ما بعد التظاهر .
لا شك أن هذه المظاهرات التي تنظم في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية للتضامن مع غزة لا تغير شيئا من واقع الإخوة الفلسطينيين ،ولن تحد من معاناتهم اليومية مع الاحتلال ،ولن تعيد لهم القدس الذي من أجله هم مرابطون ،بل هي مجرد اندفاعات شعبية صادقة تستعملها الأنظمة والأحزاب للاسترزاق على قضية الإخوة في فلسطين لا أقل ولا أكثر.
غزة بعد الانتصار الذي صنعته سواعد أبناءها الأبطال الذين زلزلوا الأرض من تحت أقدام الصهاينة وبعثروا أوراق أباطرة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام ،حيث لم يكن هذا الانتصار صنيع العرب  الذين عودونا على التظاهر ورفع الشعارات دون أن يتخذوا موقفا جديا تجاه ما يقع في فلسطين.
الفلسطينيون الذين حققوا النصر واستطاعوا أن يغيروا خارطة المنطقة بأكملها لم يحققوا ذلك بالاعتماد على إخوانهم العرب الذين يخرجون علينا دائما بشعارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع .فالتحول الجيوسياسي والإستراتيجي الذي وقع هذه الأيام كان من صنع المقاومة الإسلامية وليس من صنع العرب المعتدلين الذين أداروا ظهورهم للغرب ،وليس من صنع العملاء الذين يسبحون بحمد الغرب صباح مساء.
على مر السنين ونحن ننظم مسيرات ومظاهرات للدفاع عن الفلسطينيين لكننا بالرغم من ذلك لم نستطع أن نخرج بشيء يصب في مصلحة الفلسطينيين ،اللهم إذا كان العويل الذي لا ينفع والنياحة التي لا تغير شيئا من الواقع.
كان على الدول العربية بدل أن تخرج في مسيرات تدعو فيها المواطنين إلى الحضور بكثافة لدعم غزة، أن ترسل جيوشها إلى غزة أو أن تفتح حدودها للمجاهدين من أبناءها فذلك أضعف الإيمان، أما الاقتصار على المسيرات والتنديد بالجرائم فلن يغير شيئا على الأرض ،فالاحتلال مستمر والغرب الذي نطالبه بالتدخل لفك الحصار هو من يدعم هذا الاحتلال ويقدم له المال والسلاح لقتل الفلسطينيين .
فغزة والمقاومة بالتحديد لم تعد تعلق آمالها على العرب منذ زمن طويل بعد أن تأكدت أنهم لا يملكون الاستقلالية التامة التي تجعلهم يتبنون قضيتهم ، وأصبحت تتمنى يوما يكف فيه هؤلاء عن استعمال قضيتهم لتحقيق أهدافهم السياسية.
كل المسيرات التي خرجت للتضامن مع غزة كانت الأحزاب هي من دعت إليها، حيث عرفت حضورا مكثفا لزعماء هذه الأحزاب التي تحاول اكتساب شعبيتها انطلاقا من هذه القضية التي تعتبرها الشعوب العربية والإسلامية جزء لا يتجزء من قضاياها .
هذا الكلام لا يعني أننا ضد كل المسيرات التي يتم تنظيمها للتضامن مع غزة وفلسطين ،بل على على العكس من ذلك فنحن ندعم كل الجهود نحو نصرة أهالينا في غزة ،لكن فقط لنكون صريحين مع أنفسنا ونضع النقاط على الحروف ،ونعيد طرح سؤال حول انجازاتنا تجاه قضية فلسطين الجريحة.
شكرا للمقاومة الفلسطينية التي فرضت نفسها على الساحة وقلبت موازين القوى وأثبتت أنها قادرة على خلق المفاجآت ،و التي استطاعت أن تعطي رسالة إلى الصهاينة والغرب الذي أراد من خلال هذه الحرب التي شنها على قطاع غزة أن تكون استكشافية للتجسس على القوة العسكرية للمقاومة والتي سرعان ما وجد نفسه أمام خصم لا يقهر.مما اضطر للإسراع إلى اتفاق هدنة مع المقاومة بعد أن أحس أن صوراريخ المقاومة أصبحت قادرة على إصابة أهداف إسرائيلية في عقره داره .



0 تعليق على موضوع "ماذا بعد مسيرات التضامن مع غزة ؟"


الإبتساماتإخفاء