إعلام للمخزن فقط

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
رشيد أخريبيش

اسمح لي أيها الإعلام المغربي  أن أطأطأ رأسي منحنيا لجلالك ولمهنيتك الكبيرة التي استطعت من خلالها أن تعبر بها عن رأي المخزن وتتحدث بلسانه العالي ،وأبيت إلا أن ترسخ في عقول المغاربة حب الكذب والتضليل ،وصنعت رأيا عاما تعودت على خداعه حتى في أحول الطقس.
بعد الأحداث المروعة التي وقعت في مدينة الناظور عندما قررت السلطات شن حملة على ما تسميه البناء العشوائي، وقامت بإرغام السكان على إخلاء المنازل حيث استعملت العنف اللفظي والجسدي في حق المواطنين ،وضربت مثالا في الإهانة والاحتقار في صورة تجعلك تتخيل أن سنوات القمع لم تختف  بعد ،بل لا زالت حاضرة وبقوة.لم يكلف إعلامنا المغربي الذي طالما ادعى المهنية والاستقلال عناء نفسه لتغطية تلك الأحداث المؤلمة ،بل اكتفى بوضع غطاء على ذلك عبر برامجه المملة التي تبعث الأمل في شعب فقد الأمل منذ عقود .
ربما نعذر إعلامنا المغربي لأنه لا تهمه قضايا المغاربة ولا مشاكلهم ،ولا يهمه ما يقع من أحداث مؤلمة لأنها قد تفسد فرحة إعلامنا المشغول بإحياء السهرات والليالي الملاح مع نجومه فكيف، يمكنه التعاطي مع مثل هذه الأحداث ،إعلامنا منشغل بتغطية المهرجانات والحفلات والتظاهرات الوطنية والدولية أما ما يحدث من أحداث فلا مكان لها في إعلامنا ما دام أنه مخصص فقط للتضليل وقلب الحقائق وتصوير الأوضاع على زينتها بالرغم من سوداويتها وأن المغرب جنة الفردوس ومواطنوه من أسعد البشر.
لا غرابة إذن من هذه السلبية التي يتعاطى بها إعلامنا مع الأحداث والوقائع لأنه منذ زمن بعيد يمارس سياسة التضليل والكذب في كل شيء ،ومحاولة ترسيخ أفكارالتفائل في عقول شعب خيم عليه الحزن وأصبح رفيقه .

ربما إعلامنا المغربي حريص فقط على أن يقدم للمغاربة كل ما هو جميل وكل ما يبعث الأمل في نفوسهم ويبتعد عن كل ما من شأنه أن يولد الأحزان عندهم ،فلا تسمع سوى ما يبشرك بمستقبل زاهر ، أما الهموم والمشاكل التي تأرق المغاربة فلا وجود لها غلى قنواتنا "الإعلامية" ولا في إذاعاتنا ولا حتى على صفحات جرائدنا الوطنية "المستقلة"، فالإعلام دأب على عدم تفويت الفرصة لتسليط الضوء على ما هو ثانوي وإعطاء الأولوية لما يعود بالنفع على النظام وحاشيته اللذان يحاولان تنويم الشعب بهذا  الإعلام وتغييبه عن الساحة وعن قضاياه المصيرية .
كان المغاربة بعد الحراك الشعبي الذي أدى إلى ما يسميه البعض إصلاحات تاريخية يعتقدون أنهم سيفتحون أعينهم على إعلام مهني عكس المراحل السابقة التي انتشر فيها الإعلام الذي يتقن فن المديح وتزوير الحقائق بشكل كبير،لكن على ما يبدو فالصورة التي كانت قبل الحراك هي نفسها التي نشاهد الآن إن لم نقل أنها تضاعفت بصورة مذهلة .
يبدو من خلال الوقائع وما يراه المغاربة أن إعلامنا بعيد كل البعد عن الإعلام الهادف الذي يتحلى الصدق والذي يجعل من المواطن سلعة غالية يجب احترامها والحفاظ عليها وتقديم لها الحقيقة كما هي دون لف أو تزوير.
كنا ننتظر مع مجيء حكومتنا الغراء ثورة إعلامية تغير من خارطة المغرب وتعيد الثقة والأمل للمغاربة في إعلامهم الذي هجرته الأغلبية والتجأت إلى الإعلام الأجنبي وتركت إعلامنا في عزلة تامة ربما لو لا دعم المخزن له لأعلن إفلاسه منذ عقود ،لكن على عكس ذلك فإعلامنا لم يتغير وقلب الحقائق لا زال موجودا وتزيين الأوضاع زادت حدته ،والتطبيل للمخزن ازداد بشكل غير مسبوق وليس لنا سوى أن نبارك له شرف الانتماء إلى المخزن ونتمنى له مزيدا من التألق في الدفاع عنه.





0 تعليق على موضوع "إعلام للمخزن فقط"


الإبتساماتإخفاء