ماذا حقق الربيع الديمقراطي ؟

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 1

أخريبيش رشيد


يبدو أن سياسة القمع و الهمجية التي نهجتها الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي لم تأت أكلها في زمننا الحاضر،بالرغم من أنها استطاعت أن تخدر عقول الكثيرين، وتصنع منهم أشخاصا انهزاميين ألفوا الاستعباد ،و الركوع للحاكم وألفوا الخوف من التغيير.(التغيير فوبيا)
لكن ما نراه الآن في العالم العربي ,يجعلنا نعتقد أن إستراتيجية التنويم الممنهجة التي نهجتها تلك الديكتاتوريات لم تعد صالحة، أو لم تعد مجدية على الأقل للتأثير على عقول الشعوب فهذه الأخيرة استطاعت أن تستيقظ من سباتها العميق و تعيد الأنظار في سياسة الحكام الذين استعبدوا شعوبهم وجعلوهم قطعانا سهلة للانقياد و الطاعة .كلنا نعلم أن الأنظمة العربية بلا استثناء عبارة عن بياديق في يد إسرائيل وأمريكا، تحركها كيف شاءت .هنا السؤال الذي يطرح والذي أمامه علامة استفهام ضخمة  هو لماذا تكن الديكتاتوريات العربية كل الاحترام و التقدير لأمريكا و إسرائيل والدول الغربية ؟و الجواب سهل لأن أغلب هذه الأنظمة هي من صنائع أمريكا و إسرائيل ،فالدول العربية لا تستطيع أن تتخذ خطوة إلا بعد استشارة أمريكا و إسرائيل .فما الذي يجعل أمريكا في الآونة الأخيرة تتخلى عن عملائها من هذه الأنظمة الديكتاتورية .بعد أن وصل السيل الزبى  بالشعوب العربية وضاقت بها الأرض بما رحبت فهمت أمريكا من خلال هذا الحراك انه لا مناص من التغيير وان أصدقاء الأمس  يجب أن يصبحوا أعداء لتقبل بهم الشعوب الثائرة في وجه الطغاة، وتبدأ أمريكا نفس السيناريو مع الحكومات ما بعد الثورات.نفس السيناريوهات تتكرر ما رأيناه في تونس هو نفسه  ما وقع في مصر ،ثم ليبيا باستثناء سوريا التي لديها علاقة وطيدة مع إيران ،ولذلك المجتمع الدولي لا يريد أن يقحم نفسه في مغامرة غير محسوبة العواقب ولا يستبعد الكثير من الخبراء نشوب حرب عالمية ثالثة في حالة ما إذا قام المجتمع الدولي بتوجيه ضربة إلى سوريا. إذن الثورات العربية( الإسلامية) قطعت أشواطا مهمة فيما يخص الحراك الشعبي لكن بعضها لا يزال يعاني من مسألة الحسم في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية التي تواجه الشعوب بشتى أنواع الأسلحة التي لم تستعملها حتى ضد من اغتصبوا أرضهم، و اغتصبوا أعراضهم ،لكن  استعملوها ضد هذه الشعوب المقهورة، وجعلوا من معركتهم جهادا تحت شعار (فلنتجنب الأخطار حتى لو على حساب الواحد القهار) من المفارقات العجيبة والتي يمكن من خلالها فهم الأنظمة العربية وفهم مدى تقصيرها في حق شعوبها، البعض من هذه الأخيرة لم يستجيب لمطالب الشعب منذ زمن بعيد لكنها في الآونة الأخيرة بدأت بما تسميه إصلاحات .فالبعض منهم تقدم بدستور جديد والبعض الأخر قام بزيادة في أجور الموظفين و البعض منهم جاء بحكومات لم تكن لتصل إلى السلطة لولا شرارة الثورات العربية التي قلبت الموازين ،وجعلت من الشعوب الميتة في نظر الأنظمة الديكتاتورية أبطالا لم يعرف التاريخ العربي لهم مثيلا ،وأربك حسابات من كان ينعت الشعوب بالقطعان ليس هذا فحسب فالأنظمة اعتادت أن تتفنن في تزوير الانتخابات بنتيجة 99،99 في المائة مما لا يدع شكا للتشكيك في نزاهة الانتخابات، الآن بدأنا نسمع عن 45 و50  في المائة ،هذا ما يمكن أن نسميه بداية النهاية لحكام الهزيمة. أن يخفف النظام من كذبه على الشعوب هذا يعني أن النظام تأكد له جليا أن الشعب استفاق من سباته و انه لم يعد قادرا على خداعه وانه يعرف أن نهايته قريبة و ما بالك بتوريث أبناءهم.
الشعوب العربية الثائرة تعي جيدا هذه المحاولات البائسة التي تأتي من أولئك الحكام أنها عبارة عن مسرحيات هزلية يراد من خلالها إسكات الشعوب ومحاولة لتنويم شرارتها و القضاء على الجماهير الثائرة التي لم تعد تتحمل الركوع و الخضوع لمن استعبدها لعقود طويلة ،ولو قدمت هذه الشعوب أرواحها فداء للتغيير وتذوق طعم الحرية.
فالحرية ليست اشباعات تحقق ولا أموالا تهدى وإنما أن يحس المواطن انه يعيش بحرية وكرامة داخل هذه الأوطان لا عبيدا لحضرة السلطان هنا تتحقق الحرية  ويصبح لها مفهومها الحقيقي. فالثورات العربية استطاعت بالفعل أن تكسر جدار الصمت والخوف عند عامة الناس ،التي لم تكن تتجرأ على فتح أفواهها إلا عند طبيب الأسنان ،وما  بالك التجرؤ على الحكام .الثورة في الدول العربية ليست  ثورة سياسة فقط بل هي فكرية أيضا ،الثورات العربية حققت الكثير من المكاسب التي تعتبر أساسية في دفع الشعوب على نبذ الديكتاتورية والظلم وأعطت لهذه الأخيرة الشرعية في مواجهة الأنظمة الغير الشرعية،لكنها لم تستطع أن تكون كما كانت تحلم الشعوب الثائرة ،التي لم تستطع أن تخرج من هذه الثورات ،وكلفها ذلك الكثير من الأرواح .فما نراه الآن في سوريا من تقتيل وذبح وسفك لدماء الأطفال والشيوخ والنساء ،يبين و بوضوح وحشية الأنظمة الديكتاتورية التي لا تعرف الرحمة في التعامل مع مطالب الشعب المشروعة،وتستعمل كل ما تملك من قوة للبطش بهم من أجل عرش لطالما تملقت للغرب من أجله.





1 تعليقات على موضوع "ماذا حقق الربيع الديمقراطي ؟"

صراحة لم يحقق شيئا اللهم غ\ا كان \لك في زيادة الأزمات


الإبتساماتإخفاء