عيد لا مبارك ولا سعيد

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

 رشيد أخريبيش

إذا كان المغاربة والمسلمون بشكل عام في أصقاع الأرض يحتفلون بعيد الأضحى المبارك الذي هو من ديننا الحنيف ،ويفرحون بهذه المناسبة الكريمة التي تعبر عن شعور انتمائنا لهذا الدين الإسلامي الحنيف ،وإذا كان الشعب المغربي تبدو عليه علامات الفرحة والبهجة بمناسبة العيد ظاهريا فإنهم في المقابل يحملون بداخلهم هموما لو حملتها الجبال لربما اشتكت لربها كثرة هذه الهموم ولدعت ربها الفرج القريب.
قد يأتي العيد ويذهب العيد ويستعد المغاربة لعيد جديد وينتظرون عيدا آخر على أحر من الجمر عله يأتي بجديد ويكشف غمهم المستفحل ويعيد أملهم المفقود ،فكم من عيد يا ترى مر على دولنا السعيدة أو بالأحرى على شعوبنا التعيسة وكم فرحنا بقدوم العيد وكم انتظرنا ذلك اليوم الموعود الذي نغتنم فيه الفرصة لننتقم من تلك الأضحية التي كلفتنا أكثر من تضحية ،فهناك من كلفته التضحية بالمنزل وهناك من فضل المغامرة ببيع الأثاث بينما فضل البعض أن يتخذ حلا وسطا يغنيه عن التضحية بالمنزل وأثاثه لشراء أضحية العيد لإرضاء فلذات أكباده حيث يفضل هذا الأخير الاتجاه نحو سلف بنكي يثقل كاهله طوال العام .
بشرى للمغاربة جميعا وخاصة لمن يشنفون أسماعهنا بأحلى عبارات الفرحة والبهجة بقدوم العيد ،كيف يمكن للعيد أن يكون مباركا على المغاربة و80 % منهم يعيشون حياة البؤس تحت خط الفقر ؟|كيف يكون العيد مباركا على المغاربة وهم من أذاقتهم أيادي الغدر مرارة الفقر المدقع على مر السنين ؟كيف يكون العيد سعيدا يا هؤلاء ونحن من تتساقط علينا النوائب والأزمات من كل حدب وصوب ؟كيف يكون العيد سعيدا ونحن من نذرف دموع الألم والحكرة ؟كيف يكون العيد مباركا ونحن من نعاني تداعيات سياسات لا تسر عدوا ولا حبيبا؟
قصة المغاربة مع العيد ليست لحظة وتزول ، بل هي مناسبة مظلمة عند عموم الشعب لا تفارقهم طوال العام ،فلا تمر علينا تلك المناسبة إلا بشق الأنفس حتى نبدأ التفكيرفي مناسبة العام القادم التي بدأ ينظر إليها الشعب المغربي بمثابة كابوس ينتظر تجاوزه عاما بعد عام .
إذن العيد تحول من  سنة دينية يراد من خلالها إحياء شعائر ديننا الحنيف إلى مناسبة تسقط المغاربة في الأزمات وتزيدهم حزنا على أحزانهم ،فكيف تكتمل فرحتنا بالعيد ونحن نتحدى الصعاب وشعبنا بكل أنواع البلايا مبتلى ؟كيف تكتمل الفرحة بهذا العيد ونحن لا زلنا نعيش تحت القيد مكبلين لا نستطيع الحديث ؟كيف تكتمل بهجتنا ونحن من اغتصبت كرامتهم وكبريائهم ؟كيف تكتمل البهجة يا دعاة الفرح والسرور وإخواننا في غياهب السجون بدون وجه حق يعانون ما يعانون من الظلم والتعذيب في سبيل الحرية والرأي .
عيد تلوى العيد ووطننا المغرب كله سراب من الأحلام والأمنيات التي طال انتظارها دون أن تتحقق والتي لا تبشر بغد أفضل على ما يبدو،ففي الوقت الذي كان من الضروري ومن الطبيعي أن يستقبل المغاربة العيد بأجمل عبارات الفرحة والبهجة وتكون بذلك مناسبة تحمل في طياتها عناقيد الأمل السعيد ومشاتل الأفراح ،وحمامة تلوح في الأفق نحو مستقبل أفضل ،يأتي العيد على غير عادته ليجد المغاربة أنفسهم في وحل من المشاكل التي لا تفارقهم واللصيقة بهم أب الدهر.
يمكن القول أننا نحن المغاربة في ظرف على وشك الإعلان عن إضراب وطني عن الفرح والسعادة والبهجة في أيام العيد حتى إشعار آخر،قررنا خوض إضرابا ليس على العيد فقط الذي ننتقم فيه من أنفسنا من أجل الاحتفال به وإنما على جميع المناسبات ما دام أننا لسنا أهلا للاحتفال بها .
قد يبدو هذا الكلام للبعض وخاصة أصحاب الكراسي وعشاق التعويضات الخيالية مجرد كلام لا ينفع ولا يضر مادام أن هذه المناسبة هي فرصة لهم لإظهار ما قد جمعوه من مالهم الحلال الذي ينتظرون إنفاقه على أحر من الجمر،لكننا نقول لهؤلاء الذين ينفقون |أموال الشعب ويفرحون بأموال الشعب ويحتفلون بالعيد على حساب الشعب المغربي فهمنا خدعكم وفهمنا سياساتكم ولم نعد أغبياء إلى درجة يمكنكم فيها استغلالنا .
بعد سنوات من الانتظار وفقدان الأمل التي مر بها الشعب المغربي وبعد احتفالات بالأعياد رغم أنفه التي كلفته التضحية بكل ما يملك من أجل ألا يخرج عن عادة أصحاب الكروش الذين لا يجدون ما يبررون به مخططاتهم الجهنمية سوى إغراق الشعب في أتون الفرح المفبرك والبهجة المزورة ،التي تجعله يغيب عن الساحة ويستمر في سباته العميق .
فالمناسبات والأعياد والأفراح التي كانت تجمع المغاربة بهؤلاء اللصوص قرروا عدم الاحتفال بها والعزوف عنها بغية التبرؤ من هؤلاء الذين يستغلون مثل هذه المناسبات ليرددوا عبارة العام زين المغاربة ناشطين .
بعد كل هذا فلسان حال المغاربة يقول أيها اللصوص هنيئا لكم بهذه المناسبة وطبتم وطابت أموال الشعب التي هي في جيوبكم وتبوأتم عند الله منزلة ،كلوا واشربوا وافرحوا هنيئا بما كسبت أياديكم الملوثة بحقوق الفقراء من الشعب ،   

0 تعليق على موضوع "عيد لا مبارك ولا سعيد"


الإبتساماتإخفاء