أشدانا لشي أوباما

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

رشيد أخريبيش

قد يتفاجأ البعض داخل الوطن أو خارجه عندما يشاهد ذلك الفيديو لوزير التربية السيد محمد الوفا والذي كان يعقد فيه اجتماعا مع بعض الأطر التعليمية والذي  ناقش فيه مجموعة من المشاكل التي يعاني منها قطاعنا التعليمي ،لكن المفاجأة الأكبر والصدمة العظمى هي عندما بدأ سعادة الوزير يقارن بين مدارسنا ومدارس الولايات المتحدة الأمريكية .
لكي يكون كلامنا منطقيا ولكي لا نطلق أحكاما جزافية لا بد لنا من وضع مقارنة بسيطة بين نظامنا التعليمي وبين النظام الأمريكي لنضع القارئ الكريم في صلب الموضوع ولنفهم واقعنا التعليمي الذي بات يطرح أكثر من تساؤل حول مستقبله في خضم تلك التصنيفات العالمية التي تجعله دائما في آخر القائمة .
بالرغم من أن المقارنة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب ستسقطنا في ما لا تحمد عقباه إلا أننا سنحاول الإشارة إلى بعض الفرقات البسيطة التي لا تدع شك لنا لاعتماد مثل هذه المقارنة .لم نكن نعلم حقيقة كيف تجرأ وزير التربية الوطنية ووصف تعليمنا المغربي أفضل من أمريكا وماهي المعايير والأسس التي اعتمد عليها في ذلك الطرح ؟
ربما يكون سعادة الوزير بهذا الكلام لم يطلع على التقرير الأخير لمنظمة اليونسكو الذي صنف التعليم المغربي في ذيل التصنيفات العالمية والتي يعتمد فيها على مجموعة من المعايير منها البنية التحتية والظروف التي يتلقى فيها التلميذ المغربي تعليمه إضافة إلى وضعية الأستاذ .
لا أحد ينكر ذلك الفارق الكبير بين تعليمنا وتعليم الولايات المتحدة الأمريكية التي تصنف في أوائل الدول في المستوى التعليمي بينما المغرب دائما ما يضعونه في الخانة السوداء ويصنف في أواخر الدول ذات التعليم المتدني .
بعيدا عن هذا التصنيف الذي ربما لم يرق إعجاب الكثيرين خاصة من أصحاب القرار الذين طالبوا منظمة اليونسكو للاعتذار عن ذلك التقرير باعتباره يسيء إلى المغرب وإلى المنظومة التعليمية المغربية ككل لا بد من استحضار واقع مدرستنا المغربية التي اعتبرها سعادة الوزير أفضل حالا من مدارس الولايات المتحدة الأمريكية .
ربما لو تحدث  وزير التربية الوطنية عن المنظومة التعليمية وقارن المغرب بدول افريقية لكان أفضل ،لكن بما أنه انتقل بنا بعيدا عن واقعنا وارتفع بنا إلى السموات العلا لا بأس أن نذكر بواقع منظومتنا التعليمية التي لو علم بها أوباما لبكى الدم بدل الدموع ،ولو علم بكلام السيد الوزير لربما استقال من منصب الجمهورية ولربما اعتزل السياسة نهائيا .
لا يمكن الحديث عن المقارنة بين المدارس المغربية وبين المدارس الأمريكية أو بين المنظومة التعليمية الأمريكية وبين منظومتنا التعليمية ، فمدارسنا لا تملك أي مقومات لكي يتسنى لنا مقارنتها بالمدارس الأمريكية فهذه الأخيرة تعاني من مشاكل واختلالات جمة لا يمكن حصرها حتى في العالم الحضري أما في العالم القروي فتلك كارثة كبرى تستوجب منا  وقفة تأمل لفهمها لا أن نقفز عليها وننظر إلى منظومتنا التعليمية نظرة نرجسية كما عهدنا من مسؤولينا وخاصة من وزير التربية الوطنية .
قد يقول البعض إننا بهذا الكلام نشن حملة على وزير التربية في الحكومة الجديدة وأننا أعداء التغيير ،لكننا ندعو هؤلاء إلى أن يتمعنوا جيدا في كلام الوزير الذي سقط على المغاربة مثل الصاعقة فكيف يمكن لنا مقارنة تعليمنا المغربي بالتعليم في أمريكا علما أننا لا زلنا في الحضيض وسط مشاكل لا تبقي ولا تذر؟  من منا يقارن البنية التحتية لمدارسنا الهشة والتي لا تصلح حتى للحيوانات في بعض الأحيان بمدارس الولايات المتحدة الأمريكية المجهزة بأحدث الوسائل والتقنيات الحديثة ؟من منا يتجرأ على مقارنة وضعية التلميذ المغربي  والظروف التي يتابع فيها دراسته والتي يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان بالتلميذ في أمريكا الذي يتوفر على جميع المقومات ؟ كيف يكمن لنا مقارنة ظروف عمل الأستاذ المغربي الذي يعاني الأمرين والذي يفتقر لأدنى شروط العيش والذي ربما يقطع مسافات للوصول إلى تلك المدرسة منهمك الجسد منهمك العقل بأستاذ في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يتوفر على سكن يليق بمستواه والذي يتقاضى أجرا قد يبدو  للبعض خياليا بالمقارنة مع تلك التي يتقاضاه الأستاذ المغربي والذي لا يتعدى أن يكون مساعدة يتلقاها للضحك على الذقون لا أقل ولا أكثر ،إضافة إلى عدم توفر أغلب الأساتذة على سكن يليق بمستواهم لا أقول الدراسي بل فقط المستوى الإنساني الذي يضمن لهم العيش كإنسان لا غير.
لو علم السيد وزير التربية الوطنية بما تنفقه أمريكا على تعليمها لكان ربما قد أصيب بالصدمة ولربما لم يطلق ذلك الكلام، فأمريكا التي تنفق الملايير من الدولارات على منظومتها التعليمية لا يمكن مقارنتها  بالمنظومة التعليمية بالمغرب التي لا زالت تعاني من ضعف الإنفاق وتفضل معالجة تلك الإختلالات بطرق تقليدية لا تواكب متطلبات العصر . لو علم سعادته أن المدارس بالولايات المتحدة الأمريكية مجهزة من كل النواحي من ألفها إلى يائها عكس مدارسنا التي تفتقر لكل شيء  حتى المرافق الصحية التي تعتبر ضرورة لا بد منها هي الأخرى غير صالحة للاستعمال أحيانا  أو غير موجودة في غالب الأحيان .
 ما يمكن فهمه من كلام  الوزير الذي ضرب التعليم الأمريكي بعرض الحائط واختار لتعليمه أن يتبوأ مكانة مشرفة بين دول العالم ، هوأنه  بكلامه هذا يؤكد أن المنظومة التعليمية بالمغرب لا يوجد مثيلها في العالم وأن المغرب هو من يقود القاطرة الآن دون غيره ،وأنه صاحب الريادة بدون منازع، فيا ليت هذه الأحلام تحققت ويا ليت وزيرنا يصنع المستحيل ويا ليتهم توقفوا عن اللعب بمشاعر الشعب المغربي الذي مل من تلك الأسطوانات التي تعاد على مسامعه من حين لآخر.

0 تعليق على موضوع "أشدانا لشي أوباما"


الإبتساماتإخفاء