ماذا يعني قرار الاقتطاع من الأجور

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 1

رشيد أخريبيش

كغيرنا من المتتبعين تفاجئنا بقرار السيد وزير الداخلية المتعلق بالاقتطاع من أجور الموظفين الذين يمارسون حقهم الذي يخوله لهم الدستور والقوانين والمواثيق الدولية ،ولم نكن نعتقد أنه بعد العهد الجديد الذي نادت به الحكومة الجديدة سيتم الإقدام على هذه الخطوة التي تعتبر انتهاكا لحقوق الموظفين بدون منازع.
لعل هذا القرار الذي اتخذه وزير الداخلية امحند العنصر يطرح أكثر من تساؤل حول الحريات النقابية بالمغرب ويحتم علينا أن نقف وقفة تأمل في هذا الأخير الذي سيعيد بنا لا محال إلى الوراء لعقود بعد نضال طويل كلفنا الكثير من التضحيات.
قبل أن يصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة كنا قد عقدنا الأمل في حزب كان دائما ما يرفع شعار التغيير ورفع الظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية وإعطاء المغاربة حقوقهم المشروعة كما هي في الدستور،لكن سرعان ما تبين كل ذلك أنه مجرد مسرحية أراد من خلالها  حزب العدالة والتنمية والنظام بشكل عام إلى تمويه الشارع المغربي الذي كان قد سئم الانتظار ومل من تلك الوعود وكان على وشك الانفجار لولا تلك الخدعة الكبرى التي خطط لها وحالت دون وقوع ذلك وأجلت ذلك التغيير إلى أجل غير معلوم .
ربما يمكن القول أن عموم الشعب المغربي قد انخدع بتلك المسرحيات التي قدمها حزب العدالة والتنمية قبل وصوله للحكومة وربما كانوا يعلقون عليه آمالا كبيرة بسبب تلك البرامج التي قدمها لهم والتي تبينت في النهاية أنها مجرد برامج جوفاء لا تستحق كل ذلك الاهتمام والترقب.
بعد أن أزيل اللثام وبعد  أن سقط القناع فهم الشعب أنه لا تغيير يذكر ما دام أننا لم نرى أيا من تلك الوعود والشعارات بالرغم من مرور أكثر من عام على تنصيب الحكومة الجديدة ،باستثناء القرارات التي ترهق كاهل المواطن المغربي والذي لا يجد حيلة للخروج من ذلك المأزق الذي ضاق عليه وازداد ضيقا مع مجيء حزب العدالة والتنمية،فقرار الاقتطاع من الأجور ليس عبثيا ولا من تلقاء الحكومة الجديدة هكذا بل هو إعلان جديد عن الحرب التي بدأتها الحكومات السابقة والتي جاءت حكومة بنكيران لتكملها متبعة في ذلك نفس الخطوات ، بل هو جزء لا يتجزأ من تلك المؤامرة التي هدفها تضييق الخناق على الموظفين في ممارسة حقهم في العمل النقابي الذي ما فتئ حزب العدالة يتغنى به عندما كان في المعارضة .
 بهذا القرار تكون حكومة السيد بنكيران  قد أقدمت على خطوة غير مسبوقة وخطيرة في نفس الوقت وخرق للدستور باعتبارها الوثيقة الأسمى للدولة والتي تكفل للمغاربة حق ممارسة حقهم النقابي المنصوص عليه في الفصل 29 من الدستور الجديد .
فبعد أن فشلت الحكومة في حوارها مع النقابات الداعية للإضراب أقدمت على هذه الخطوة التي أغلقت أبواب الحوار ووضعت الموظفين أمام خيارين لا ثالث لهما إما الانصياع لشروط الحكومة والتنازل عن الحقوق وإما مواجهة هذه الآلية ذات الطابع الابتزازي والعقابي الذي بات من الواضح أن الحكومة مصرة عليها أكثر من أي وقت مضى .
في الوقت الذي كان فيه المغاربة ينتظرون من حكومة السيد بنكيران أن ترفع  من أجورهم كما جاء في وعودها جاءتنا هذه الأخيرة بقرار الاقتطاع الذي سقط على الموظف العمومي بمثابة الصاعقة التي ستفقده حقه الدستوري في ممارسة حرياته النقابية والتي  ستعيد الصراع من جديد ليطفو على السطح ويعيد فتح ملفات الأزمة بين الحكومة وبين الشعب المغربي .فقرار الاقتطاع الذي لم يجد ترحيبا لا في أوساط بعض  المغاربة إن لم نقل الكل ولا حتى في أوساط بعض الوزراء في حكومة بنكيران والذين يعارضون هذا القرار باستثناء حزب العدالة والتنمية الذي هو متحمس و " حادك" لتنزيله .
هنا السؤال الذي يطرح والذي يجب أن يطرح ما الذي سيأتي به هذا القرار غير التصعيد وصد أبواب الحوار؟  ونحن بدورنا لا نعتقد أن هذا القرار سيأتي بجديد بل يمكن القول أنه كان على الحكومة قبل اتخاذ مثل هذا القرار أن تضع نصب أعينها نتائج هذا الأخير ، وهذا ما يمكن ملاحظته بعد أن تم إصدار هذا القرار،فردود فعل ساخنة كانت قد صدرت عن الموظفين المعنيين الذين وعدوا الحكومة بسنة سوداء وبتصعيد ستكون نتائجه وخيمة على المواطن المغربي بشكل عام .
أمام هذا القرار المجحف من طرف الحكومة والوعيد المشحون من طرف الموظفين نحن مقبلون على أزمة قد لا تمر على المغرب بسلام خاصة وأن هؤلاء الذين لحقهم القرار هم مصرون على استكمال مسارهم النضالي بالرغم من تلك الاقتطاعات التي تطال أجرتهم ويعتبرون أن ذلك الانتقام لن يزيدهم سوى تشبثا بحقوقهم ويرفضون التنازل عنها مهما كلفهم ذلك.
بين هذا وذاك وغيره يمكن القول أننا مقبلون على مرحلة أخطر وأن حكومتنا بهذه القرارت المتتالية والعشوائية تكون قد أشعلت فتيل التصعيد الذي نراه قريبا كي يستعيد عافيته بعد غياب طويل ليعيد رسم خارطة المغرب من جديد.ويعيد ذلك الحلم الذي رواد المغاربة جميعا ،والذي من أجله يسبحون الليل والنهار ،
فنحن لا نستبعد أن يكون هذا الموسم موسما ساخنا بالاحتجاجات بعد أن توالت على المغاربة كثير من القرارات المجحفة والتي كانت الحكومة الجديدة هي السباقة لاتخاذها والتي لا تراعي إلا ولا ذمة في الشعب الذي يطمح إلى معانقة الحرية والتمتع بحقوقه الكاملة دون أي قيود . 

1 تعليقات على موضوع " ماذا يعني قرار الاقتطاع من الأجور"

المشكل من الموظف الذي لا يؤمن بالنضال


الإبتساماتإخفاء