شكرا لكم لأننا أغبياء صدقناكم

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0


أخريبيش رشيد
شكرا لكم لأننا أغبياء صدقناكم

لم نكن نحلم يوما أن ثقافة سير حتى تجي ستواجهنا من جديد في إداراتنا العمومية، ولم نكن نعتقد أن سياسة التماطل من طرف إداراتنا ستبقى على ما هي عليه،خاصة وأننا نعيش مرحلة ما بعد الإصلاحات الدستورية التي جاءت رحمة على المغاربة دون غيرهم في نظر النظام وأذنابه ممن تعودوا الضحك على الذقون واللعب بمشاعر المواطنين المغاربة.
نحن لا ننكر أن هذه الإصلاحات عفوا المسرحيات التي أريد لها أن تروى على مسامعهم ابتغاء مرضاتهم قد نجحت في تمويه الناس وجعلهم يعتقدون أن ما روي وما قيل بعد حراك شعبي كان الحقيقة بعينها ،إلا أن تلك المسرحيات لم تفلح في الاستمرار في تمويه الشعب المغربي الذي يبدو أنه فهم اللعبة بالكامل ،كنا ننتظر أن يكون الربيع المغربي مثيلا للحراك الثوري الذي عاشته الدول العربية والإسلامية والتي استطاعت بموجبه أن تتخلص من ديكتاتوريات  أهلكت الحرث والنسل ،واستطاعت أن تحقق ما كانت تطمح إليه فيما يخص إحقاق الديمقراطية ،لكننا في المغرب وإن كان الحراك في المغرب يختلف عن الثورات الديمقراطية شكلا ومضمونا فإنه حري بنا هنا أن نتساءل عن مدى التزام إداراتنا المغربية بتنزيل مضامين الدستور الجديد الذي جاء استجابة لتطلعات المغاربة ، خاصة وأن الإدارة العمومية المغربية أصبحت مرتعا للمحسوبية والزبونية والرشوة دون منازع .
نحن هنا لا نتحدث عن وقائع سمعناها، ولا عن أحداث وقعت بعيدة عنا ،بل نتحدث عن تجارب واجهناها كما يواجهها الكثير من المغاربة أمام الإدارة العمومية التي لم تتخلص من عقلية التسلط،واستعمال الشطط من طرف  موظفيها في جميع القطاعات بدون استثناء،ناهيك عن الرشوة التي أ صبحت شبه قانونية يدفعها المواطن المغربي مقابل خدمات من حقه ،أهكذا يكون تقريب الإدارة من المواطنين يا سعادة رئيس الحكومة ؟أبهذا يمكن لنا دمقراطة الإدارة المغربية وجعلها في خدمة المواطن .قد نتفق كل الاتفاق مع فكرة تقريب الإدارة من المواطنين،لكن ليس تقريبها في خدمة المواطن بقدر ما هي تقريب لها من أجل العبث بمصالحه،نحن نعرف أن الإصلاح والتغيير ليس بالأمر السهل وليس بالهين، ونعرف أن هناك عقبات تواجه أي إصلاحات كيفما كانت ،ونعرف أن هناك إرث هائل من الفساد الذي استشرى في إدارتنا لكن مع هذا كله بعد حكومتنا الجديدة لم نرى أي بوادر للتغيير الذي أعلنت عنه والذي لطالما تبجحت به أمام المغاربة والعالم عبر وسائل الإعلام الرسمية التي تعودت على تزوير الحقائق وتمويه الناس والعمل بمبدأ "العام زين" خدمة للنظام ومخافة أن تتكشف عوراته ،السؤال الذي يطرح والذي أمامه علامة استفهام ضخمة هو من نصدق؟هل نصدق حكومتنا الجديدة التي دائما ما تصور لنا الأشياء نرجسية ؟أم نصدق واقعنا الذي تكشف أمامنا واستطعنا معرفة ما بداخله من فساد.
بالفعل يجوز لنا القول أن لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك تناقض بين أقوال الحكومة وأفعالها فيما يخص تطهير إداراتنا من الفساد والمفسدين ،وأنه لا أحد يستطيع إثبات إنجازات هذه الأخيرة فيما يخص الإدارات العمومية وعلاقتها بالمواطن المغربي الذي يشمئز عند سماع كلمة الإدارة العمومية ،فالمواطن المغربي لا يستطيع الآن وبعد الإصلاحات الدستورية أن يحصل على خدماته المشروعة من الإدارة المغربية،وما بالك بالحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية التي ينص عليها الدستور المغربي الجديد في فصله السابع والعشرون ،لذلك فالإدارة المغربية اليوم تعيش مرحلة أخطر خاصة بعد أن وصل السيل الزبى واستشعر المواطن المغربي أنه لا تغيير ولا إصلاح كما وعدوه ،وأن عليه العمل من أجل إنقاذ سفينة التغيير التي يبدو انها أوشكت على الغرق .
كيف يمكن للمواطن المغربي أن يثق في إدارته العمومية وهي مكان لسيادة الشخصانية، وتعقيد المساطر والإجراءات الإدارية ؟كيف يمكن له استعادة الثقة من جديد في إداراته علما أن هذه الأخيرة تعج بمظاهر القبلية والزبونية "وباك صاحبي" ؟فالارتقاء بالإدارة المغربية رهين بالقطيعة مع الماضي ،ووضع استراتيجيات كفيلة بوضع الإدارة في قلب الحدث،وآن الأوان لها أن تلعب دورا محوريا في ما يخص عقلنة تدبير الشأن العام لمسايرة العصر ومواكبة التحديات ،أما إن اقتصرنا على نهج سياسة باك صاحبي إضافة إلى المحسوبية وغيرها من المظاهر التي كانت السبب في كل الأزمات التي حلت بإداراتنا ،بل جعلت الإدارة العمومية تخرج عن إطارها العام والذي يصب في خدمة المواطن أولا وأخيرا.
ويبدو جليا أن وعود الحكومة في محاربة الفساد في الإدارات المغربية لم تكن إلا شعارات جوفاء يراد من خلالها للحكومة الجديدة تمويه الشارع وجعله يعتقد أن إداراتنا بخير وأن العهد الجديد كفيل بأن يعيد لنا الثقة فيها ويعيد لها الاعتبار ولخدماتها التي تقدمها للمواطن المغربي ،أما أن تبقى الحكومة المغربية تحمل شعارات كبيرة عنوانها محاربة الفساد والمفسدين دون أن يكون لذلك أي تطبيق على أرض الواقع ،فلا يمكن الحديث عن الإدارة المغربية وعن تقريبها من المواطن ودمقرطتها من أجل أن تكون قبلة لزرع روح المواطنة  وزرع ثقافة حب الوطن

0 تعليق على موضوع "شكرا لكم لأننا أغبياء صدقناكم"


الإبتساماتإخفاء