الكاتب رشيد أخريبيش: إحذر جبني أ يها الحاكم

لم أكن يوما أحلم أنني سأعترف يوما بالجبن، ولم أكن أعترف أن شفتاي ستنطق يوما بهذه الكلمة التي لم تكن موجودة في قاموسي للتعامل مع الأخر الذي يظهر أنه يتلذذ بها عندما يسمعها تخرج من لساني ،لكن وبعد هذا الوقت الطويل قررت أن أكسر جدار الصمت القاتل لأعلن للحاكم أنني جبان حتى النخاع أكثر من أي وقت مضى .

فبما أني جبان وقد أعلنتها للملأ فقد قررت أن أقدم لك أيها الحاكم كل الولاء والطاعة ،أقدم لك الولاء وأفديك بدمائي التي طالما سفكتها ، وأفديك بمالي الذي طالما حرمتني منه وأرفع رأسي إلى الأعلى كي تقطعه إربا إربا فداء لك وفي سبيل أن تكتسب هيبتك .

أيها الحاكم البطل بما أنني جبان فأنا مستعد أن أبذل كل ما في وسعي من أجل أن أسعدك وأحقق أمنياتك، مستعد لأن أتنازل عن حقوقي كاملة من أجل أن تبقى أنت صاحب الحق الوحيد،مستعد أيها الحاكم ان أصبر عن الفقر من أجل غناك ،ان أصبر عن الجوع من أجل أن تحقق إشباعك ،مستعد أيها الحاكم أن أمشي حافي القدمين من أجل أن تملك حذاء تدوس به على وجهي ،بما أني جبان لن أتدخل في شؤونك كما لا أتدخل في شؤوني أيضا التي ضيعتها والتي أدعها لك لتفعل بها ما شئت ،أيها الحاكم لن أسارع الزمن للإطاحة بك ،لن ألتف  حول المعارضة للكيد بك .

أيها الحاكم أنا لن أبكي على سنوات حكمك القمعية،لن أتوانى في تقديسك بل والركوع لك ،أيها الحاكم أنا الأول في صفوف الحرب لأقتل كي تبقى حيا تعبث فينا وتنعم بالحياة الكريمة ،بما أنني جبان أيها البطل سأختار العيش في الأكواخ بلا أدنى كرامة في سبيل أن تنعم أنت بحياة القصور،أيها المحبوب الذي يملك قلوب الملايين كرها ،نحن فداك بالروح والدم أيها الفارس المغوار لا تكترث  بمن يوهمك أن نهايتك قريبة ولا بمن يزرع في قلبك الخوف بشعار التغيير،أيها الحاكم أنت الزعيم الأبدي فلا تبتئس بمن هو ضدك ولا بمن هو خارج عن سربك .

أيها الحاكم أنا اخترت العيش في الذل في سبيل أن تصان كرامتك، أيها الحاكم دمر بيتي واقصف قريتي واستبح دمي عسى تحقق مبتغاك ،واستعمل كل ما يضمن لك البقاء في السلطة ولو على حساب شخصي .لكن مع كل هذا احذر جبني أيها الحاكم فأنا أخشى أن يكون هذا الجبن كله مجرد حلم  يراودني في نومي وليس الحقيقة كما تظنها أنت وأخشى أن أكون أيها الحاكم أول من سيزلزل بك الأرض ،وأخشى في النهاية أن أكون أول من يعد لك حبل المشنقة وأقدمك ككبش فداء لكل الأحرار الذين ينتظرون أفولك على أحر من الجمر.