الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0



حزب المصباح والضوء الخافت
أخريبيش رشيد

كان أمل المغاربة قاطبة أن يضيء المصباح الذي بذلوا الجهد من أجل أن يخرجهم من الظلمات التي عانوا منها لعقود طويلة بسبب سياسات حكومية لا مسؤولة التي أهلكت الحرث والنسل وأعادت بنا للوراء لقرون بلا حياء ولا أسف ، حتى جاء حزب العدالة والتنمية الذي لولا مجموعة من المتغيرات والعوامل التي ساعدته لما استطاع أن يتربع على كرسي الحكومة،فظن الكثيرون أنه المخلص الوحيد للمغاربة من الظلم الذي استشرى في وطنهم ،فقدموا له كل ما يملكون عسى أن يكون عند حسن ظنهم ،لكن يا للأسف ويا للحسرة فهذا المصباح الذي انتظرناه لكي يزيل الظلام والظلم على المغاربة هو الآخر انطفأ نوره في الطريق قبل أن يحقق ولو هدفا من أهدافه التي وعد بها الشعب المغربي، ليفاجأ في الآخير ومن دون سابقة إنذار أن كل آماله تحطمت على صخرة صماء إسمها خدعة حزب المصباح السياسية.
من  الغريب أن نسمع اليوم حزب العدالة والتنمية يتحدث عن أمجاد حزبه،ومن الغرابة أيضا أن نسمع عن بطولاته التي حققها الحزب بعد أن وصل إلى سدة الحكومة ،فحزب المصباح بدأ يتحدث على أنه نجح إلى حد ما في مساره الحزبي ،قد نتفق كل الإتفاق مع هذا ونقول نعم إن حزب العدالة والتنمية نجح بالفعل في خلق المآسي والأحزان للمغاربة،قد يكون ذلك التوفيق هو زمرة من القرارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تهدف إلا لاستفزاز المغاربة ،قد نتفق مع حزب المصباح أنه أطفأ النور على المغاربة وجعلهم في ظلمات لا يبصرون.هل نفهم من سعادة الرئيس أن المغاربة ومنذ صعود حزبه مطمئنون لسياستهم وأعادوا الأمل الذي فقدوه ؟
كثير هي زلات حزب العدالة والتنمية وكثير هي أخطاء من يمثلونه في الحكومة ،والتي انكشفت في الأيام الأخيرة وبدأت تظهر للعلن ،خاصة بعد أن صدرت مجموعة من القرارات واحدة تلوى الأخرى والتي ربما  لم يكن السيد بنكيران يحسن التعامل معها لكي لا يلقى سخط الشعب المغربي،الذي يوجه له سهام النقد القاتلة، فحزب العدالة والتنمية لا زال متجاهلا لشعبيته التي وصلت إلى الحضيض ولا زال يدافع بأطروحات واهيه على أن الشعب المغربي تفهم تلك القرارات وقبلها بصدر رحب،لأن لا خيار أمامهم سوى التضحية بالشعب وبآماله بدل التضحية بالدولة هكذا يقولون، بهذا الكلام يمكن لنا القول  أن حزب العدالة والتنمية الذي ضمه المغاربة بين أحضانهم وقدموا له المساعدة حتى وصل إلى  الحكومة هو يتحرك الآن في منحى خطير ويؤسس لدكتاتورية حكومية لم يشهد لها تاريخ المغرب مثيل .
كل منا يعرف مدى الحرص الشديد الذي كان عند حزب المصباح فيما يخص الحقوق والحريات ،لكن بعد وصولهم إلى الحكومة أصبح حق التظاهر عندهم والإعتصام جريمة يعاقب عليها القانون، وأن الحرية في نظرهم مشروطة بقواعد،ليستمر القمع والظلم في حق المعطلين الذين يطالبون فقط بحقوقهم لا غير،وفي حق كل المتظاهرين من أبناء هذا الشعب الذين ضاقت بهم الدنيا بما رحبت ،دون أن نسمع عن أي تصريح من هؤلاء أو إدانة لتلك الأعمال التي تقمع الإحتجاجات السلمية التي لم تصل إلى حد يمكن إستعمال فيه تلك القوة التي تجعلك تتخيل أن قواتنا ذاهبة إلى جهاد أو حرب ضد العدو،وتناسوا أن ذلك قد يعيد الربيع المغربي إلى الحياة من جديد وهو المخرج الوحيد للمغاربة لإسترجاع حقوقهم التي ضيعت ،وإسقاط الفساد ورموزه وتقديم إلى العدالة كل من سولت له نفسه التطاول على المغاربة وعن حقوقهم وحرياتهم .فالسيد رئيس الحكومة لا يفوت فرصة في كل المناسبات إلا ويعيد لنا نفس السيناريوهات القديمة الجديدة التي لا تنفع ولا تضر والتي يتحدث فيها عن إنجازات الحكومة الجديدة التي يعتقد أن الشعب المغربي سهل تمويهه وسهل لكي نترجم له ذلك الفشل نجاحا ،لكن ربما لم ينجح حتى هذه اللحظة ولن ينجح لأن الشعب المغربي أكبر من أن يستخف بأبناءه ،وأكبر من أن يتم اللعب بعقولهم ولا يقبلون أن يلدغوا من الجحر مرتين كما يقال.
على ما يبدو أن كل تلك البرامج التي جاء بها حزب المصباح لم تعد موجودة حتى في أجندة الحكومة على الورق ولم نعد نسمع عنها إلا عندما نعيد النوستالجيا إلى أقوال السيد بنكيران ورفقاءه في الحزب والحكومة ،لنقارن أو لنقف عما قيل وما يقال الآن لنفهم جيدا أن من كان مفخرة لكل المغاربة أصبح على ما يبدو مسخرة ،وأن من حسبناه حريص على مصلحة الشعب غير قادر الآن التفوه ولو بكلمة ضد ما يرتكب في حق الشعب ،ولا يستطيع أن يخطو ولو خطوة إلا باستشارة من الوجوه القديمة الجديدة التي تسعى إلى إعادة نفس السيناريوهات من أجل إعادة تمثيلية سياسية شبيهة بالتي قدموها للشعب على مر السنين ،من هنا يمكن القول أن على حزب العدالة والتنمية وعلى السيد بنكيران أن يعيد الأنظار في سياسته التي تتناقض مع وعوده التي قدمها حزبه ، ويضع نصب أعينه أن أغلب الشعب المغربي لم يعد كما كان قبل الربيع الديمقراطي،وأن نظرته إلى السياسة تغيرت بشكل لا يتصور ليبقى الإختيار للسيد عبد الإله بنكيران إما المغامرة بالفاسدين والقطع معهم وإما القطع مع الشعب وهذه بلا شك ستكون خسارة أكبر وضربة قوية للحكومة الجديدة ولحزب العدالة والتنمية.

0 تعليق على موضوع " "


الإبتساماتإخفاء